الأولى و الأخيرة

لماذا أثار مخاوف إسرائيل؟

اتحاد القبائل العربية في مصر.. دعما لمواقف الدولة أم تهديدا لوحدتها

موقع الصفحة الأولى

يوما بعد يوم، تتسع دائرة حضور اتحاد القبائل العربية ، الذى تم الإعلان عن تدشينه برئاسة رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، قبل نحو أسبوع، عبر بيانات إعلامية يتابع فيها الشأن السياسي في المنطقة.
اتحاد القبائل العربية، الذى عقد مؤتمرًا جماهيريًا أمس في منطقة المنصورية بالجيزة، يسلط الضوء على دور الاتحاد والإعلان عن خطة العمل المستقبلية، لازال محل جدل داخل الشارع المصري.
الجدل وصل إلي وسائل إعلام إسرائيلية التى أبدت مخاوفها من وجود الاتحاد المعني بمساندة خطة الدولة للتنمية في سيناء، لاسيما بعد بيانه الأول الذى طالب فيه بضرورة إجبار إسرائيل علي الخروج من معبر رفح .
الاتحاد أكد في بيانه الأول تبريرا لوجوده إن الفترة المقبلة تشهد تطورات وسيناريوهات متعددة، وهو أمر يستوجب يقظة الجميع لمواجهة التحديات التي تواجه الوطن، والرد على حملات الأكاذيب والشائعات.
وأشار إلي انه يستهدف توحيد القبائل وتنمية المناطق المحرومة، ودعم المشروع الوطني للرئيس عبد الفتاح السيسي.
ورغم توضيح أساب وجود اتحاد القبائل العربية، إلا أن الانتقادات التي رافقت الإعلان عن تدشينه استمرت علي مواقع التواصل الاجتماعي، وخرج كثيرون يعبرون عن مخاوفهم على وحدة الدولة، بينما ذهب آخرون بعيدا وحذروا من خطورة خلق كيان مسلح يضعف مؤسسات الدولة.
وفي المقابل صدرت بيانات عديدة لدعم الاتحاد من بعض الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية التى رأت في تأسيس الاتحاد دعما لمكونات المجتمع المدني، وخطوة في غاية الأهمية لمواجهة التحديات التي تهدد الأمن القومي المصري.

الأمن القومي المصري


الكاتب الصحفي وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، بوصف متحدثا رسميا باسم الاتحاد، دافع عن وجوده معتبرا أن الاتحاد ليس أمرا جهويا، وإنما مصر في تركيبتها السكانية عبارة عن فلاحين وحضر وبدو، وأن البدو تم تهميشهم لسنوات كثيرة، والقبائل العربية خاصة في المناطق الحدودية، مشددا علي ان اتحاد القبائل العربية لا يعمل خارج إطار الشرعية القانونية، وسيتقدم خلال أسابيع قليلة لوزارة التضامن الاجتماعي من أجل إنشاء جمعية ضمن الجمعيات الأهلية.
وشدد بكري علي أن الاتحاد ليس تنظيماً مسلحاً، وإن أبناء القبائل قاموا بتسليم السلاح الذي كان بحوزتهم خلال مواجهة الإرهاب، إلى القوات المسلحة منذ عام 2020، مؤكداً أنه لا يرى لمنتقدي تدشين الاتحاد مبررات منطقية في ظل وجود جمعيات عدة مسجلة لدى وزارة التضامن لفئات مجتمعية كثيرة على غرار اتحاد القبائل العربية.
ويتفق مع هذا الرأي، نائب رئيس حزب مستقبل وطن، وعضو مجلس النواب، علاء عابد، في اعتبر أن اتحاد القائل العربية مثله مثل أي نقابة او جمعية فئوية تماما كنقابة الفلاحين، والأشراف، والصوفيين، وكلها اتحادات تمثل قطاع من المصريين. 

دعم شعبي وطني


وقال أن البدو الذين يمثلون القبائل العربية في مصر، هم فصيل موجود في المحافظات الحدودية التي تحتاج إلى دعم شعبي وطني، ويدركون أهمية مصر وحدودها والحفاظ عليها بالتعاون مع مؤسسات الدولة.
وكذلك أعلن مساعد رئيس حزب الوفد حازم الجندي ترحيبه بتأسيس اتحاد القبائل العربية في مصر مؤكدا انه جاء في توقيت هام، بالتزامن مع مواجهة سيناء العديد من التحديات الأمنية المتلاحقة، وهو الأمر الذي تكرر مع النائب الوفدي سليمان وهدان، وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد، الذي ربط في بيان له تأسيس الاتحاد بعملية التنمية التي تجري في سيناء ودور الدولة في تقديم الدعم لأهاليها.
وأكد النائب سليمان وهدان إن الاتحاد يضم رموزًا وقيادات لتوحيد الصف للقبائل لمواجهة التحديات التي تواجه الوطن.
وأوضح وهدان أن القبائل العربية لها أدوار تاريخية في حماية الدولة والوقوف خلف القيادة السياسية، مؤكدا أن سيناء تشهد عملية تنموية كبيرة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمختلف الأصعدة بجانب مجابهة الإرهاب.
وشدد على أهمية الاصطفاف خلف القيادة السياسية في ظل ما تواجهه من تحديات جسام سواء في الداخل أو الخارج وما تشهده فلسطين والتخطيط لعمليات التهجير إلى سيناء وهو ما ترفضه مصر تمامًا.


يهدد وحدة الدولة


في المقابل، تبنت أحزاب سياسية وبعض السياسيين موقفًا مغايرا، معتبرين أن الاتحاد يهدد وحدة الدولة، وهو ما أكد عليه المحلل السياسي ومستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية عمرو الشوبكي، لافتا إلي أن تلك المخاوف مشروعة، مطالبا الحكومة بضرورة العمل على تبديدها.
وأشار إلى إسراع اتحاد القبائل العربية نفسه بالتأكيد على أن مصر قائمة على فكرة الدولة الوطنية ولا تقبل وجود كيانات موازية.
وأوضح الشوبكي أنه من المفترض أن تؤكد الدولة في النهاية أن كل الأمور تتم تحت عباءتها ومؤسساتها، وتعمل على تبديد تلك المخاوف وتخاطب الرأي العام بشفافية.

وحول المقارنة بين اتحاد القبائل العربية في مصر وقوات الدعم السريع في السودان، قال الشوبكي: لا أعتقد أن ذلك يحدث في مصر، مهما كان، فالمسألة بعيدة لأن الدعم السريع كان جزءا من المؤسسة العسكرية بالسودان، لكن الوضع في مصر ليس كذلك، ولا يمكن مقارنة اتحاد القبائل بقوات الدعم السريع
وأوضح أن الدولة المصرية طالما أكدت أن فيها جيشا وطنيا واحدا، وأي مظهر سياسي منذ أيام حكم محمد علي باشا إلى الآن قائم على فكرة الدولة الوطنية ومؤسساتها، ولا يقبل بوجود كيانات موازية.

استفسارات وتساؤلات مشروعة 


الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبدالله السناوي، أكد أنه فور الإعلان عن تأسيس اتحاد القبائل العربية تبدت في البيئة العامة تساؤلات مشروعة عن حقيقته ودواعيه، وما قد يصيب الشرعية الدستورية من شروخ، ويحيق بالمستقبل من مخاطر، وجرى التساؤل، عما إذا كان ممكنا استنساخ تجربة حميدتي السودانية المريرة؟
وأشار إلي أن السؤال في غير موضعه بالنظر إلى مستويات التجانس الاجتماعي العالية في مصر، التي تستعصي على الحروب الأهلية، غير أنه عكس بالوقت نفسه قدر القلق العام، الذي أثاره تصريحا متفلتا وصف ذلك الاتحاد بأنه فصيلا من القوات المسلحة، لافتا إلي انه رغم النفي من ذات المصدر، أن يكون ذلك صحيحا، لكن صداه عمق المخاوف المشروعة.
وشدد علي أنه يستحيل تاريخيا ومجتمعيا في دولة مركزية كمصر، أن تنشأ ميليشيات مسلحة، كأنها دولة موازية.

لكن السناوي، طالب إيضاحات من سلطات الدولة نفسها، علي أن يخضع المشروع كله لتدقيق دستوري وقانوني وسياسي، قبل أن تداهمنا أخطاره، مشددا علي أن الفكرة كلها تناقض الالتزام الدستوري بالتحول إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة، لا دولة القبائل والعشائر.

تمزيق الوحدة الوطنية


وبنفس المنطق قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد إن الاتحاد يمثل خطوة غير مسبوقة في السياسة المصرية، لأنه لم يسبق تقسيم المصريين على أساس قبلي أو طائفي، موضحًا أنه يهدد بتشكيل أصحاب الانتماءات الأخرى تجمعات تعبر عنهم ما يهدد بتمزيق الوحدة الوطنية.
وأضاف السيد أن الاتحاد لم يأت بمبادرة من جانب المواطنين، لكنه يحظى بتأييد وحماس من سلطات رسمية، حيث جرى الإعلان عنه على قنوات التليفزيون الرسمية.
ويوضح مصطفى كامل السيد أن الاتحاد بادر باتخاذ مواقف سياسية سبق بها الحكومة نفسها حيث أصدر موقفًا بشأن الانتهاك الإسرائيلي لمعاهدة السلام مع مصر بوجود قوات إسرائيلية بالدبابات والأسلحة الثقيلة في رفح، ومعنى هذا أن الاتحاد يقوم بأدوار سياسية، وهذا يلغي الفارق بين الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية.

تم نسخ الرابط