الأولى و الأخيرة

بالرغم من موقعها الجغرافي وشهرتها الواسعة

كيف تحولت حلوان من مشتى عالمي إلى منطقة عشوائية؟

موقع الصفحة الأولى

حلوان من المدن التي سيتفاجأ البعض أنها كانت من أفضل المشاتي في مصر، وبالرغم من أن مصر تمتلك مزارات سياحية عريقة، إضافة إلى كونها مشاتي يلجأ إليها أغلب الناس في فصل الشتاء، إلا أن المسافة التي تقع بين القاهرة وهذه المزارات تكاد تكون طويلة، ولكن مدينة حلوان كانت تتميز بأنها على بعد كيلومترات قليلة من القاهرة.

تعتبر حلوان واحدة من أقدم مدن مصر الراقية القديمة على شاطئ النيل، التابعة لحي حلوان بمحافظة القاهرة، وكانت حلوان في الأصل مدينة فرعونية يرجع تاريخها إلى عصر القدماء المصريين، ومن أسباب شهرة مدينة حلوان وجود العيون الكبريتية، والتي كانت سبب تحقيق شهرة كبيرة وواسعة لمدينة حلوان، وجعلتها من ضمن المناطق السياحية في العالم.

ولكن بالرغم من ذلك أصبحت حلوان من المناطق العشوائية في مصر، ويرجع ذلك بحسب ما تردد في الثلاثينات إلى إن السبب وراء عدم تنميتها كمشتى فريد من نوعه ووجهة سياحية من الدرجة، هو تأمر المستثمرين الأجانب الذين بنوا ضاحيتي المعادي ومصر الجديدة حتى لا تبرز كمنافس قوي لهم، كما أن هناك بعض المؤامرات التي حكيت من بعض المستثمرين في هذا الوقت.

سبب تسمية حلوان بهذا الاسم 

اختلفت الآراء حول تسمية حلوان بهذا الاسم، فهناك رواية تقول إن حلوان سميت بهذا الاسم من أكثر من سبعة آلاف سنة، وقد ذكر ذلك في حجر رشيد باللغة الهيروغليفية على أنها مدينة الشمس والهواء، كما أطلق عليها الفراعنة "عين آن"، وذلك لأن كلمة عين تعني عيون المياه الكبريتية والمعدنية الموجودة فيها، أما كلمة "آن" تعني بالمصرية القديمة كلمة "سمكة".

 وهناك رأي آخر بحسب ما جاء في الخطط التوفيقية لعلي مبارك، حيث أن اسم حلوان أطلق على ثلاث مناطق في العالم، الأولى "مدينة خراسان" في نيسابور، والثانية في العراق، أما حلوان في مصر سميت على اسم "حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة"، إذ حصل عليها من أحد الملوك فسميت باسمه.

كيف اكتشفت العيون الكبريتية

وبالرغم من أن حلوان من المناطق المصرية القديمة، إلا أنه تم اكتشاف العيون الكبريتية في العصر الحديث، وخاصة في عهد عباس باشا والي مصر، عندما أصدر الأوامر لجنوده بأن يعسكروا بجانب أطلال حلوان وكان كثير من هؤلاء الجنود مصابين بالجرب.

 وبالصدفة عندما اغتسل أحد الجنود المصابين بالجرب فى أحد العيون الكبريتية المنتشرة فى تلك المنطقة  فشفي من مرضه وانتشر الخبر بين باقى الجنود الذين اغتسلوا من نفس العين فشفوا من الجرب، وعندما وصل أمر تلك العيون لعباس باشا أمر بتجديد بناء الحمامات التى تحوى تلك العيون ولكنه قتل قبل أن يحقق أي شيء، لذلك لم تحدث أي تغييرات على وضع حلوان خلال عهد الخديوي سعيد إلى أن تولى الخديوي إسماعيل حكم مصر.

بدأ الخديوي إسماعيل في الاهتمام بعيون حلوان الكبريتية وجوها الجاف، فبنى الحمامات القديمة، كما أقام فندقا تحول في ثلاثينيات القرن الماضي إلى مدرسة ثانوية للبنات، وقام ببناء خط سكة حديد يبدأ من ميدان القلعة لتوصيل حلوان بالقاهرة، وفي عام 1868 قام بإرسال بعثة من الأطباء لدراسة مياه حلوان الكبريتية وجوها الجاف، وعمل أيضا على توصيل حلوان بالقاهرة بخط سكة حديد يبدأ من ميدان القلعة وأمر في عام 1868 بإرسال بعثة من الأطباء لدراسة مياه حلوان الكبريتية وجوها الجاف، وكانت نتائج تلك الدراسة  أن مياه تلك العيون نافعة لجميع الأمراض التي يحتاج علاجها إلى مركبات كبريتية ومنها الأمراض الجلدية.

تطوير حلوان

قام الخديوي إسماعيل بإنشاء الفنادق والمباني الجديدة في حلوان لتكون مشتى على مستوى عالمي، كما أنه أنشأ عام 1873 لوالدته قصراً قرب النيل، وقد هدم في العشرينيات من القرن الماضي وكان مكانه بالقرب من عزبة الوالدة باشا، وخلال زمن قياسي تم تعمير القسم العربي من حلوان.

 وتهافت الجميع على السكن في حلوان التي بدا أنها ستكون وجهة سياحية مهمة في مصر، وساعد على ذلك أن الخديوي إسماعيل كان يمنح الأرض مجاناً لمن يطلبها بشرط أن يعمرها، كما أن الخديوي فضل  الإقامة في حلوان، ولهذا أمر ببناء قصر لإقامته هناك، مما أدى إلى تشجيع ذلك كبار الشخصيات على بناء منازل وقصور لهم بحلوان.

لم يكن الخديوي إسماعيل من عمل على تطوير حلوان فقط، بل قام السلطان حسين بعد ذلك بإنشاء فندق الحياة، والذى كان أهم فنادق المدينة لسنوات ثم تحول إلى مستشفى بعدها وصار اليوم أطلالاً، كما أنشأ السلطان حسين مسجداً ضخماً بالمدينة أسماه مسجد توفيق وألحق به مدرسة لتعليم القرآن والقراءة والكتابة. 

ولكن تراجعت أهمية حلوان كمشتى عالمي ونقطة جذب لإنشاء منطقة عمرانية جديدة عالية المستوى، كما هو الحال فى هليوبوليس ويقال إن السبب وراء ذلك هو الخوف أن يؤثر نموها على أهمية مصر الجديدة كضاحية راقية على أطراف القاهرة.

وفى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تطورت حلوان كثيراً، حيث أمر بكهربة خط حلوان لتحسين نوعية وسيلة المواصلات الرئيسية المؤدية للمدينة وربطها بشكل سريع بالقاهرة، كما أنشأ العديد من المصانع حول المدينة حولت المنطقة أحد أهم المراكز الصناعية في مصر، ولكن تراجعت الأهمية السياحية لتلك المدينة وتدهورت بيئتها اليوم فلم تعد حلوان ذلك المشتى العالمي المميز، بل ضربتها العشوائية في مقتل ولم يتبق من معالمها القديمة سوى بعض المنازل والفيلات التي يتأكل عددها يوماً بعد يوم كما تظهر لمحة من ماضيها المزدهر في تخطيط شوارعها المتقاطعة مع بعضها البعض.

تم نسخ الرابط