و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

قبل لقاء بكين

تراشق البيانات بين السلطة وفتح والفصائل الفلسطينية

موقع الصفحة الأولى

ساعات وتلتقي الفصائل الفلسطينية بالعاصمة الصينية بكين لبحث المصالحة ورأب الصدع الفلسطيني الداخلي..  بدعوة من الإدارة الصينية لاستكمال اللقاء الذي تم في 26 إبريل 2024 بين حركتي فتح وحماس، ولكن الدعوة هذه المرة تشمل كل الفصائل خلال الفترة من الأحد 21 وحتى الثلاثاء 23 يوليو 2024، لبحث سبل إنهاء الانقسام والوضع الراهن.
ويأتي الاجتماع في وقت أكد فيه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن اقتراح موسكو بعقد اجتماع لجميع الأطراف الخارجية المؤثرة على مختلف الفصائل في غزة والضفة الغربية والذين يمكنهم إذا تحدثوا بصوت واحد المساعدة في التغلب على الانقسامات واستعادة الوحدة على أساس برنامج منظمة التحرير الفلسطينية لازال قائماً.
وكانت الفصائل الفلسطينية قد اجتمعت في 29 فبراير 2024 بالعاصمة الروسية موسكو، لتقريب وجهات النظر لإنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية على قاعدة يتوافق عليها الجميع. 


مطالب بسحب الاعتراف بإسرائيل


يأتي اجتماع الفصائل بعد أيام قليلة من رفض الكنيست الإسرائيلي بالأغلبية على مشروع قرار يرفض إقامة الدولة الفلسطينية رغم اعتراف 149 دولة حول العالم بالدولة التي أعلن عن تأسيسها في عام 1988 بالجزائر على الأراضي المحتلة منذ عام 1967.
قرار الكنيست في اجتماعه ليلة الأربعاء 17 يوليو 2024، والذي حظي بتأييد 68 نائباً ورفضه تسعة نواب من أصل 120 نائباً، أكد أن هذه الدولة ستشكل خطرا وجوديا على دولة إسرائيل ومواطنيها، وسيؤدي إلى تمديد النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وزعزعة استقرار المنطقة.
أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ قال إن "مصادقة الكنيست على منع قيام دولة فلسطينية، يتطلب قرارات فلسطينية جريئة وحاسمة من الأطر القيادية كافة لتجسيد الدولة الفلسطينية كدولة تحت الاحتلال".
ومن جانبه أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أنه لا سلام ولا أمن بدون قيام دولة فلسطينية وفق الشرعية الدولية، مضيفا أن قيام الدولة لا يحتاج إذنا أو شرعية من أحد فالدولة الفلسطينية معترف بها من قبل 149 دولة عضوا في الأمم المتحدة.
أما حركة حماس والتي وصفت قرار الكنيست بالوقح فقد دعت بالتضامن مع حركة الجهاد منظمة التحرير الفلسطينية إلى سحب اعترافها بالكيان المحتل، والانخراط في معركة الشعب لتحرير الأرض والمقدسات وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
ورأت الجهاد وحماس في بيان مشترك ضرورة اتخاذ موقف جامع لكافة القوى الفلسطينية لمواجهة محاولات شطب القضية الفلسطينية والبناء على ما أنجزته معركة طوفان الأقصى التي شكلت إنجازا وطنيا استراتيجيا، وأحدثت وقائع جديدة في الصراع مع الاحتلال.
في حين أكدت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية أن الرد الفلسطيني المباشر على قرار الكنيست الإسرائيلي هو السحب الفوري للاعتراف الفلسطيني بإسرائيل، وتجسيد دولة فلسطين على الفور كدولة تحت الاحتلال، وتنفيذ قرارات الإجماع الوطني بقطع العلاقة مع إسرائيل والذهاب إلى الأمم المتحدة للحصول على العضوية الكاملة وربط أي علاقة مع إسرائيل باعترافها بدولة فلسطين.


صفعة العدل للاحتلال وحلفائه 


وتزامن مع قرار الكنيست قرار محكمة العدل الدولية يوم الجمعة (19 يوليو 2024) والذي أكد أن الاحتلال الإسرائيلي غير شرعي وغير قانوني، وأنه قوة احتلال، ويمارس انتهاكات وسياسات ترقى إلى مستوى التمييز والفصل العنصري.. كما نص القرار أنه على إسرائيل وقف احتلالها وإنهاء وجودها بالأراضي الفلسطينية، والوقف الفوري لأي نشاط استيطاني واخلاء المستوطنين، وتعويض الخسائر المادية والمعنوية للأشخاص في الأراضي الفلسطينية المحتلة.. 
وهو ما يعد صفعة شديدة من قبل المحكمة الدولية لمساعي منظومة الاحتلال الاستعماريّة في التدمير الممنهج للدولة الفلسطينيّة، وآخرها قرار الكنيست برفض إقامة الدولة الفلسطينيّة.. وفقا لوصف حركة فتح التي قالت في بيان لها إنه قرار تاريخي غير مسبوق يؤكّد حقوق شعبنا التي لن تسقط بالتقادم، وفي مقدمتها حقّه في إقامة دولته المستقلّة ذات السّيادة وعاصمتها القدس، ويعد صفعة لمنظومة الاحتلال وحلفائها.
أما الرئاسة الفلسطينية فقد رحبت بالقرار، الذي يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وحقه في أرضه ودولته، رفضا للاحتلال وقرار الكنيست الإسرائيلية الأخير، والسياسات الاميركية التي تدعم إسرائيل في احتلالها والرافضة لإقامة الدولة الفلسطينية.
ودعت الرئاسة في بيان لها المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل بإنهاء احتلالها ومشروعها الاستعماري بشكل كامل وفورا، دون قيد أو شرط.
وفي ذلك السياق دعت الجبهة الديمقراطية القيادة السياسية للسلطة الفلسطينية إلى تقديم نموذج لدول العالم في تطبيق قرار "العدل الدولية" بإعادة النظر بعلاقاتها مع دولة الاحتلال وتطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي، بما في ذلك سحب الاعتراف بدولة الاحتلال، ووقف كل أشكال التنسيق الأمني معها، وفك الارتباط بالاقتصاد الإسرائيلي.
وقالت الجبهة في بيان لها إن صون قرارات محكمة العدل الدولية، وإعلاء شأنها، يستدعي على الصعيد الوطني الفلسطيني تبني استراتيجية كفاحية بديلة لاستراتيجية أوسلو وملحقاتها واعتماد كل أشكال المقاومة سبيلاً لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصتها القدس، على حدود 4 حزيران(يونيو) 1967.
وتساءلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن مدى إمكانية فرض هذه القرارات على الاحتلال في ظل عدم التزامه بقرارات المحكمة وضربه بعرض الحائط لكل قراراتها السابقة.. وأضافت الجبهة في بيان لها إن الشعب الفلسطيني الذي خُذل مراراً وتكراراً على مدار سنوات الاحتلال، وتعرض للتواطؤ المستمر من قبل المؤسسات الدولية، خاصةً في الحرب الدائرة منذ حوالي عشرة أشهر، بحاجة ماسة إلى تحويل هذا القرارات إلى قرارات نافذة. فما فائدة هذه القرارات إذا لم تُفرض على الاحتلال؟


 تراشق البيانات بسبب المواصي 


وقد سبق قرار الكنيست ومحكمة العدل الدولية صدام بين السلطة وحركة فتح من جهة والفصائل الفلسطينية من جهة أخرى بعد مجزرة المواصي غرب مدينة خانيونس بقطاع غزة والتي راح ضحيتها أكثر من 400 شهيد ومصاب فلسطيني، وأدعى الاحتلال أنه كان يستهدف قائد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس محمد الضيف وقائد لواء خانيونس رافع سلامة.. حيث أدانت الرئاسة الفلسطينية في بيان لها المجزرة وحملت حركة حماس مسؤولية المجازر التي يرتكبها في قطاع غزة بحق الشعب الفلسطيني، واعتبرتها شريكا للاحتلال بتهربها من الوحدة الوطنية وتقديم الذرائع المجانية للاحتلال للاستمرار في حرب الإبادة الجماعية.. ودعت الرئاسة في بيانها الحركة إلى تغليب المصالح الوطنية العليا ونزع الذرائع من يد الاحتلال بغية وقف هذه المذبحة المفتوحة بحق شعبنا.
وما أشعل نيران البيانات تصريحات القيادي في حركة فتح منير الجاغوب والتي أتهم فيها حماس بأنها تعطي حجة للاحتلال لاستهداف المدنيين.. مؤكدا أن ما يجري في قطاع غزة من حرب مدمرة للبشر والحجر سببه اختباء قادة حماس بين المدنيين مما يمنح الجيش الإسرائيلي الذريعة لتحقيق هدفين هما "القضاء على قيادات الحركة وأكبر عدد من المدنيين الفلسطينيين".
وقد أثارت تصريحات الجاغوب وبيان الرئاسة حفيظة حركة حماس والفصائل الفلسطينية التي أطلقت البيانات صوب رام الله "مقر السلطة" متهمة إياهما بتبرير المجزرة.. فقد استنكرت حماس على لسان المتحدث باسمها جهاد طه تصريحات الجاغوب، والذي وصفها بأنها تروّيج لرواية الاحتلال الكاذبة، في الزعم زوراً وبهتاناً بوجود قيادات من القسام والمقاومة بين المدنيين النازحين في منطقة المواصي غرب خانيونس، والتي تعرضت لمجزرة مروّعة راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى من المدنيين العزّل، في تبرير قبيح لجريمة الاحتلال والمجزرة التي ارتكبها بحق الأطفال والنساء. 
ودعا طه حركة فتح لإدانة ورفض هذه التصريحات اللا وطنية، والعمل على ضبط ومساءلة من يُطلقها ووقف ترويجه لروايات الاحتلال الكاذبة، والاصطفاف مع شعبنا في معركته الفاصلة وصموده في وجه هذه الهجمة الهمجية التي تستهدف وجوده على أرضه. 
فيما دعت حركة حماس في بيان لها الرئاسة الفلسطينية بسحب تصريحاتها التي وصفتها بالمؤسفة، مؤكدين أن الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية المنحازة للاحتلال هم من يتحملون مسؤولية هذه المجازر وحرب الإبادة ضد شعبنا.
وقالت الحركة إن المطلوب اليوم هو تركيز الجهود الفلسطينية خلف استراتيجية نضالية ووطنية موحّدة، تُعلي مصلحة شعبنا وقضيته، وتصبّ في مسار مواجهة العدوان ودحره، على طريق تحقيق آمال شعبنا في الحرية وتقرير المصير. 


 تصريحات مشينة وغير وطنية 


ومن جانبها وصفت حركة المجاهدين تصريحات الرئاسة الفلسطينية بالمشينة وأنه يجب عليها القيام بدورها تجاه الشعب الذي يتعرض لأبشع جرائم الإبادة الجماعية من قبل الحكومة الصهيونية المتطرفة والتي لا تخفي مخططاتها في استهداف وتهويد القدس والضفة وكل الوجود الفلسطيني.
ودعت الحركة في بيانها العقلاء في السلطة وحركة فتح لنبذ تلك المواقف غير الوطنية والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية وتبنى خيار شعبنا في مقاومة المحتل الذي يستبيح الأرض والانسان والمقدسات والتصدي للهجمة الشرسة التي تستهدف شعبنا كافة وقضيتنا..
فيما اعتبرت الجبهة الشعبية الجبهة الشعبية تصريحات الرئاسة الفلسطينية والقيادي في حركة فتح منير الجاغوب مسيئة للشعب وتضحياته، لأنها تعفي الاحتلال من مسؤولية جرائم الإبادة الجماعية وتُحمّل المقاومة اللوم.
ودعت الجبهة في بيان لها كافة الأطراف الوطنية، إلى الكف عن التصريحات التحريضية التي تزيد من التوتر، وتبني خطاب وحدوي يعكس نبض الشارع الفلسطيني وحالة الإجماع الوطني، بدلاً من تعزيز رواية الاحتلال.
وعلى نفس النهج جاء بيان لجان المقاومة والمعروفة باسم ألوية صلاح الدين فقد دعت الرئاسة والجاغوب إلى التوقف عن التصريحات التي تخدم فقط الاحتلال الصهيوني وروايته التضليلية الكاذبة وتسيء للشعب وتضحياته ونضالاته..
واستنكرت لجان المقاومة في بيان لها التماهي الواضح لبعض وسائل الاعلام مع رواية العدو الصهيوني ودعتهم لتحري الدقة في نقل الأخبار والتوقف عن نقل الاخبار الكاذبة والمضللة وتبني أباطيل الاحتلال المجرم.


محاولة لنسف بكين 


أما الجبهة الديمقراطية فقد عنونت بيانها بـــ "صدمة مفجعة ومحاولة بائسة لنسف حوار بكين قبل انعقاده".. وقالت الجبهة: إن تحميل المقاومة، أو أحد فصائلها، جزءاً من المسؤولية عن المجزرة المروعة في مخيمات النازحين في المواصي، لا يخدم وحدتنا الميدانية، ولا صمود شعبنا ولا ثباته، فضلاً عن أنه يوفر الذريعة للعدو الإسرائيلي لارتكاب المزيد من المجازر، مستعيناً بما ورد في بيان الرئاسة من اتهام للمقاومة وتحميلها المسؤولية عن المجزرة.. ودعت الجبهة للكف عن شيطنة المقاومة في قطاع غزة، بدلاً من تقديم كل أشكال الإسناد لها في صمودها البطولي.
وأضافت الجبهة الديمقراطية: إن تحميل حماس المسؤولية عن تعطيل حوارات الوصول إلى إنهاء الانقسام، يشكل تجاهلاً لمحصلة الحوار في العاصمة الروسية موسكو، ومخرجات حوار بكين، ومحاولة مكشوفة لنسف الدعوة الصينية إلى حوار وطني شامل في بكين، شكل أساساً للتقدم على طريق استعادة الوحدة الداخلية، والشروع في إنهاء الانقسام.

تم نسخ الرابط