
في عالم يتغير بوتيرة متسارعة، حيث تتداخل الثقافات وتتنافس اللغات، تظل اللغة العربية الرابط الحقيقي بين ماضينا وحاضرنا، والجسر الذي يربط الإنسان العربي بهويته وذاكرته الثقافية كانت وستظل اللغة العربية جزءًا أساسيًا من عملية بناء الإنسان المصري والعربي المتوازن والقوي.
وكما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته في حفل تخريج الدورة الثانية لتأهيل أئمة وزارة الأوقاف بالأكاديمية العسكرية المصرية، فإن “مصر، بتاريخها العريق وعلمائها الأجلاء ومؤسساتها الراسخة، كانت وستظل منارة للإسلام الوسطي المستنير”، وهو ما يشمل كذلك لغة القرآن الكريم التي تمثل جوهر الهوية المصرية والعربية. فالمحتوى الديني الذي نعيشه لا يمكن أن يتناغم مع قيم العدالة والرحمة التي نتطلع إليها، إلا إذا كانت اللغة التي نعبر بها قادرة على نقل هذه المفاهيم بوضوح وصدق.
اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي روح الأمة، وسيلة لبناء الإنسان فكريًا وعاطفيًا. بالكلمات العربية نصوغ وعينا، نُعبّر عن انتمائنا، ونحفظ تاريخنا. وعندما نحافظ على لغتنا، فإننا لا نحافظ فقط على أدواتنا التعبيرية، بل نحمي عقيدتنا، وهويتنا الثقافية، وإنسانيتنا وفي هذه المرحلة الدقيقة من تاريخنا، مع تصاعد موجات الجهل والتطرف والإلحاد، تصبح الحاجة إلى العلم والإيمان أكثر إلحاحًا. العلم يفتح لنا آفاق الفهم العميق، والإيمان يرسخ فينا القيم الإنسانية الداعية للرحمة والتعايش. وهنا تبرز أهمية اللغة العربية، فهي ليست فقط لغة القرآن، بل لغة الفكر والتنوير والنهضة.
الحفاظ على لغتنا العربية
وقد شدد الرئيس السيسي خلال حديثه على أن “الدولة المصرية تمضي بثبات وعزم في مشروعها الوطني لبناء الإنسان المصري بناءً متكاملاً يراعي العقل والوجدان”. وهذا البناء لن يتحقق إلا بالحفاظ على اللغة العربية، باعتبارها الركيزة الأساسية التي تمنحنا القدرة على التفكير السليم والتعبير الأصيل ومواجهة تحديات العصر دون التفريط في هويتنا في مواجهة الجهل والتطرف، يجب أن يكون العلم والإيمان هما السلاح. العلم الذي يعزز التفكير النقدي، والإيمان الذي يرسي القيم العليا. وإذا استطعنا أن ندمج بين العلم والإيمان، ونحافظ على لغتنا العربية، سنمتلك القوة لمجابهة التحديات التي تهدد ثقافتنا وقيمنا.
ومع ذلك، لا يمكن أن نغفل أهمية تعلم اللغات الأجنبية، التي تفتح أمامنا آفاق التواصل مع العالم وفهم تطوراته لكن يجب أن نحافظ على توازن دقيق، نتمسك فيه بلغتنا العربية، مع انفتاح واعٍ ومدروس على اللغات الأخرى واختتم الرئيس السيسي حديثه بالتأكيد على أن اللغة العربية هي لغة العلم والدين والفكر، وفي الوقت نفسه لغة العصر. وفي عالم تتزايد فيه الفجوات الثقافية واللغوية، تصبح العربية حجر الزاوية لبناء أمة قادرة على التفاعل مع تحديات الحاضر، دون أن تفقد جذورها وأصالتها.
وفي ظل إعادة تشكيل النظام العالمي على مختلف الأصعدة — الاقتصادية، السياسية والاجتماعية — وارتفاع منسوب عدم اليقين، تصبح قضية الحفاظ على اللغة العربية ليست مجرد قضية ثقافية، بل قضية وجود وقوة. في عالم تهدد العولمة فيه هويات الشعوب، يجب أن تتصدر اللغة العربية أولوياتنا، لأنها تمنحنا القدرة على صياغة رؤيتنا الخاصة وفهم العالم من منظورنا فلماذا لا تكون اللغة العربية هي أداة قوتنا في هذه المرحلة المفصلية؟، ولماذا لا نعتبرها جسرًا لبناء إنسان عربي قوي، متوازن، واعٍ، قادر على مواكبة تحديات العصر بثقة؟
في الوقت الذي يعاد فيه تشكيل العالم، تبقى اللغة العربية وسيلتنا للتعبير عن هويتنا ومكانتنا، وسر تعزيز وعينا وتمسكنا بجذورنا في الختام، الحفاظ على اللغة العربية مسؤولية جماعية، وهو جزء لا يتجزأ من عملية بناء الإنسان العربي القوي القادر على الإسهام بفاعلية في نهضة وطنه وتحقيق التنمية المستدامة في عالم سريع التغير، تظل اللغة العربية هي البوصلة التي ترشدنا إلى المستقبل، وتحفظ لنا هويتنا ونحن نبحر في عوالم جديدة.