جراحة بلا مخدر وأطفال بلا رؤوس
تقرير عبري ينقل شهادات مرعبة لأطباء في غزة.. ويكشف لغز غرفة "الموت الصامت"

كشف تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية عن شهادات مروعة لأطباء في غزة يروون وضع يفوق الوصف في حال المستشفيات والإصابات في القطاع، فالروايات التي سردها هؤلاء الأطباء صادمة كإجراء عمليات جراحية دون تخدير، صرخات ألم دون مسكنات، أطفال بلا رؤوس أو أطراف، وغرفة "للموت الصامت"؛ لأن العلاج مستحيل.
ونشرت "هآرتس" مقابلة مع طبيبان أمريكيان تطوَّعا للعمل في مستشفيات غزة، حيث وصفا ما يمارسه الجيش الإسرائيلي بأنه شيء رهيب لم تشهد البشرية له مثيلاً منذ عقود.
وطالب الطبيبان، بمحاكمة المسؤولين عن هذه الفظائع، وقالا: "من يجب أن يُحاكَم بهذه الجرائم ليس حكام إسرائيل فحسب، بل أيضاً الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، الذي وفّر لهم الدعم السياسي والمالي والعسكري".
والطبيبان هما فيروز سيدهوا؛ وهو أمريكي من أصول باكستانية وتطوَّع في مستشفى ناصر بخان يونس، ومارك برلموتر؛ وهو يهودي الأب، كاثوليكي الأم، وتطوع في مستشفى الأقصى بالمدينة نفسها، وهما يسكنان في مدينة رالي بولاية كارولينا الشمالية، وتطوعا للعمل في كثير من المناطق حول العالم، بدءا من نيويورك على أثر هجمات 11 سبتمبر 2001، إلى هايتي، وحتى أوكرانيا.

وعن عملهما في غزة قال الطبيبان إن ما كانا يحتاجان إليه من أدوية ومستلزمات طبية، خلال هجوم إسرائيلي واحد في خان يونس، يساوي كل ما تملكه مستشفيات مدينتهما الأمريكية برمتها، ولم يكن يتوافر لديهما حتى عُشر ما هو لازم لمعالجة المصابين، فكانا يضطران إلى إجراء جراحات دون تخدير أو مسكنات.
ونقلت الصحيفة عنهما القول: كان الناس يصرخون من الوجع، ولا نقدر على عمل شيء لهم سوى نُصحهم بالصبر.
ووثَّق الطبيبان عشرات الحالات بالصور، لكن “هآرتس” اعتذرت عن عدم نشرها؛ لفظاعتها، فهي لأطفال مقطوعي الرأس أو الأطراف، أو لجراحٍ صعبة في الوجه أو في أماكن مختلفة من الجسد. كانوا "مشوهين"، مؤكدين أن معظم المصابين كانوا من الأطفال.
الموت الصامت
وكشف الطبيبان في المقابلة، أنهما أقاما غرفة لـ"الموت الصامت"، إليها يُنقل كل المصابين الذين بدت إمكانية علاجهم مستحيلة، "ليس لأن حالتهم ميؤوس منها، بل لأن العلاج يحتاج إلى أدوات وأدوية غير متوفرة، وتركيز الجهد عليهم كان سيتسبب في موت آخرين كانت جراحهم أخفّ، وإمكانية إنقاذهم أقوى".
وأضافا:"كنا نرسل أطفالاً أحياءً إلى غرفة الموت هذه حتى يموتوا بهدوء".
وأكدا أن قِسما كبيرا من المصابين تعرضوا للقنص من برج مراقبة إسرائيلي على محور فيلادلفيا.
ويقول الاثنان إن الكلمات تعجز عن وصف معاناة أهل غزة، "فهناك انهيار تام للجهاز الطبي، ونقص حاد في الطعام والغذاء والماء".

ويواصلان: "لا يوجد أي مبرر لذلك، ما فعلته (حماس) في 7 أكتوبر 2023 بشع وشنيع، لكن الرد الإسرائيلي لا يتلاءم،وأهل غزة ليسوا حماس وما يُقوّي حماس هو وجود احتلال إسرائيلي وحصار وفقدان للحرية".
ويقول الطبيب اليهودي برلموتر إن الغزيين أعربوا عن تقديرهم الكبير لتطوعي لديهم وأنا اليهودي.
وأكد الطبيبان أنهما وقفا ضد هذه الحرب من بدايتها، وقدِما إلى غزة قبل سنة، وكانا بين الموقّعين الكثيرين على عريضة موجهة للرئيس الأمريكي آنذاك، بايدن، يطالبونه فيها بوقف إمداد إسرائيل بالسلاح، وعَدَّا الجيش الإسرائيلي «ماكينة قتل موجهة للأطفال»، وكشفوا أن كثيراً من الأطفال قُتلوا برصاص قناصة.
وقال الطبيب سيدهوا: كل ما تفعله إسرائيل والولايات المتحدة في غزة يبدو، وبوضوح، أنه موجَّه لضرب الأوضاع الصحية للمواطنين. إنهم يدفعون الناس إلى العيش في العراء، يدمرون بيوتهم ومدارسهم ومجتمعهم، ويمنعون عنهم الطعام.. كنا نضطر إلى أكل الأرز وحسب".