بعد صراع مع المالكية
الشيخ إبراهيم البرماوي «أول شافعي» يتولي إمامة الجامع الأزهر

تولّى مشيخة الأزهر 44 شيخًا من علمائه، وكان الإمام إبراهيم البرماوي ثاني هؤلاء الأئمة، بعد الشيخ محمد الخراشي.
فبحسب معظم المصادر التاريخية، بعد وفاة الإمام الأول، دار تنافس كبير على تولي مشيخة الأزهر بين مشايخ المالكية من تلامذة الشيخ الخراشي، ومشايخ الشافعية، ولكن استقر الأمر أخيرا على تولي الشيخ إبراهيم البرماوي مشيخة الأزهر عام 1101 هـ/ 1690 م، ليكون بذلك ثاني مشايخ الأزهر الشريف.
ولد الشيخ إبراهيم بن محمد بن شهاب الدين بن خالد، برهان الدين البرماوي، الأزهري الشافعي الأنصاري الأحمدي، الذى نسب إلى مسقط رأسه في قرية برما التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية، حيث حَفِظَ القرآن الكريم في كُتاب القرية، وتلقى على أيدى مشايخها العلوم الشرعية واللغوية الاولى المؤهلة للالتحاق بالأزهر.
انتقل الشيخ إبراهيم البرماوي إلى القاهرة في سن الخامسة عشر من عمره، حيث التحق بالأزهر الشريف ودرس علوم اللغة العربية وعلوم الشريعة على أيدي أعلام الأزهر الشريف في عصرة مثل الشيخ الشمس الشوبري والمزاحي والبابلي والشبراملسي تلميذ الشيخ الخراشي، إلا أن الشخصية الأكثر تأثيراً فيه وكان ملازماً له فهو الشيخ أبي العباس شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبي، الذي احتضن الإمام البرماوي بسبب نبوغه وتفوقه وذكاءه، وهو ما أهل الإمام البرماوي للتصدى للتدريس والجلوس مكان أستاذه الشيخ القليوبي مبكرًا.
وصعد نجم الشيخ إبراهيم البرماوي على أقرانه وبدأ طلبة العلم يقبلون عليه، فاستطاع تربية جيل كبير من الأزهرين ومنهم الشيخ العجلوني، والشيخ علي بن المرحومي، والشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي الذي تولى مشيخة الأزهر فيما بعد وكان السادس في ترتيب المشيخة وقد كان من ألمع تلاميذه.
صراع بين المالكية والشافعية
وتولى الشيخ البرماوي مشيخة الأزهر عام1101 هـ/ 1690 م، ولمدة 6 سنوات شهد خلالها الأزهر صراعًا بين مشايخ المالكية والشافعية، بعد أن خرجت مشيخة الأزهر من أيدي المالكية على يداه ولم يكن شيخ الأزهر يُعيَّن من قِبَلِ أولياء الأمور، وإنما كان يُختار من بين علماء المذهب المسيطِر، فإذا كان النُّفوذ للمالكيَّة كان مالكيًّا، وكان النُّفوذ أيَّام الشيخ الخراشي سلفه للمالكيَّة ولهذا كان تولِّي الشيخ البرماوي لمشيخة الأزهر وهو شافعي يُعتَبر أمرًا غريبًا.
اهتم الإمام إبراهيم البرماوي بالعديد من القضايا التي برزت في عصره وكان الحديث دائرًا عليها، فعالجها بكتاباته ومصنفاته، ومنها قضية الخوارق التي يُمِدُّ الله تعالى بها مَن يصطفي مِن خلْقِه على سبيل التأييد والتكريمِ.
وقدم شرحًا مفصلًا لأبيات العلامة جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى، جمع فيها أسماء من تكلَّموا في المهد وبدأها بقوله: تكلَّم في المهدِ النبيُّ مُحمد ويحيى وعيسى والخليلُ ومريم وشرح هذه الأبيات مستعرضا ما ورد من أحاديث وأخبار صحيحة في سبب نطق هؤلاء المذكورين في أبيات السيوطي.
وقدم شرح مفصل للأمور الفقهية على متن أبى شجاع على شرح ابن قاسم (الغزي) في الفقه الشافعي. كما سطر الإمام إبراهيم البرماوي الكثير من المؤلفات المهمة في الحديث، وفقه الشافعية، والفرائض، والمواريث، والتصوف، منها حاشية على شرح الشيخ يحيى القرافي لمنظومة ابن فرح الإشبيلي في علم مصطلح الحديث، وحاشية على شرح ابن قاسم (الغزي) في الفقه الشافع.
كما كتب حاشية على شرح السبط (وهو المارديني المتوفى سنة 907 هـ) على الرحبية في الفرائض، والميثاق والعهد فيمن تكلم في المهد، ورسالة في الدلائل الواضحات في إثبات الكرامات، والتوسل بالأولياء بعد الممات في التصوف والتوحيد، وكذلك حاشية على شرح الشيخ "القرافي" لمنظومة ابن فرح الأشبيلي، وهي منظومةٌ في علم مصطلح الحديث.