شخص آخر أطلق النار على الرئيس
وثائق اغتيال كينيدي تشعل الجدل حول تورط المخابرات الأمريكية والاتحاد السوفيتي بالعملية

أفرج الأرشيف الوطني الأمريكي عن الدفعة الأخيرة من الوثائق السرية المتعلقة باغتيال الرئيس جون كينيدي في 22 نوفمبر 1963، وهي حوالي 80 ألف ورقة، والتي فجرت الكثير من الشكوك حول مدى تورط المخابرات الأمريكية، والاتحاد السوفيتي، في عملية الاغتيال، وحول وجود مطلق ثان للنيران، بخلاف لي هارفي أوزوالد، والذي أكدت التحقيقات الرسمية انه وحده من نفذ عملية الاغتيال.
وكان قانون جمع سجلات اغتيال الرئيس جون كينيدي الصادر عام 1992، أوجب الإفراج عن جميع الوثائق المتعلقة بالاغتيال بحلول عام 2017، ووقتها كان دونالد ترامب رئيسا في فترته الأولى، وبالفعل أفرج ترامب وقتها عن بعض الوثائق، لكنه قرر حجب وثائق أخرى بحجة منح وكالات المخابرات مزيدا من الوقت لتقييمها، وفي يناير الماضي، وقع ترامب أمرا تنفيذيا برفع السرية عن الملفات المتعلقة باغتيال كل من جون كينيدي، وشقيقه الأصغر روبرت إف. كينيدي، ورائد حركة الدفاع عن الحقوق المدنية مارتن لوثر كينج.
وجاء بعده الرئيس السابق جو بايدن، والذي قرر في ديسمبر 2022، الافراج عن أكثر من 13 ألف وثيقة، بعدما رفعت مؤسسة ماري فيريل، والتي تمثل أكبر أرشيف غير ربحي لسجلات اغتيال كينيدي، دعوى قضائية لإجبار إدارة بايدن على نشر جميع الوثائق، والتي مثلت حوالي 98% من جميع الوثائق، ولكن مكتب التحقيقات الفيدرالي أف بي آي، قال في أوائل فبراير الماضي، إنه عثر على آلاف الوثائق الجديدة المتعلقة باغتيال كينيدي.
اغتيال الرئيس كينيدي
وكانت جميع الوكالات الحكومية الأميركية التي حققت في اغتيال الرئيس جون كينيدي أكدت مقتله على يد لي هارفي أوزوالد بمفرده، وعدم وجود شركاء له، ولكن الكثير من الأمريكيين على يقين بوجود مؤامرة لاغتيال الرئيس، وأن أوزوالد لم يكن وحده.
أما "لجنة وارن" التي تولت التحقيق في اغتيال كينيدي، فقالت إن قناص سابق في سلاح البحرية الأمريكي وهو أوزوالد قد نفذ العملية بمفرده.
وكشفت التحقيقات الرسمية عن أن أوزوالد أطلق ثلاث طلقات من الطابق السادس لمستودع في ساحة ديلي بمدينة دالاس، عندما كان الرئيس كينيدي يمر في موكبه، وأصابت الرصاصات كينيدي، وحاكم ولاية تكساس جون كونالي، الذي كان يركب في نفس السيارة، بينما نجت السيدة الأولى جاكلين كينيدي.

وتم القبض على أوزوالد بعد ساعات من إطلاق النار، ولكنه قتل هو الآخر بالرصاص بعدها يومين، على يد جاك روبي، وهو ما أدى غلى زيادة التشكيك في الرواية الرسمية، ودفعت بعض الأمريكيين إلى اتهام وكالة المخابرات المركزية CIA بالتورط في اغتيال الرئيس، كما اتهم البعض المافيا، ومنهم من وجه الاتهام مباشرة إلى نائب الرئيس ليندون ب. جونسون، والذي تولى الرئاسة بعده، كما ذهب البعض لاتهام الاتحاد السوفيتي، أو كوبا، بالتورط في مؤامرة الاغتيال.
وكشفت الوثائق المنشورة، عن أن بعضها غير واضح وصعب القراءة، وذلك بسبب قدمها وتدهور الخط وجودته، حيث جرى كتابتها وتدوينها قبل أكثر من نصف قرن، كما أنها منسوخة ضوئيا من مصادر أصلية قديمة.
وكشفت واحدة من الوثائق، عن أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية سي.آي.إي حاولت التعتيم على تخمينات من صحف إيطالية بتورطها في عملية الاغتيال، كما كشفت وثيقة أخرى أن صحيفة بريطانية تلقت اتصالا من مصدر مجهول قبل 25 دقيقة من اغتيال كينيدي، يعلمها بخبر كبير آت من أمريكا.
كما فجرت وثيقة مفاجأة عن أن المخابرات الأمريكية كانت على معرفة بـ لي هارفي أوزوالد، قاتل كينيدي، أكثر مما كشف عنه في السابق، مع تساؤلات حول ما تعرفه المخابرات المركزية عن زيارات أوزوالد إلى العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي قبل ستة أسابيع من عملية الاغتيال، وخلالها زار أوزوالد السفارة السوفيتية والسفارة الكوبية.
وقالت وثيقة إن وكالة المخابرات المركزية حققت في مكالمات هاتفية مجهولة المصدر، تلقتها السفارة الأميركية في كانبيرا بأستراليا قبل اغتيال كينيدي وبعده.
نظرية المؤامرة
كما كشفت الوثائق إشارات حول نظريات مؤامرة مختلفة تشير إلى أن أوزوالد غادر الاتحاد السوفياتي عام 1962 وهو ينوي اغتيال كينيدي، وهو ما يفتح باب التساؤلات حول مدى تورط موسكو في اغتيال الرئيس.
وتحدثت وثائق عن ملفات راجعها مسؤول سوفيتي، أكدت أن أوزوالد لم يكن ماهرا في الرماية خلال تدريباته في الاتحاد السوفياتي، وأنه خضع لرقابة مستمرة أثناء إقامته هناك، وأن جهاز المخابرات السوفيتي كي جي بي شكك في قدرات أوزوالد في الرماية، وذلك قبل عملية الاغتيال عام 1963، وتؤكد هذه الوثائق نظريات المؤامرة حول الاغتيال، لأنها تشكك في مدى قدرة أوزوالد على إصابة كينيدي من الطابق السادس في مستودع الكتب المدرسية في تكساس الذي كان يعمل فيه.
أما أخطر الوثائق التي تم الافراج عنها، فأشارت إلى احتمال وجود رصاصة تم اطلاقها من مرتفع عشبي، وهي منطقة مرتفعة أمام موكب كينيدي، وهو ما ينفي التأكيدات الرسمية بأن مسلح وحيد هو المسؤول عن إطلاق النار على الرئيس الأميركي.
ووجه وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكي، روبرت كينيدي جونيور، ابن شقيق الرئيس كيندي، اتهاما صريحا إلى سي.آي.أي بالتورط في في وفاة عمه، وهو ما نفته وكالة المخابرات المركزية قائلة إنه لا أساس له من الصحة، كما قال كينيدي الابن، إن والده قتل على يد عدة مسلحين، وهو ما تنفيه الروايات الرسمية.