إبن قرية خراش بالرحمانية محافظة البحيرة
قصة الشيخ الخراشى أول إمام للأزهر الشريف بعد 741 عاماً من إنشاؤه

بعد بناء الأزهر الشريف في عهد الدولة الفاطمية عام 972 ميلادية كان للأزهر ناظر حتى أصدر السلطان العثماني سليمان القانوني فرمانا بضرورة تنصيب شيخ للأزهر يختاره العلماء وقد تم اختيار الشيخ محمد بن عبد الله الخراشي، الذى كان أول إمام للجامع الأزهر وأحد كبار العلماء المسلمين.
وبحسب معظم المصادر التاريخية، كان الشيخ الخراشي هو أول من صدر له فرمان عثماني لتولى منصب شيخ الجامع الأزهر وتولي رئاسة علمائه، والاشراف علي شئونه الإدارية والحافظ علي الأمن والنظام بالأزهر، وظل المتبع منذ عهده أن ينتخب من بين كبار العلماء ناظر يشرف علي شئونه وظهر منصب «شيخ الأزهر» بعد مرور 741 عاما علي إنشاء الجامع الأزهر وتحديدا عام 1101هـ عندما تولي المنصب للمرة الأولي الشيخ محمد الخراشي .
سمي بالخراشي نسبة إلى قريته التي ولد بها، قرية أبو خراش، التابعة لمركز الرحمانية ، بمحافظة البحيرة عام 1601، ولم ينل الشيخ الخراشي شهرته الواسعة هذه إلا بعد أن تقدمت به السِّن، ولذلك لم يذكر أحد من المؤرخين شيئاً عن نشأته.
تلقى الشيخ تعليمه على يد نخبة من العلماء والأعلام، مثل والده الشيخ جمال الدين عبد الله بن علي الخراشي الذي غرس فيه حبًّا للعلم وتطلعًا للمعرفة، كما تلقى العلم على يد الشيخ العلامة إبراهيم اللقاني..
كما تلقى الخراشي أيضًا العلم على أيدي الشيخ الأجهوري، والشيخ يوسف الغليشي، والشيخ عبد المعطي البصير، والشيخ ياسين الشامي، وغيرهم من العلماء والمشايخ الذين رسموا لحياته منهجًا سار على خطواته حتى توفاه الله.
ودرس الخراشي علوم الأزهر من التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، إلى جانب علوم المنطق، والوضع والميقات، على أيدي شيوخ عظماء بعلمهم وخلقهم.
شيخ مشايخ الأزهر الشريف
ومن تلاميذ الشيخ الخراشي الشيخ عبد الباقي القليني الذي تولى مشيخة الأزهر وأصبح رابع المشايخ، وكذلك إبراهيم بن موسى الفيومي سادس مشايخ الأزهر، كما تتلمذ على يديه الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي الذي أصبح شيخًا للأزهر، إلى جانب المئات من العلماء.
كان الشيخ الخرشي متواضعًا عفيفًا، واسع الخلق، كثير الأدب والحياء، كريم النفس، حلو الكلام، يُسَخِّر نفسه لخدمة الناس وقضاء حاجاتهم بنفسه، واسع الصدر، تعلم على يديه طلاب العلم من شتى بقاع الأرض يسألونه ويستمعون إليه ويناقشونه دون ضيق منه أو تذمر، رحب الأفق لا يمل ولا يسأم.
قال عنه الشيخ علي الصعيدي العدوي المالكي في حاشيته التي جعلها على شرحه الصغير لمتن خليل: هو العلامة الإمام والقدوة الهمام، شيخ المالكية شرقًا وغربًا، قدوة السالكين عجمًا وعربًا، مربي المريدين، كهف السالكين، سيدي أبو عبد الله بن علي الخراشي.
انتهت إليه الرياسة في مصر حتى إنه لم يبق بها في آخر عمره إلا طلبته، وطلبة طلبته، وكان متواضعًا عفيفًا، واسع الخلق، كثير الأدب والحياء، كريم النفس، جميل المعاشرة، حلو الكلام، كثير الشفاعات عند الأمراء وغيرهم، مهيب المنظر، دائم الطهارة، كثير الصمت، كثير الصيام والقيام، زاهدًا، ورعًا، متقشفًا في مأكله وملبسه ومفرشه وأمور حياته، وكان لا يصلي الفجر صيفًا ولا شتاء إلا بالجامع الأزهر، ويقضي بعض مصالحه من السوق بيده، وكذلك مصلحة بيته في منزله.
وذاع صيت الخراشي وسمت مكانته بين العامة والخاصة على حد سواء، فكان الحكام يقبلون شفاعته، وكان الطلبة يقبلون على دروسه، وكان العامة يفدون إليه لينالوا من كرمه وعلمه.
واشتهر الإمام الخراشي في أقطار الأرض كبلاد المغرب، والشام، والحجاز، والروم، واليمن، وشرق أسيا ومعظم البلاد الأفريقية، بوصفه إمام المسلمين.