و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

السحرة والمشعوذون كان لهم دور كبير في التاريخ، لكن أدوارهم لا تكتب في صفحات التاريخ الرسمى، ولعل أشهرهم في العصر الحديث كان راسبوتين الروسي، لكن التاريخ اقتصر على إبراز مظاهر سيطرته على البلاط القيصري الروسي، دون تفاصيل عن حقائق قواه السحرية، ذلك لأن العلم يتمسك بموقف ثابت لا يتزحزح بألا يعترف بما يدعى السحر، ولا يؤمن مطلقاً بما يتردد عن تسخير الجان، ولا بأى مما يسميه العلماء ويتبعهم المثقفون  ثقافة علمية، بالخزعبلات والخرافات، ويحاولون تقديم تفسيرات له من الناحية السيكولوجية، لبيان ما يجرى بين الساحر والمسحور والوسيط بينهما.

ولكن السحر مضى في طريقه لا يعبأ بالموقف العلمي ولا بنظرة المثقفين المتجاهلة، تماماً كما مضى العلم هو الآخر، في طريقه ليقدم الاختراعات التي غيرت شكل الحياة البشرية على سطح الأرض، تغيرات جذرية في مظاهر معيشتها ووسائلها وحل كثير من معضلاتها واستثمار إمكاناتها.

 

هل توقف السحر؟

هل أبطل السحرة صنعتهم وأحرقوا كتبهم وأخمدوا مباخرهم وقطعوا اتصالهم بعوالم الجن وحسابات النجوم والطلاسم وأسرار الحروف والأرقام؟!

إن شيئا من هذا لك يحدث حتى هذه اللحظة التي نعيشها!

بل أمعن السحرة في طريقهم فأنشأوا المدارس والمعاهد السرية والعلنية لتدريس "علومهم" بطرق "حديثة" بل منهم من راح يؤصل للسحر علمياً ويحاول الربط بينه وبين بقية العلوم بطرق تجمع ما بين المنهجين المتناقضين!

لكن على أى حال ظل السحرة مستمسكين بأصولهم وفي مقدمتها أنهم عالم خاص قائم على الأسرار وعلى التلقى المباشر من ساحر إلى آخر، وأيضاً بالمحافظة على استمرارية طقوسهم السرية التي لا يكشفونها للأجيال الجديدة منهم، إلا بشروط خاصة جداً وعلى مراحل طويلة، لمن أراد ان يتعلم أصول المهنة بطرق جدية ليبرع فيها.

وحتى الآن لم يتمكن العلم رغم كل التقدم المذهل الناتج عن العلوم التجريبية والصناعات القائمة على التكنولوجيا الحديثة، بإزاحة أو حتى زعزعة السحر ولا يزال المعتقدون في قوى السحر مستمسكين به بل ومنهم من يروج لمعتقداته بطرق علنية عبر كل وسائل الاتصال والتواصل وأجهزة الإعلام!.

 

مراكز السحرة

ويمكن ان تزعم بارتياح أن السحرة لم يفقدوا مراكزهم بالقرب من قمم المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأنهم حتى هذه اللحظة أكثر تأثيراً من العلماء المحترفين في بقية المجالات، فمازال هناك نزوع لا يفرق بين أدنى الفئات الشعبية وأرقي المستويات الطبقية، بأن هناك "ماورائات" في هذا العالم وأن العلوم التجريبية وحدها  لن تتمكن من الولوج إلى تلك ال"ماوراءات" لأنها تقتضى استعدادات وأساليب وأن لها مناهجها الخاصة لا يعترف بها العلم الآن ولكنها واقع ان لم يثبت وجوده علمياً فهو ثابت في يقين المؤمنين وأنه قادر على تحقيق ما يعجز عنه العلم حتى الآن. 

تم نسخ الرابط