استقبل اتحاد المؤرخين العرب 400 ورقة بحثية فور إعلانه تنظيم مؤتمرًا دوليًا بعنوان "فلسطين عبر العصور" خلال الفترة 27-28 / 11 /2024.
ولكن اللجنة العلمية للمؤتمر قد استقرت على اختيار 32 ورقة بحثية فقط من بين هذا العدد الكبير من الأوراق التي تقدم بها أصحابها، والتي دلّت جميعها على حُب فلسطين ومناصرتها في محنتها، وإحياءً لقضيتها حتى لا تموت، وهذا هو أقصى ما يمتلكه الباحث الأكاديمى، حيث البحث والقراءة وكتابة الأدلة والبراهين، والردود على الافتراءات والأكاذيب، من أجل التدليل على ملكية شعب فلسطين لأرضه وأنه هو صاحب الحق الوحيد في أرض فلسطين وليس سواه، وأن المحتل الإسرائيلي ما هو إلا مُغتصب وعدو غاشم.
صورة اليهود في الأدب القديم
وقد اتفقت اللجنة العلمية للمؤتمر على استبعاد موضوعات الأوراق المكررة والتي لن تقدم جديدًا، وهذا ما جعلها تكتفى بهذا العدد القليل من الكثير الذى تقدم به باحثون من شتى دول المنطقة العربية وفى جلسة ترأسها أ.د/ عبدالواحد النبوى وزير الثقافة الأسبق وشارك فيها باحثون من السعودية والأردن والجزائر ومصر، كانت هناك ورقة بحثية مصرية من بين تلك الأوراق بعنوان الشخصية اليهودية الإسرائيلية ومُعاداة البشرية فى الأعمال الأدبية الكلاسيكية، وقد تعرض فيها الباحث بالدراسة لستة وعشرين كاتب كلاسيكى من اليونان وروما القديمة، تحدثوا جميعهم عن اليهود وديانتهم خلال الفترة منذ القرن الخامس قبل الميلاد وحتى القرن الثانى الميلادى، بداية من أبو التاريخ هيرودوت اليوناني ونهاية بيوسيفوس، أو جوزيف ابن متاتيا اليهودى، ومرورًا بأرسطوطاليس ودايدورورس وفارو وشيشرون وتاكيتوس، وغيرهم من الأدباء اليونان والرومان الأقدمين، والذين من خلال فحص أعمالهم، استطاع الباحث عرض صورة شاملة لليهود من حيث أصلهم وسبب تسميتهم باليهود وأين استقروا وإلى أين تم طردهم وتشتيتهم بسبب اجتماعاتهم وتجمعاتهم السرية والتي كانت تهدف دومًا لإثارة الفوضى والاضطرابات بين الأمم والشعوب المختلفة قديمًا.
كما تعرض الباحث للحديث عن عادات وتقاليد اليهود المختلفة والتي كانت محلًا لسخرية وتندر الأدباء الكلاسيكيين على تلك العادات الاجتماعية والدينية الغريبة والشاذة على المجتمعات اليونانية والرومانية القديمة. وتعرض الباحث أيضًا لِما سجّله الأديب اليوناني هيكاتايوس المليطى، خلال القرن الرابع قبل الميلاد، عن اليهود، وقد أظهر الباحث أن هيكاتيوس المليطى كان أول من وصف اليهود بأنهم أُمة مُعادية للبشر، وإلي هيكاتايوس هذا يعود الفضل في ابتكار هذا المصطلح الوصفى الناجز لليهود، وتسائل الباحث لنا أن نتخيل ماذا كان يفعل اليهود قديمًا حتى يستفذوا هذا الكاتب بأفعالهم ويرى فيهم أنهم أمة أو شعب مُعاديا للبشر "ميثأنثروبوس".
طرد اليهود بين الماضي والحاضر
وبعد استعراض الباحث كافة نقاط البحث فقد رأى أن يهود اليوم هم أنفسهم يهود الأمس، وليس الأمس البعيد جدا ببعيد، فيهود اليوم هم أنفسهم يهود العصور القديمة ، طوال فترة القرن الخامس وحتى الثانى قبل الميلاد، فهم جماعة بشرية تفضل دائمًا أن تجتمع وتحيا مع أفرادها، ولا تخالط أو تختلط بالأخرين، ودائمًا ما تسكن أراض ليست موطنها، وبعد ترحيب أهل وأصحاب الأرض بهم، تجدهم وقد بدأوا يتجمعون معًا سرًا، ويضعون الخطط والمؤامرات ضد الشعوب التي استقبلتهم، كما يضعون خطط مناوئة وضد أنظمة الحكم اليونانية والرومانية القديمة، مما يضطر معه تلك الأنظمة إلى تحريم تجمعاتها ومنعها، بل وإلى طردهم وإخراجهم، فيتشتتون، حتى يستطيعوا الحصول على موافقة شعب أخر ونظام حكم جديد يستقبلهم ويمنحهم حق الإقامة، حتى يكتشفهم فيطردهم ويدمر لهم معابدهم ومساكنهم التى أقاموها.
ويخلص البحث بأن هذا هو دأب اليهود ومن ثم فقد ساق الباحث للحضور بشرى طيبة، وهى أن ما يفعله اليهود الآن في غزة قد جلب عليهم الكُره والبُغض، ومن ثم النبذ من كثير من الشعوب الحرة في أوربا وغيرها، فضلا عن بُغض وكراهية ونبذ الشعوب العربية الحرة لهم منذ البداية، ومن ثم فلم يبق غير طردهم وإخراجهم من الأرض التي احتلوها كما كان يتم طردهم قديمًا. وفى نهاية البحث أوصى الباحث بضرورة رفع شعار اليهود مُعادون للإنسانية، ذلك الشعار الذى ظهر في القرن الرابع قبل الميلاد، وقد آن الأوان للعرب والبشرية جمعاء استخدامه ورفعه في وجه ما يرفعه اليهود في وجه كل من تصدى لهم ولأفعالهم بأنه مُعاد للسامية، وليكن من الآن شعارنا نحن العرب في جه اليهود الإسرائيليين بأنهم "مُعادون للبشرية" "ميثأنثروبوس" في مواجهة مصطلحهم "مُعاداة السامية" "أنتيسيماتيزم" ولابد من محاكمتهم على جرائمهم لكونهم مُعادون للبشرية.