أولى القبلتين وثاني المسجدين
المسجد الأقصى .. حكاية تخصيص خراج مصر 7 سنوات لبناء ثالث الحرمين

المسجد الأقصى في القدس العربي الشريف أحد أقدس المقدسات الإسلامية، فهو أولى القبلتين، وثاني المسجدين وثالث الحرمين بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة، ثالث المساجد التي تشد إليها الرحال بعدهما.
وذكر المسجد الأقصى في القرآن الكريم في الآية الأولى من سورة الإسراء: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله﴾، فهو المكان الذي شهد معجزة الإسراء والمعراج، وصلى فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالأنبياء ثم عرج به إلى السماوات.
وسمي المسجد الأقصى لبعده عن المسجد الحرام، ومعناه الأبعد، وهو يضم مسجد قبة الصخرة ذي القبة الذهبية، والمسجد القبلي ذي القبة الرصاصية، والمصليات والمدارس والأروقة داخل السور.
ويعتقد أن سيدنا آدم عليه السلام هو أول من بناه، ثم أعاد تجديده سيدنا إبراهيم عليه السلام، أما البناء الحديث فبدأ في العهد الأموي بأمر من الخليفة عبد الملك بن مروان، وأكمله ابنه الوليد بن عبد الملك.

ويقع المسجد الأقصى على هضبة موريا على مساحة حوالي 144,000 متر مربع، بأطوال 491 مترا من الغرب، و462 مترا من الشرق، و310 أمتار من الشمال، و281 مترا من الجنوب، وهو اسم للأرض التي دار عليها سور المسجد الأقصى من جهاته الأربع.
ويتكون من قبة الصخرة التي بنيت فوق الصخرة التي عرج منها النبي وتتميز بقبتها الذهبية وزخارف الفسيفساء، والمسجد القبلي: وهو المسجد الرئيسي ذو القبة الرمادية، ويتسع لحوالي 5,000 مصل، والمصلى المرواني وهو أقدم أجزاء الأقصى، ويعود للعهد الأموي.
كما يشمل أيضا مسجد البراق، والأقصى السفلي، وباب الرحمة، بالإضافة إلى جميع ساحاته وبواباته ومصلياته وأروقته وما فوقها من المدارس التاريخية ومساطبه وآباره ومبانيه فوق الأرض وتحتها، وجميع الطرق المؤدية إليه، وأسواره الخارجية بما فيها حائط البراق.
ويمزج المسجد الأقصى بين عدة طرازات معمارية، وهي الأموية والعباسية والفاطمية والعثمانية، مع اضافات من الفنون الحديثة، وأدرجته منظمة اليونسكو عام 1981 كموقع تراث عالمي تحت اسم "القدس القديمة وأسوارها".
كما يحيط بالمسجد الأقصى سور تاريخي له 15 بابا، أشهرها باب المغاربة وباب الأسباط.
مسجد قبة الصخرة
ومسجد قبة الصخرة المشرفة، بناه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وأنفق على بنائه خراج مصر لمدة سبع سنين، وبدأ البناء عام 66هـ 685 م، واكتمل عام 72هـ 691م، وكانت بداية البناء مع قبة السلسلة شرقي الصخرة كي تكون نموذجا، ثم بنوا المسجد نفسه.

وبعد بناء قبة الصخرة، فاض حوالي مائة ألف دينار، فقرر الخليفة عبد الملك بن مروان أن تسبك ويصنع منها صفائح ذهبية تكسى بها القبة من الخارج.
ويعد مسجد قبة الصخرة بقبته المميزة، آية في فن الهندسة والعمارة، ليس فقط في العصر الذي بني فيه فحسب، ولكن على مر العصور، فهو مبني بمزيج من الهندسة العربية والطراز الفارسي والأسلوب البيزنطي، حيث اشترك في بناءه صناع من العرب والفرس والروم البيزنطيين.
كما بنى عبد الملك بن مروان الجامع الأقصى أو المسجد القبلي كما يطلق عليه عام 74هـ 693 م، وهناك روايات بأن باني ذلك الجامع هو الوليد بن عبد الملك الذي تولى الحكم عام 86هـ 705 م، لكن الأرجح أن البناء بدأ زمن عبد الملك بن مروان، وانتهي زمن ابنه الوليد.