و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

في ساعة متأخرة من ليل 24 يوليو 2024 ومع بداية إشراقة صباح 25 يوليو.. 
وسط فرحة المصريين بيوم الإجازة احتفالا بثورة 23 يوليو 1952 والتي نصفت الشعب وحنت عليه وكان نور عيونها بالفعل لا بالقول.. تفاجئنا بالارتفاع الحادي عشر لأسعارالبنزين والكيروسين بناء على توجيهات "صندوق النقد الدولي" الذي طلب في إبريل من العام الجاري تخفيض دعم الوقود من 331 مليار جنيه مصري (ما يعادل 6.8 مليار دولار) خلال العام المالي 2023-2024 إلى نحو 245 مليار جنيه (ما يوازي 5.1 مليار دولار) خلال العام المالي 2024-2025.
بنزين 80 "بنزين الغلابة" أرتفع إلى 12.25 جنيه، وبنزين متوسطي الحال وعامة الشعب "بنزين 92" بلغ 13.75 جنيه.. والسولار مصدر الطاقة للمخابز وغالبية معظم وسائل النقل أصبح بــ 11.50 جنيه.. 
وبهذه الزيادة قضت الحكومة على حلم تراجع أسعار السلع بين 10% و20%، كما كان يتردد، لأن الزيادة الجديدة ستؤدي لارتفاع تكاليف الشحن مبدئيا 20%، ناهيك عن توقعات أصحاب المخابز بزيادة تقدر بخمسين قرشا للرغيف البلدي أو الفينو. 

زيادة متوقعة

فضلا عن زيادة متوقعة بأسعار الدواء والمستحضرات الطبية قد تصل لقرابة 50% بعد شكوى أصحاب شركات الأدوية من الخسائر، لأن 60% من المستحضرات التي تنتجها تباع بأسعار أقل من التكلفة الفعلية بسبب ارتفاع سعر الدولار وبالقطع الكهرباء، والمياه، والسولار، والبنزين.
فماذا يفعل المواطن المصري الذي يتلقى الضربة تلو الأخرى وكلها ضربات في العظم وعصب حياته اليومية.. إعادة تسعير البنزين والكيروسين يترتب عليها زيادة أسعار المواصلات والخضروات والفاكهة والسلع الغذائية بينما الرواتب كما هي فقيرة وضعيفة والأسعار سمكة قرش تلتهم كل شيء.. والحكومة تركت الشعب فريسة لأصحاب العمل والاحتكار، ودون رقابة على الأسعار كل يبيع وفقاً لرؤيته والربح الذي يحدده.
الواضح أن الحكومات المتعاقبة منذ 2014 حرمت علينا الفرحة بالأعياد والمناسبات الوطنية الغالية فهي تتعمد زيادة الأسعار وقت الإجازات وجعلتنا نخاف من أي إجازة وننتظر زيادة الأسعار.
والمؤكد أيضاً أنه على مدى سنوات طويلة وتحديدا منذ الانفتاح الاقتصادي عام 1975 بدأت عملية اغتيال أهداف ومكتسبات يوليو.. فقد تم إهمال المصانع والرقعة الزراعية والتعليم والصحة وتدهور حال العدالة الاجتماعية بتراجع الدولة عن دورها في حماية الشعب، وبات كل شيء بالمال ومن لا يملكه لا يملك الحياة.
الحكومات منذ 1975 لم تهتم بالقطاع العام وتركته دون تطوير أو إصلاح، تركته فريسة للفساد والإهمال المتعمد ليتم تصفيته وبيعه وتحولت المصانع لمناطق سكنية والرقعة الزراعية تركت فريسة للمد العمراني ليس من قبل الأهالي فحسب، ولكن أيادي الحكومات، أيضاً، امتدت بالبناء على الأراضي الزراعية وذهبت لتستصلح الصحراء.       

 

 

كان من أهداف يوليو القضاء على الاستعمار، ليأتينا صندوق النكد الدولي ورفيقه بنك الفقر يفرضون شروطهم لإقراضنا واتباع سياساتهم التي لا تهتم بالمواطن البسيط ولا تنمية الدولة بقدر اهتمامها بكيفية الحصول على أموالهم.
كان من بين الأهداف الستة القضاء على الإقطاع وسيطرة رأس المال على الحكم فبات الإقطاع يستفرد بكل مقدرات الدولة ومشاريعها وفتح الباب للأجانب، وباتت عائلات بعينها تحتكر صناعات وتجارات بعينها، وسيطر رأس المال ليس على السلطة وإنما طالت سيطرته الحياة النيابية وأصبحت معظم التشريعات لصالحهم.
يوليو 1952 كانت للشعب وحلم لبناء دولة صناعية زراعية ذات نهضة علمية وبدأت أولى محاولات تصنيع سيارة، وتليفزيون، وثلاجة، وبوتاجاز، وغيرها من الصناعات الثقيلة مثل الحديد والصلب والألومنيوم والكيماويات وتكرير البترول وغيرها من الصناعات.
كان الحلم من الإبرة للصاروخ، الدول التي بدأت معنا أولى خطوات النهضة كالصين والهند وكوريا الجنوبية جميعهم قفزوا إلا نحن تراجعنا وبتنا نلهث وراء الوجبات السريعة.. الانفتاح وماتبعه من سياسات حولت الشعب المصري من منتج ومزارع وعامل لمستهلك.. وأرست قاعدة أن الفهلوة والسير في الممنوع مصدر الثراء.
الآن.. عندما نحتفل بمرور 72 عاما على ثورة يوليو، علينا أن نقيم سرادق عزاء بمناسبة مرور 49 عاما على اغتيال الثورة وأحلام صانعيها والشعب الذي يتلقى الضربة تلو الضربة. ونردد بعضا من كلمات الشاعر الراحل بجسده عبد الرحمن الأبنودي من قصيدته "يعيش جمال عبد الناصر"
عمره ما جاع في زمانه فقير
أو مالتقاش دوا للعِلّة
دلوقت لعبةْ "أخطف طير"
والأمة في خِدْمةْ شِلَّة.. تكره جمال عبد الناصر
يتّريقوا على طوابيرُه
علشان فراخ الجمعية
شوفوا غيره دلوقت وخيرُه
حتى الرغيف بقي أمنيّة.. يرحم جمال عبد الناصر!!
دلوقت رجعوا الفقرا خلاص
سكنوا جحورهم من تانى
رحل معاك زمن الإخلاص
وِجِهْ زمن غير إنساني.. ما هوش زمن عبد الناصر!!

تم نسخ الرابط