انطلقت في الخامس والعشرين من يناير 2011 مظاهرات تطالب بتطبيق الحد الأدنى للأجور والذي أقرته المحكمة الدستورية بـ 1200 جنيه، وحل مجلس الشعب والشورى بعد أسوأ انتخابات برلمانية شهدتها مصر كانت التزوير فيها علنيا من قبل الحزب الوطني الحاكم لمنع المعارضة خاصة جماعة الإخوان المسلمين من الوصول للبرلمان، وحل الحكومة وتعديل الدستور ورفض التوريث حيث كان جمال ابن الرئيس حسني مبارك يهيئ المناخ السياسي والاجتماعي للوصول لرئاسة مصر خلفا لوالده.. وعدم ترشح الرئيس الراحل حسني مبارك مرة أخرى.
ولو أن مبارك نفذ المطالب دفعة واحدة لبقي هو على سدة الحكم، لكن لوبي جمال مبارك الضاغط عليه ورطه في تنفيذ المطالب بالقطعة حتى وصلنا لجمعة الغضب في الثامن والعشرين من ذات الشهر، وهنا نقف لنذكر أمراً ألا وهو أن جماعة الإخوان لم يشاركوا في مظاهرات الخامس والعشرين ويوم الجمعة تركت المشاركة وفقا لتقدير موقف كل محافظة، لأن الإخوان لم يكن لديهم مانع في تولي جمال مبارك رئاسة مصر شرط الحصول على مكاسب سياسية منها البرلمان وتولي بعض الوزارات خاصة الخدمية مثل التعليم والصحة والكهرباء والنقابات المهنية التي كان معظمها تحت سيطرتهم وأن يترك لهم الدور الذي تركه مبارك وهو العمل الأهلي بالقرى الفقيرة والمناطق الشعبية تحت مظلة الجمعيات الخيرية.
عندما اعتصم ألاف المصريين بميدان التحرير لم يطرح شعار أرحل إلا بعدما ألتحق الإخوان بالميدان نهاية يناير 2011 عقب لقاء قادة الجماعة بالسفيرة الأمريكية بالقاهرة.. وهنا وضحت الرؤية ليس للمواطن العادي ولا لمعظم السياسيين الذين شغلهم عدم التوريث ولا حتى لدى الإعلاميين الذين شغلهم متابعة الأحداث وفي داخلهم التخلص من النظام المباركي.
الحكم للجماعة والسيطرة للأجانب
المخابرات العامة المصرية من خلف المجلس العسكري كانت مدركة للموقف وحقيقته، وما تخفيه الجماعة من اتفاق أمريكي تركي قطري مدعوم بمساندة بريطانية إسرائيلية إيرانية وألمانية وإيطالية وفرنسية يهدف لتولي الجماعة حكم المنطقة العربية من المحيط للخليج بمبدأ " يحكم ولا يملك" فالحكم للجماعة والسيطرة السياسية والاقتصادية لأصابع أمريكا "قطر وتركيا" والنفوذ العسكري لإسرائيل وتركيا التي قامت بالتوافق مع قطر بتكوين ميليشيات مسلحة مجهزة بتسليح أقرب لتسليح كتائب الجيوش في ليبيا وسوريا لزعزعة أمن تلك الدول وبرعاية أمريكية تم تأسيس الجماعة الإرهابية التي عرفت بتنظيم الدولة الإسلامية بين قوسين داعش وتم تمكينها من السيطرة على مناطق بسوريا والعراق ، وفي مصر كانت الجهادية السلفية بقيادة محمد الظواهري وميليشيات من جنسيات غير مصرية تابعة لداعش قد عبرت الحدود عبر الانفاق مع غزة للاستيلاء على سيناء لتنفيذ المخطط الذي يقضي بضمها لقطاع غزة حتى يتم الإعلان عن دولة فلسطينية بقطاع غزة وسيناء تحت راية الحركة الإخوانية حماس وتترك الضفة الغربية لحركة فتح ونصبح أمام دولتين فلسطينيتين لتنتهي القضية للأبد.
ومما يؤكد كلامنا كيف دخل الإرهابيين متعددي الجنسيات إلى قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل من كل جانب؟ ومن قام بتجميعهم؟
شيء أخر، وفقا للمعلومات كانت قطر ستقوم بإنشاء معمل لتكرير البترول المصري والليبي "المتشابهان" على حدود الدولتين وتقوم هي بإدارة العمل في المجال النفطي المصري الليبي.. كما أنه إبان حكم الإخوان صدر قانون اعترض عليه الكثير من رجال القانون والسياسة بما فيه الإخوان منهم يمنح قطر حق إدارة منطقة القناة والذي يعرف بتنمية أقليم قناة السويس ووصف بأنه يعيد منطقة القناة لعهد ما قبل التأميم في عام 1956.
ووفقا للمخطط سيتم منح إيران حرية الحركة بالمنطقة لنشر مذهبها الشيعي مما يؤدي لإثارة الفتنة الطائفية بتقسيم المسلمين إلى " مسلم سني وأخر شيعي وثالث إخواني ورابع منتمي للجماعات الإسلامية التي تتخذ من العنف نهجاً والخامس صوفي والسادس سلفي أو بالأدق وهابي".. وقد وضح ذلك في أول زيارة لمسؤول إيراني للقاهرة منذ عام 1981 وهو رئيس الدولة أحمدي نجاد وقابل شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذي كان يخوض معركة شرسة مع الإخوان والجهاديين وأرغم على هذه المقابلة، ولكنه رفض عقد مؤتمر صحفي عقب اللقاء مع نجاد والذي اتفق مع حكومة الإخوان على إيفاد 500 مصري لقنب للدراسة (قطعا دراسة المذهب الشيعي المتطرف)
تقسيم جديد للخريطة العربية
كانت المخابرات العامة المصرية، ذلك الصقر الحامي لأمن مصر منذ تأسيسه في عام 1954 بقرار من الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر على علم بالمخطط الهادف لإسقاط مصر ثالث أعمدة الخيمة العربية" في ذلك الوقت" بعد سقوط بغداد ودمشق وتمزيق ليبيا تمهيدا لإعادة تقسيم الدول العربية لدويلات صغيرة يمكن لإسرائيل السيطرة عليها فمثلا كان سيتم تقسيم السعودية لخمس دويلات، وليبيا لثلاثة أقاليم كما كانت في العصور الأولى، وتعود اليمن إلى يمن جنوبي وشمالي، والعراق لثلاثة وسوريا ثلاثة.. أي أن 5 دول عربية كانت ستقسم لأربعة عشر دولة من بينهم الدولة الكردية.. أما مصر أو الكعكة الكبرى تستقطع سيناء لضمها لقطاع غزة، ومنطقة القناة تخضع للسيطرة القطرية، وتبقى الدلتا والصعيد وإن كانت هناك دعوات بتأسيس دولة مسيحية بمحافظتي المنيا وأسيوط أكثر المحافظات سكانا بالمسيحيين.
كان الهدف الأسمى للمخطط إسقاط مصر لتمكين اللوبي الصهيو أمريكي المستعرب المتأسلم المتشيع من تنفيذ سايكس بيكو جديدة.
المخابرات العامة المصرية كانت مدركة للمخطط وجوانبه ولعبت مباراة ليس ضد فصيل بعينه، لقد لعبت ضد منتخب مخابرات العالم بساحات وميادين مصر وخارجها وساعدت الإخوان للوصول لسدة الحكم لعبور الأزمة حتى لا تحترق مصر كما احترقت القاهرة في يناير 1952.. الحريق في هذه المرة كان معدا سلفاً قبل الانتخابات الرئاسية التي جاءت بالدكتور محمد مرسي رئيسا للبلاد، وهو ما أعلن عنه الدكتور عصام العريان في الساعات الأخيرة لفرز أصوات الناخبين وكأنه يسبق الأحداث ليخرج في الفجر ويعلن أمام وسائل الإعلام فوز مرشح الجماعة وأن أي تغيير للنتائج سيؤدي لإحراق مصر.
وتولت الجماعة حكم البلاد وانهالت التهاني والتبريكات، ولكنهم كان أغبى من الغباء ومارسوا عادتهم وهي إقصاء الأخر فقاموا بالعمل العكسي مع الحلفاء من السلفيين والجماعات المتطرفة وساندوا الجهادية السلفية بإطلاق سراحهم من السجون وتجميعهم في سيناء بقيادة محمد الظواهري شقيق أيمن الظواهري، وقاموا بتحريض السلفيين ضد الشيعة ومن أشهر هذه الحالة مقتل أثنين من قادة الشيعة بيد السلفيين الذين دخلوا في صدام مع الطرق الصوفية وبدأوا بهدم بعض أضرحة الأولياء وأيضا تحريض الجماعات المتطرفة ضد المسيحيين.. وفعل الإخوان فعل الحزب الوطني وهو الاستئثار بالبرلمان فدخلوا في صدام مع القوى السياسية.
اللعب خارج الملعب
المخابرات العامة المصرية تراقب الموقف وتلعب وكأنها خارج اللعبة حتى كان التمرد وإعلان قائد القوات المسلحة في ذلك الوقت عبد الفتاح السيسي مهلة 72 ساعة لتصحيح الأوضاع فأخذ الغرور الذي تمكن من الجماعة أنه لا أحد يستطيع قهرهم ظنا منهم بأن القوات الأمريكية التركية الإسرائيلية ستمكنهم من الاستمرار والقضاء على المؤسسة المصرية.. فكانت المفاجئة التي لا يعلن عنها وهي ان القوات المصرية حلقت فوق الأسطول الأمريكي بالبحر المتوسط أثناء اقترابه من المياه الإقليمية فجأة دون أن ترصدها الرادارات الأمريكية التي تراجعت قواتها، وخشي الأتراك أن يحدث لهم ما حدث لأجدادهم أمام الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا أبن محمد علي في معركة "قونية" في ديسمبر 1832 وفيها استولى الجيش المصري على الأسطول العثماني ووصل لمشارف العاصمة الأستانة.
ومن بين المعارك التي تحسب للصقور، معركة جبل الحلال بسيناء حيث تمكنت قوات الصاعقة المصرية من اقتحام الجبل والسيطرة على غرفة العمليات التي تتحكم في كل العمال التخريبية والإرهابية بسيناء ومحافظات مصر.. وكانت اللطمة الكبرى القبض على ضباط في أجهزة مخابرات أجنبية وعربية.
الصقور لم تهدأ جابت شوارع القاهرة والمحافظات تحصد عملاء المخابرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية والإيطالية، والتركية، والإيرانية، والعربية.. وكشفت عن المخطط للدول العربية.
في ذكرى الانتصار الشعبي على الإرهاب كان علينا أن نتذكر من حمل أعباء الحفاظ على الدولة المصرية ومؤسساتها وخاض معركة أكثر من شرسة مع أجهزة مخابرات العالم للحفاظ على الدولة والشعب..
للعلم الذي ساعد على إسقاط دولة العراق أن الاحتلال الأمريكي لعب على تدمير جهاز مخابراتها وتفكيكه وتفكيك الجيش حتى باتت العراق بلا زراع أمني يحميها مما ممكن التنظيمات الإرهابية من السيطرة عليها.
وأخيرا وليس بأخر.. تحية للصقور حصن أمان مصر والمصريين.