و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

"تل أبيب" تعتبره أخطر سلاح فلسطيني

تقرير للأمم المتحدة: إسرائيل استهدفت القدرة الإنجابية لسكان غزة لمنع المواليد

موقع الصفحة الأولى

لا يزال سلاح الإنجاب في فلسطين يمثل صداعا في رأس إسرائيل، وتسعى طوال فترة حروبها الممتدة منذ عقود إلى تحجيم النسل الفلسطيني وتعتبر أن أطفال فلسطين قنابل موقوته تستهدف تدميرها طوال الوقت. 

وكشف خبراء في الأمم المتحدة في تقرير جديد، اليوم الخميس، أن إسرائيل ارتكبت "أعمال إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين ودمرت بشكل ممنهج منشآت رعاية صحية للنساء خلال الحرب على قطاع غزة واستخدمت العنف الجنسي كاستراتيجية في الحرب.

وقالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية وإسرائيل "السلطات الإسرائيلية دمرت جزئيا القدرة الإنجابية للفلسطينيين في قطاع غزة كمجموعة بأفعال منها فرض إجراءات بهدف منع المواليد وهي إحدى بنود أعمال الإبادة الجماعية في نظام روما الأساسي ومعاهدة منع الإبادة الجماعية".

وذكرت اللجنة أن تلك الإجراءات بالإضافة إلى ارتفاع عدد الوفيات بين الأمهات بسبب تقييد الوصول لإمدادات طبية يصل إلى حد جريمة الإبادة وهي من الجرائم ضد الإنسانية.

واتهم التقرير القوات الإسرائيلية باستخدام التعرية العلنية القسرية والاعتداء الجنسي في إطار الإجراءات الاعتيادية لتنفيذ العمليات لمعاقبة الفلسطينيين بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023.

ورفضت إسرائيل تلك الاتهامات، ووصفت البعثة الدائمة لإسرائيل في الأمم المتحدة في جنيف الاتهامات في التقرير بأنها لا أساس لها ومنحازة وتفتقر للمصداقية.

وقالت بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف في بيان ردا على ذلك إن الجيش الإسرائيلي "لديه أوامر واضحة... وسياسات تمنع صراحة مثل تلك الإساءات"، مضيفة أن عمليات المراجعة التي تنفذ تتسق مع المعايير الدولية.

تضاعف أعداد الفلسطينين 

ووفقا لأرقام جهاز الإحصاء الفلسطينى فى مايو الماضى، فإن عدد الفلسطينيين فى فلسطين وخارجها تضاعف نحو 10 مرات منذ نكبة عام 1948، وأضاف الجهاز فى بيان أنه على الرغم من تهجير نحو مليون فلسطينى فى عام النكبة وأكثر من 200 ألف فلسطينى بعد حرب يونيو 1967، فقد بلغ عدد الفلسطينيين الإجمالى فى العالم 14.63 مليون نسمة فى نهاية عام 2023، وشرح الجهاز الفلسطينى أن عدد الفلسطينيين فى فلسطين التاريخية بلغ نحو 7.3 مليون فلسطينى، فى حين قدّر عدد اليهود نحو 7.2 مليون مع نهاية عام 2023، ما يعنى أن عدد الفلسطينيين يزيد على عدد اليهود فى فلسطين التاريخية.

تلك الأرقام هى أكبر مخاوف الكيان المحتل، التى تفوق بمراحل مخاوفه من فصائل المقاومة وسلاح حماس، وتحمل تفسيرا منطقيا لإصرار إسرائيل المستمر باستهداف الأطفال والنساء خلال الحرب على قطاع غزة التى دخلت عامها الثانى، على الرغم من الضرر الذى لحق بها دوليا بسبب تلك المجازر، فالهدف الأساسى من عملية الإبادة الجماعية التى تجرى فى قطاع غزة هو إحداث تغيير ديموغرافى عميق فى التركيبة السكانية للأراضى الفلسطينية المحتلة، واستهدفت عملية التغيير الديموغرافى القضاء على ثلاث فئات عمرية أساسية تراها تل أبيب الأخطر على وجودها، وهى فئات الأطفال والنساء بشكل خاص والشباب بشكل عام، حيث تمثل فئة الشباب الأساس الذى يقوم عليه مشروع المقاومة الفلسطينية، فى حين فئة الأطفال والنساء هى ضمانة لاستمرار النسل الفلسطينى صاحب الأرض.

نسبة الأطفال من شهداء الحرب

وفقا لإحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية- حتى كتابة هذه السطور- بلغ عدد الشهداء خلال عام من الحرب 41805 آلاف شهيد، أى ما نسبته 1.8% من إجمالى سكان قطاع غزة، وبلغ عدد الأطفال منهم 16891 ألفا أى 40% من نسبة الشهداء من فئة الأطفال، و11458 ألف سيدة أى 27.4% من الشهداء من فئة النساء، هذا بخلاف إصابة 96.794 آخرين.

وبخلاف القتلى والمفقودين، فلقد خلفت الحرب جيلا من «العجزة»، حيث أكد متحدث اليونسيف أن الكثير من الأطفال خسر طرفا أو أكثر من طرف وعلى أقل التقديرات هناك 12 ألف طفل يمر بهذه الأزمة.

ووفقا للإحصائيات الرسمية، دمر الاحتلال الإسرائيلى منذ أكتوبر 2023 وحتى أغسطس الماضى أكثر من 117 مدرسة وجامعة كليا، و332 مدرسة وجامعة جزئيا حسب مركز الإحصاء الفلسطينى، تلك المدارس التى تحولت إلى مراكز إيواء لآلاف الأطفال والنساء النازحين، ووفقا لمجلس حقوق الإنسان فى جنيف فى إبريل 2024، فقد دمر الاحتلال أكثر من 80% من مدارس غزة، وخلال 6 أشهر فقط قتل أكثر من 5479 طالبا و261 معلما و95 أستاذا جامعيا، وأصيب أكثر من 7819 طالبا و756 معلما.

حتى الأجنة التى لم تخرج للحياة بعد لم تسلم من الإرهاب، حيث استهدفت قذيفة إسرائيلية أكبر مركز للخصوبة فى قطاع غزة، وقضت على أكثر من أربعة آلاف من أجنة أطفال الأنابيب، إضافة إلى ألف عينة أخرى لحيوانات منوية وبويضات غير مخصبة كانت هى الأخرى مخزنة فى مركز البسمة للإخصاب وأطفال الأنابيب.

دق مركز الإحصاء الفلسطينى ناقوس الخطر بما تقوم به إسرائيل، حيث توقع أن يتأثر التركيب العمرى والنوعى للسكان نتيجة ما اعتبره استهداف الجيش الإسرائيلى المتعمد لفئات محددة كالأطفال والشباب، معتبرا أن ذلك يؤدى إلى «تشوه شكل الهرم السكانى فى ظل توقعات بانخفاض عدد المواليد للسنوات المقبلة نتيجة استهداف فئة الشباب».

وأفاد الجهاز إلى أن البيانات تشير إلى أن نسبة الشباب من إجمالى عدد الشهداء الذكور تبلغ حاليا نحو 26%، وبلغت نسبة الشهداء دون سن 30 سنة نحو 75%، وأن هناك حوالى 3.500 طفل معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، فى حين بلغ عدد الجرحى أكثر من 95 ألفا، 70% منهم من النساء والأطفال، إضافة إلى نحو 10 آلاف مفقود.

وأشار إلى أنه بناء على هذه المعطيات، فإن معدل النمو المقدر فى قطاع غزة لعام 2023 سينخفض من نحو 2.7% وفق تقديرات الجهاز لعام 2023 إلى نحو 1% فقط خلال عام 2024 وتحديدا بعد منتصف العام، إذ ستنخفض معدلات المواليد والإنجاب بصورة كبيرة جدا نتيجة لتوجه الأزواج لعدم الإنجاب نظرا للأوضاع السائدة، وخوفا على صحة الأمهات والأطفال، وانخفاض عدد حالات الزواج الجديدة خلال عدوان الاحتلال إلى مستويات متدنية للغاية.

وأضاف المركز، فى إحصاء له فى أغسطس الماضى، تزامنا مع يوم الشباب العالمى، أنه من المتوقع أن يتأثر التركيب العمرى والنوعى للسكان مباشرة نتيجة لاستهداف جيش الاحتلال المتعمد لفئات محددة للسكان كالأطفال والشباب، ما يؤدى إلى تشوه فى شكل الهرم السكانى خاصة فى قاعدته، مع العلم أن هناك تأثيرا متوسطا وبعيد المدى يتوقع أن يطال التركيب العمرى للسكان، يتمثل بانخفاض عدد المواليد للسنوات المقبلة والذين يمثلون القاعدة الأساسية للهرم السكانى، نتيجة لاستهداف فئة الشباب التى تنجب أو التى يتوقع أن تساهم فى إنجاب الأطفال خلال السنوات المقبلة.

 

تم نسخ الرابط