لم يكمل 100 يوم في الرئاسة..
المظاهرات تجتاح أمريكا في 50 ولاية اعتراضا على سياسات ترامب الاقتصادية والصحية

لم يمض 100 يوم على ولايته الثانية، حتى انطلقت المظاهرات الأولى المعارضة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 50 ولاية أمريكية، احتجاجاً على سياساته التي وصفها المحتجون بالتدميرية والتي تسعى لهدم الولايات المتحدة ونسف علاقتها الخارجية، بالإضافة إلى تدميرها لبرامج الرعاية الصحية الفيدرالية والعاملين في الحكومة.
وأكد المحتجون أن ما فرضه ترامب من الرسوم الجمركية التي دخلت حيز التنفيذ أمس السبت، ستسبب في المزيد من النتائج السلبية على الأوضاع المعيشية لملايين الأمريكيين من جراء ارتفاع أسعار السلع.
وبادر منظمو الاحتجاجات، قبل أن تبدأ، إلى خفض سقف توقعاتهم حول حجم المشاركين فيها، في ظل مناقشات تدور حول المتغيرات التي يشهدها المناخ السياسي، منذ فوز ترامب وحزبه الجمهوري بانتخابات 2024.
وفيما يحاول المنظمون توجيه رسالة يقولون إنها تجذب مجموعة متنوعة سياسياً من الأمريكيين، غير أن اللافت أيضاً هذا العام أنه، وخلافاً لتظاهرات عام 2017 والسنوات التي تلتها في ولاية ترمب الأولى، فقد حلّ سياسيون وقادة عماليون ومنظمون سياسيون محل نجوم هوليوود بوصفهم متحدثين رئيسيين.
ومع أن احتجاجات السبت نُظّمت تحت شعار «ابتعدوا عنا!» من قبل منظمتي «أنديفيزيبل» (ضد التقسيم) و«موف أون» (استمر) والعديد من المجموعات الأخرى التي قادت الاحتجاجات حول حقوق الإجهاض والعنف المسلح والعدالة العرقية خلال إدارة ترمب الأولى، لكن المنظمين قالوا إنهم يعملون الآن مع 150 شريكاً محلياً ووطنياً للتأكيد على رسالة جديدة؛ مفادها أن الرئيس ترمب يهدّد الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والتعليم، مما يجعل الحياة أكثر صعوبة على المواطن الأمركي العادي، بينما يستفيد منها أغنى أصدقائه.
وبحسب المنظمين، أعرب نحو نصف مليون شخص ممن سجلوا أسماءهم عن نيتهم المشاركة في مسيرات السبت في الولايات الخمسين كلها، وهو رقم بالكاد يقترب من عدد الذين شاركوا في المظاهرة النسائية التي جرت في العاصمة واشنطن في اليوم التالي من تنصيب ترامب عام 2017.
وأشار المنظمون إلى أن نتائج انتخابات 2024 تتطلب أساليب معارضة مختلفة. ففي عام 2017، اعتقد العديد من معارضي ترمب أن فوزه كان مجرد صدفة غير متوقّعة، لذا تمثلت استراتيجيتهم في التشكيك في شرعية رؤيته لأميركا. لكن بعد فوزه بالتصويت الشعبي العام الماضي، في سابقة نادراً ما كانت تسجل لرئيس جمهوري، بات لزاماً عليهم التفكير في أسباب هذا التغيير.
صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن إيريكا تشينويث، عالمة السياسة التي تدرس الحركات الاجتماعية والمقاومة السلمية، قولها: «كانت الاحتجاجات التي جرت في عهد ترمب الأول فعالة على المدى القصير. ولكن على المدى الطويل، ما لم يكن هناك نوع من الهزيمة السياسية المدوية، فإن حركات مثل حركة ترامب قادرة على إعادة تشكيل نفسها، وفي هذه الحالة، الفوز».

عصا نابليون
تشير أغلب الانتقادات الموجّهة للديمقراطيين إلى أن مواجهة سياسات ترامب كانت لا تزال تدور في أروقة المحاكم، بدلاً من أن تكون قائمة على البرامج السياسية، وفي الأشهر الأخيرة، تصاعد الخلاف والتوتر حول دور القضاء في وقف الأوامر التنفيذية للرئيس.
وفيما دافع الديمقراطيون عن القضاة، هاجمهم الجمهوريون بشدة، وخصوصاً ترامب الذي دفع بقوة مقتبساً من نابليون: «من ينقذ بلاده لا ينتهك أي قانون. إذا كان الرئيس المنتخب هو تجسيد لإرادة الشعب، فلماذا تُقيّد المحاكم سلطته؟».
ورغم أن السياسات التي اتخذها ترمب مع إيلون ماسك، واعتبرها البعض «عدوانية»، من جرّاء عمليات الترحيل الجماعية والتحقيقات وخفض الموظفين الحكوميين وتمويل الجامعات، قد ساعدت في كبح جماح المعارضة، غير أن الرهان بات منعقداً على نوعية المشاركين في احتجاجات السبت، وعمّا إذا كانت ستشمل طيفاً واسعاً ومجموعات متنوعة من الناس في الولايات الحمراء والزرقاء لمناقشة كيفية تغيير ترامب للبلاد.
تفاصيل الاحتجاجات
وكان المحتجون قد احتشدوا مساء أمس السبت، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل في جميع أنحاء العالم، ضمن مظاهرات منسقة تحت شعار "ارفعوا أيديكم" ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزارة كفاءة الحكومة التي يرأسها حليفه إيلون ماسك، وتجمعت الحشود في البرتغال وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة والمكسيك وكندا.
وفي أمريكا، خرج المتظاهرون ضد سياسات ترامب وماسك في بوسطن، وأتلانتا، وواشنطن، وشيكاغو، وفيلادلفيا، ونيويورك، وكولورادو، ونيوهامبشاير، وأريزونا، وماين، وغيرها.
ومن المتوقع تنظيم أكثر من 1400 احتجاج في جميع الولايات الخمسين، بتنظيم حركة مؤيدة للديمقراطية ردًا على ما وصفه المنظمون بـ"الاعتداء على الحقوق والحريات الأمريكية".
وتنظم احتجاجات "ارفعوا أيديكم" الجماعية في عواصم الولايات، والمباني الفيدرالية، ومكاتب الكونغرس، والحدائق، وقاعات المدن في جميع أنحاء البلاد، وفقًا للمنظمين.
ويقول المنظمون إن لديهم 3 مطالب: "إنهاء سيطرة المليارديرات والفساد المستشري في إدارة ترامب؛ ووقف تقليص التمويل الفيدرالي لبرنامجي تمويل الخدمات الطبية (ميديكيد) والضمان الاجتماعي وغيرهما من البرامج التي يعتمد عليها العمال؛ ووقف الهجمات على المهاجرين والمتحولين جنسيًا وغيرهم من المجتمعات".