رحلة مبدع فى السينما والدراما
نور الشريف .. ذكريات وإرث فني لا يُنسى في ذكرى وفاته
تحل ذكرى وفاة الفنان الكبير نور الشريف في مثل هذا اليوم الأحد، ، الذي ترك بصمة واضحة ومؤثرة في عالم السينما والدراما المصرية، ولد نور الشريف، الذي اسمه الحقيقي محمد جابر محمد عبد الله، في حي السيدة زينب بالقاهرة في 28 أبريل 1946، وبدأ حياته المهنية كواحد من أشبال كرة القدم في نادي الزمالك، حيث تدرب مع لاعبين مثل حمادة إمام وطه بصري، لكنه قرر في النهاية التوجه إلى عالم التمثيل، حيث قدم إسهامات كبيرة في مجال الفن.
وفي الثمانينات، تحدث نور الشريف في تسجيل صوتي نادر عن بداياته كلاعب كرة قدم في نادي الزمالك، مشيرًا إلى أنه لو استمر في ممارسة كرة القدم لكانت حياته الفنية قصيرة.
ورغم تحوله إلى التمثيل، ظل حبه لنادي الزمالك كما هو، وتجسد ذلك في فيلم " غريب في بيتي " حيث قدم دور " شحاتة أبو كف " لاعب الزمالك، الذي أحرز 6 أهداف في مرمى الأهلي، ما ساهم في تعزيز ارتباطه بنادي الزمالك وجمهوره.
وتميزت مسيرة نور الشريف بالتنوع والثراء الفني، حيث قدم مجموعة من الأفلام البارزة مثل " الحاجز "، " بئر الحرمان"، " سواق الأتوبيس "، " حدوتة مصرية "، " الشيطان يعظ "، و" حبيبي دائماً "، بالإضافة إلى عدد من المسلسلات التي أصبحت أيقونات في الدراما المصرية مثل " القاهرة والناس "، " مارد الجبل "، " لن أعيش في جلباب أبي "، " عائلة الحاج متولي "، و" الرحايا ".
وكانت قصة حب نور الشريف بزوجته بوسي تُعتبر واحدة من القصص الرومانسية البارزة في الوسط الفني، فبدأت هذه القصة عندما التقيا في بروفات مسلسل " القاهرة والناس "، وبدأت علاقتهما تتطور حتى طلب نور الشريف يد بوسي للزواج.
ورغم رفض عائلة بوسي في البداية بسبب الوضع المادي لنور الشريف، إلا أن إصرار بوسي وتدخل بعض الأصدقاء ساعد في إتمام الزواج، وتزوجا في عام 1972 وأنجبا ابنتين هما " مي " و" سارة ".
وعلى الرغم من انفصالهما في عام 2006، إلا أن العلاقة بينهما لم تتأثر، وظل نور الشريف وبوسي أصدقاء وكانا يستشير كل منهما الآخر في حياتهم الشخصية والمهنية، وعادا إلى بعضهما في بداية عام 2015، تزامنًا مع خطوبة ابنتهما سارة وإصابة نور الشريف بمرض سرطان الرئة، حيث كانت بوسي إلى جانبه خلال فترة العلاج.
إنجازات نور الشريف الفنية
نور الشريف كان أيضًا منتجًا ناجحًا، حيث أسس شركة إنتاج مع بوسي قدمت مجموعة من الأفلام المتميزة مثل " دائرة الانتقام "، " ضربة شمس "، و" زمن حاتم زهران "، كما قدم العديد من الأفلام التي تناولت قضايا اجتماعية ووطنية، مثل فيلم " ناجي العلي " الذي أثار جدلاً كبيراً وتسبب في أزمة له، حيث اتهمه البعض بالخيانة، ومع ذلك، استمر نور الشريف في تقديم أعمال ناجحة بعد ذلك، بما في ذلك مسلسل " الحاج متولي " و" حضرة المتهم أبي ".
نور الشريف كان له تأثير كبير في مجال الفن، ليس فقط كممثل بل أيضًا كمخرج، وقام بتقديم مجموعة من الأعمال التي تنوعت بين الدراما والسينما، وبرزت أعماله بمستوى عالٍ من الجودة والابتكار، وعمل مع مجموعة من أبرز المخرجين في الصناعة، مثل سمير سيف، محمد خان، عاطف الطيب، وداود عبدالسيد، الذين ساهموا في توجيه موهبته وتعزيز نجاحه.
ففي خلال فترة التسعينات، قدم نور الشريف مسلسلات هامة مثل "لن أعيش في جلباب أبي"، الذي حقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، و"هارون الرشيد" و"عمر بن عبدالعزيز"، وفي الألفية الجديدة، تابع نجاحه من خلال أعمال مثل "حضرة المتهم أبي"، "الدالي"، و" الرحايا "، و كان نور الشريف معروفًا بإصراره على تقديم أعمال ذات قيمة فنية عالية، والتي تتناول قضايا اجتماعية وثقافية هامة.
وحاز نور الشريف على العديد من الجوائز والتكريمات، منها جائزة أفضل ممثل في مهرجان نيودلهي عن فيلم " سواق الأتوبيس " وجائزة أفضل ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي عن فيلم " ليلة ساخنة "، وكان آخر أعماله مسلسل " الوسواس " وفيلم " بتوقيت القاهرة ".
ولم تقتصر إنجازات نور الشريف على الفن فحسب، بل كان له أيضًا دور في دعم وتقديم المواهب الجديدة، فقد قدم العديد من الفنانين الشبان في أعماله، مثل سوسن بدر، أحمد زاهر، ومصطفى شعبان، وساهم في مسيرتهم الفنية.
على الرغم من التحديات والأزمات التي واجهها، مثل أزمة فيلم " ناجي العلي "، حافظ نور الشريف على سمعته كفنان ملتزم ومثابر، كان أيضًا له دور في تقديم قضايا اجتماعية هامة من خلال أعماله الفنية، مما جعله شخصية محورية في تاريخ الفن المصري.
و توفي نور الشريف في 11 أغسطس 2015، عن عمر يناهز 69 عامًا، ليترك وراءه إرثًا فنيًا هائلًا وذكرى خالدة في قلوب محبيه و سيبقى دائمًا رمزًا للفن والإبداع، ولن تُنسى مساهماته الكبيرة في السينما والتليفزيون ،وإرثه الفني العميق والتنوع الكبير في أعماله سيظل مصدر إلهام للأجيال القادمة، وسيبقى في ذاكرة كل من أحب فنه وأعماله.