التهديد أصبح حقيقة
«الكبير أوي» سبق جماعة الحوثى فى قطع كابلات الإنترنت البحرية
في فيلم “طير أنت”، بطولة نجم الكوميديا المصرى أحمد مكى، كان أول ظهور لشخصية "الكبير أوي" الذى ينهر زوجته لأنها استخدمت الإنترنت من وراء ظهره، وحصلت على صورة لـ "مهند بطل المسلسل التركي" في هذا الوقت.
وعقابا لزوجته التى استخدمت الإنترنت دون علمه، قرر "الكبير أوى" قطع كابل الإنترنت في البحر ليمنعه عن زوجته، وقال جملته الشهيرة وهو يتابع نشرة الأخبار التى تذيع نبأ عاجل بقطع الكابلات البحرية "يقطع النت على النتيت على اللي هينتتوا عليه".
ذلك المشهد الشهير الذى جاء فى فيلم "طير انت" عام 2009، تم استدعائه بعدما نشرت مجموعات محسوبة على جماعة الحوثى اليمنية خرائط لكابلات الإنترنت البحرية التي تمر في البحر الأحمر، الأمر الذي اعتبره البعض تهديداً لقطع خطوط الشبكة العنكبوتية.
فيما أكد خبراء أمنيون اليوم، أن التهديد أصبح حقيقة بعدما تم قطع خدمة الانترنت عن عدة دول، نتيجة قطع بالكابلات البحرية فى البحر الأحمر.
فقبل أيام نشرت مجموعات محسوبة على الحوثيين خريطة على قناة في تطبيق "تيليجرام" تظهر فيها شبكة كابلات الإنترنت الدولية التي تمر في البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر، وبحر العرب، ومنطقة الخليج وأرفقت الخريطة بعبارة؛ "توجد خرائط للكابلات الدولية التي تربط جميع مناطق العالم عبر البحر، ويبدو أن اليمن في موقع استراتيجي، حيث تمر بالقرب منها خطوط الإنترنت التي تربط قارات بأكملها - وليس الدول فقط".
وفي اليوم نفسه، نشرت قناة تيليجرام تابعة لحزب الله اللبناني صورة بالأقمار الصناعية للبحر الأحمر وكتبت: "هل تعلم أن خطوط الإنترنت التي تربط الشرق بالغرب تمر عبر مضيق باب المندب؟" كما نشرت قناة أخرى في العراق قائلة: "كابلات الإنترنت العالمية التي تمر عبر مضيق باب المندب أصبحت في قبضتنا".
واليوم، أعلنت شركة الاتصالات الدولية "سيكوم" عن خلل في بنيتها التحتية بالبحر الأحمر، مما أثر على نظام الكابلات في أفريقيا، فيما توجهت أصابع الاتهام لجماعة الحوثيين في اليمن.
95 % من الاتصالات الدولية
تتم الغالبية العظمى من الاتصالات في العالم باستخدام الكابلات تحت الماء، فأكثر من 95 % من الاتصالات الدولية تنتقل عبر الكابلات تحت الماء.
ويبلغ طول كابلات الاتصالات تحت الماء في قاع البحار في جميع أنحاء العالم نحو 800 ألف كيلومتر، وهي تضمن قدرة مواطني العالم على التواصل بصور مختلفة.
تتكون هذه الكابلات في الغالب من ألياف بصرية، والتي تنقل المعلومات بمعدل يساوي حوالي 150 مليون مكالمة هاتفية عبر الإنترنت في وقت واحد.
ومثل طرق التجارة فوق مستوى سطح البحر، يعد نشر كابلات الاتصالات في منطقة البحر الأحمر أحد أهم المحاور وأكثرها ازدحاماً حيث تربط الجزء الشرقي من الأرض بالغرب.
وتمر شرايين الاتصال الرئيسية عبر قاع المحيط الهندي ومياه بحر العرب من الهند، على طول سواحل شبه الجزيرة العربية إلى البحر الأحمر وقناة السويس في طريقها إلى البحر الأبيض المتوسط وشواطئ أوروبا.
ويمر ما يقرب من 20 كابل بحري محتلف في مضيق باب المندب، وهي نقطة استراتيجية تقع في مرمى سهام الحوثيين.
ورغم الصعوبة البالغة لاستهداف تلك الكابلات البحرية بعمل تخريبي خاصة وأنها تقع على عمق مئات وآلاف الأمتار تحت مستوى سطح البحر، بحسب خبراء الاتصالات إلا أن الجماعة تمكنت من تنفيذ تهديها.
وتشير التقديرات الدولية إلى أن حوالي مائتي كابل اتصالات بحري يتضرر كل عام في جميع أنحاء المحيطات، أغلبها أضرار عن غير قصد ناجمة عن معدات الصيد ومراسي السفن، ومع ذلك، يبدو أن حوالي ثلث الضرر ناتج عن نشاط متعمد.
وكانت شركة "جوجل" قد أعلنت قبل عدة سنوات أنها بدأت التخطيط لمد شبكة ألياف ضوئية تمر عبر كابل بحري وأرضي بين الهند وأوروبا، ولتجاوز القسم البحري من هذه الكابلات والتي يفترض أن تمر من أمام اليمن، تخطط جوجل لمد الكابل في السعودية وإسرائيل، مع تجنب نقل الاتصالات عبر مناطق تتميز بعدم الاستقرار السياسي مثل اليمن وسوريا وإيران والعراق.
16 كابل بالبحر الأحمر
ويشير موقع "وايرد" التقني إلى أن هناك 16 كابل للإنترنت تمر عبر البحر الأحمر، حيث تقوم برحلة طولها 100 ميل حتى تصل إلى البحر الأبيض المتوسط. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 17% من حركة الإنترنت في العالم تنتقل عبر هذه الكابلات، حيث تعالج هذه الخطوط ما بين 17% إلى 30% من حركة الإنترنت في العالم، أو ما يعادل بيانات 1.3 إلى 2.3 مليار شخص.
ويقول آلان مولدين، مدير الأبحاث في شركة أبحاث سوق الاتصالات TeleGeography، إن هذه المنطقة كانت لديها في عام 2021 نحو 178 تيرابايت من السعة، ويضيف أن مرور البيانات عبر كابلات البحر الأحمر وعبر مصر إلى أوروبا يعد أقصر طريق يصل بين آسيا وأوروبا. وأضاف أنه في حين أن بعض كابلات الإنترنت العابرة للقارات تمر سطحياً عبر الأرض، إلا أنه من الآمن بشكل عام وضعها في قاع البحر حيث يصعب تعطيلها أو التطفل عليها.
وبحسب تقرير صدر في 2010 عن البنية التحتية العالمية لاتصالات الكابلات البحرية، فإن كل حركة الاتصالات الإلكترونية العابرة للقارات في العالم تجرى عبر الكابلات البحرية، وأنه من دون هذه الكابلات فلن يكون هناك إنترنت ولا اتصال بين قارات العالم.
ويؤكد خبراء الاتصالات أنه يكاد يكون من المستحيل تعطيل كافة كابلات الإنترنت في البحر الأحمر، كما أن الشركات المسؤولة عن هذه الخطوط لا تستخدم كابلًا واحدًا فحسب، بل إن لديها كابلات متعددة في مناطق أخرى، واذا تعطل أحد تلك الخطوط، فسيتم إعادة توجيه حركة مرور البيانات عبر كابلات أخرى.
كما يقدم الإنترنت الفضائي نوعاً من الدعم حال حدوث أضرار لبعض الكابلات، لكنه حتى اليوم لا يمكن اعتباره بديلاً كاملاً للكابلات.
يقول خبراء إنه وفي حالة افتراض الانقطاع الكامل لكابلات الإنترنت وخصوصاً في منطقة شديدة الحساسية كالشرق الأوسط، سيؤدي إلى حالة من الشلل التام في التواصل، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على الشركات والحكومات والأفراد الذين يعتمدون على هذه الخدمات في العمليات اليومية، بما في ذلك الاتصالات والتجارة الإلكترونية والمعاملات المالية والوصول إلى المعلومات.