و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

فى ذكرى رهبنته السبعين

بحضور شخصيات عامة ..قداسة البابا والاساقفة يحتفلون بـ " البابا شنودة "

موقع الصفحة الأولى

لم يكن البابا شنودة الثالث " بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية" راهبا عاديا يمكن أن يمر عبر صفحات التاريخ دون التوقف على المحطات واللحظات الفارقة فى حياته والتى أهلته ليكون مؤسسا لواحدة من أعرق مدارس الرهبنة على نهج أباء الكنيسة الأولين وتلاميذ المسيح ؛ محافظا على التقليد المستلم من مئات السنين ونظرا لإخلاصه فى نسكه حظى بشعبية غير عادية من محبيه وتلاميذه ومن ساروا على خطاه بعد رحيلة لكونه شخصية نادرة لا تتكرر كثيرا فى تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لجمعه بين الزهد و الثقافة والحزم بطريقة تعكس عمق خبرة سنوات من الكفاح الرهبانى فهو يلقب  ب"أب الرهبنة فى العصر الحديث،"

وفى الذكرى السبعين " لرهبنة أب الرهبان" نسترجع بداياته الأولى بعد أن أخذ على عاتقه مبدأ" الرهبنة إنحلال من الكل للإتحاد بالواحد" وبدأت تتدفق الى ذهنه فكرة الرهبنة تدريجيا  ليحقق شهوة قلبه فى الوحده مع الله وساهمت العوامل الإجتماعية فى تأجيج الفكرة لاسيما وأن البابا شنودة كان يتيما بعد رحيل والدته فى سن مبكر وتولى تربيته شقيقه روفائيل الأكبر .

طفولته 

لم يعيش نظير جيد أو البابا شنودة حياة اللهو واللعب مثل بقية  الأطفال فى سنه وكان يميل لمن هم أكبر سنا منه من أصدقاء شقيقه الأكبر وإتخذ من القراءة هواية له منذ نعومة أظافرة   مما ساهم فى إتساع أفاقه المعرفية والثقافية والحياتيه بشكل كبير وحتى الخطب السياسية للزعماء مثل مكرم عبيد باشا نالت جانب من تفكيره وكان يحفظ منها الكثير .

وفى عام ١٩٣٩ التحق نظير جيد بعددا من الكنائس منها السيدة العذراء مريم بمهمشه والأنبا أنطونيوس بحى شبرا ومنذ وقتها اتجه الى مفهوم التوحد وكان يختلى بذاته فى غرفته الصغيرة مع عائلته بحى شبرا ليدون خواطر وتأملات على حوائط المنزل.

وحكى القس جرجس سعيد الراحل وصديق البابا شنودة أن نظير جيد كان يحرص أسبوعيا على الخلوة الروحية بمنطقة سفح الهرم مع خدام أخرين من أجل الصلاة والتضرع الى الله .

رهبنته فى دير السريان

وفى عام ١٩٧٤ التحق نظير جيد بكلية الضباط الإحتياط لمدة ثلاث سنوات بحى الماظة وكان يحرص على السفر الى دير السريان لعدة أيام للخلوة والتوحد مع الله وفى عام ١٩٥٤ ؛ إتخذ جيد قرار الرهبنه متفردا ودون الرجوع  لأحد فى مفاجأة لافته للنظر بين معارفه وأصدقائه وإتخذ اسما رهبانيا وقتها وهو " أنطونيوس السريانى" وأرسل وقتها خطابا لشقيقه شوقى جيد من سطر واحد قائلا له " أرجو أن نلتقى فى السماء"

ونظرا لنشاطه وإجتهاده الملحوظ؛ أوكل له الأنبا ثاؤفيلس رئيس دير السريان الإشراف على مخطوطات ومكتبة الدير وبعد فترة اخذه الحنين مجددا الى حياة الوحدة التى أصبحت مكون أصيل فى شخصيته وبالفعل إتخذ لنفسه مغاره فى الجبل ظل بها ست سنوات دون رؤية وجه بشر وكان خلالها يدرس ويقرأ كتب ومراجع لاهوتيه وعقائدية وشتى المجالات الثقافية وتحت ضغط الظروف قبل البابا شنودة رسامته قسا مع البقاء فى مغارته دون تركها .

 

الباباوية

وفى عام ١٩٦٢ ؛ رسم نظير أو الراهب القس انطونيوس السريانى أسقفا عاما للمعاهد الدينية والتربية الكنيسة وشكلت نقطة فارقة فى حياته بعد أن كان يسكن الجبال والمغائر أصبح يجوب المحيطات والبحار والقارات  ويركب الطائرات " على حد تعبيره فى مذكراته" وتمت الإنتخابات الباباوية عقب رحيل البابا كيرلس السادس وشاءت السماء إختيار نظير حيد روفائيل ليصبح بطريرك الكنيسة ١١٧ و خلال سنوات باباويته نجح فى عمل نهضة كبيرة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بتأسيس وتعميرأديرة داخل وخارج مصر وارسال رهبان لبعثات دراسية وغيرها من الجوانب التى تحتاج كتبا وعشرات الصفحات لتدوين تاريخ شاعرا وصحفيا ومفكرا بدرجة بطريرك.

تسلم الأنبا إرميا " الأسقف العام" تركة ضخمة فى مسئوليتها و تعدد مهامها وأهميتها من البابا شنودة الثالث وهو المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسي وكان الأحق بها ليس فقط لكونه الأكثر قربا من البابا شنودة هو والأنبا يوأنس وقتها " أسقف أسيوط" وخدمتهم وأمانتهم  له خلال سنوات مرضه فقط بل لكون الأنبا إرميا إكتسب نهج البابا شنودة فى خدمته وسنوات حبريته وتعلم منه الكثير والكثير من الخبرات لذلك عندما تولى مسئولية المركز الثقافى الكاملة ومن ثم قناة مى سات التى أصبحت فى صدارة القنوات القبطية لمصداقيتها ومهنيتها ؛ نجح فى خلق حالة من الدفء الوجدانى والفكرى مع الشعب والتى خلفها البابا شنودة وراءه بعد رحيلة .

 

المركز الثقافى القبطى يحتفل على طريقته بذكرى رهبنة البابا شنودة 

وأصبح المركز الثقافى القبطى شعلة متقدة للخدمة و توصيل رسالة الكنيسة للعالم أجمع ليس فقط فى المجال الروحانى ولكن فى مختلف المجالات الثقافية والعلمية و الإعلامية والإجتماعية ومن هنا كانت بصمته حاضرة فى الإحتفالية السنوية للبابا شنودة وفى كل مرة يبدع فى الإبتكار والتطوير للخروج بأفضل صورة ممكنة تليق بهذا الآرث القيم والذى ستتوارثه الأجيال من بعده.

ولكن فى هذا العام ؛ كانت إحتفالية المركز الثقافى القبطى مختلفة ليس فى الشكل فقط بل فى المضمون أيضا بعد أن نجحت من خلال الأنبا إرميا والقائمين عليها من خلف الستار فى تحريك الوازع الوطنى وتوحيد الأقباط والمسلمين خلف فكرة خالدة وشخصية لن ينساها التاريخ وحضر الحفل لفيف من الأساقفة و الشخصيات العامة والمثقفين و الإعلاميين وأعضاء البرلمان ومخالف المجالات مثل الأنبا بولا " أسقف طنطا" والأنبا روفائيل " أسقف كنائس وسط البلد" والأنبا سيداروس " الأسقف العام لكنائس عزبة النخل والمرج" وخالد البلشي نقيب الصحفيين و مصطفى بكرى عضو مجلس النواب وعيد لبيب عضو مجلس الشورى الأسبق و نجيب جبرا رئيس الإتحاد المصرى لحقوق الإنسان و الإعلامى محمد الغيطى ومحمود الضبع " رئيس تحرير موقع الصفحة الأولى" والعديد من الكتاب والصحفيين لكون البابا شنودة فى داخل وجدانه صحفيا وشاعرا وكان عضوا بنقابة الصحفيين ويقدر مهنة البحث عن المتاعب مهما كان يحدث إختلافات بينه وبين الصحف الا انه كان ينجح بدبلوماسيته المعهوده فى إحتواء كل الأمور بينما حضر عددا من أعضاء البرلمان مثل النائب محمد عبد العزيز وكامل ميشيل وأيضا ممثلين عن الأحزاب مثل حزب مصر إكتوبر.

كلمات فى المؤتمر خارج المألوف

وكانت الكلمة الإفتتاحية لنيافة الأنبا إرميا ومن ثم  المتحدثين الذين تباروا فى كلماتهم لوصف تاريخ من الوطنية والعطاء لرمز لن يتكرر كثيرا لكنه سيظل محفورا فى قلوب ملايين المصريين فى الوقت الذى طالب فيه رجل الأعمال عيد لبيب بتخصيص شارعا بأسمه أسوة بالزعماء الوطنيين والسياسيين بينما أشار الإعلامى محمد الغيطى إلى ضرورة إنتاج عمل فنى ضخم ملحمى يجسد حياته فى الدراما التلفزيونية المصرية وعرج خالد البلشى نقيب الصحفيين الى مبادىء البابا شنودة وحرصه على عدم التفريط فى القضية الفلسطينية حتى أخر يوم فى حياته .

وفى نهاية المؤتمر وزع المركز الثقافى عددا من الهدايا التذكارية على الحضور والتى إحتوت على صور بمناسبة تذكار البابا شنودة " بابا العرب " و أب الرهبنة الحديثة.

تم نسخ الرابط