و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

كنت أظن أن الموت أكبر الأحزان والبلايا لأنه يحرم الأطفال من أبيهم، والرجال من أخيهم، والأصدقاء من جليسهم حتى وجدت نفسي في حزن أكبر طوال ليلة أمس وأنا أتابع نوايا المجرمين المعلنة في مؤتمر صحفي ترامب يقرر إطلاق سراح كل الأسرى وإلا سيكون البديل أكثر عنفا، وبعدها يرحل سكان غزة إلى مصر، أو مصر والأردن، وأن جلالة ملك الأردن وجنرال مصر سيقبلون، وكان بإمكانهم يرفضون في ولاية بايدن، أما معي سيقبلون ثم يغطي الرئيس الأمريكي الجديد الإجرام بعباءة الإنسانية والشفقة على أهل غزة الذين تعرضوا للقتل والإبادة بعد كل إعمار، فيتساءل لماذا تكرار الإعمار الذي يعقبه في كل مرة قتل؟ قتل ثم إعمار!.

 لقد حان الوقت أن يعيش الغزاويين حياة أفضل لي أماكن أفضل بعيدا عن القتل والتدمير، أما غزة  فتتحول إلى منطقة سياحية أمريكية لتكون ريفييرا الشرق الأوسط يقطنها جنسيات من العالم بما فيها الجنسية الفلسطينية! أما الضفة الغربية فتضمها دولة الاحتلال تحت سيادتها، وأما إيران فيجب أن تتخلى عن سلاحها النووي، وما لم تطلعنا على كل الأدلة التي تثبت أنها خالية من السلاح النووي فلن يمكنها الحياة بلا عقوبات ومنغصات.

السلام في نظرهم  إخلاء فلسطين وضمها للاحتلال

وكل هذا يعتبره ترامب ونتينياهو مرادفا لمفهوم السلام، فالسلام في نظرهم إخلاء فلسطين وضمها للاحتلال، بل وتأمين  كل ما يحيط بهم، وبهذا يضمن الاحتلال بقاءه بسلام، فلا مقاومة من الداخل، ولا أذرع لإيران في سوريا ولبنان من الخارج، ولا سلاح نووي لأي دولة في المنطقة حتى لو كانت غير دول الجوار، ومصر تحكمها معاهدة سلام دولية أقصى ما كان يطمح إليه نتنياهو هو تدمير قوة حماس، فأعطاه ترامب فلسطين كلها أرضا وخضوعا، مع تقليم أظافر المنطقة كلها ومن أغرب ما صرح به ترامب، وأظنه كاذبا أن معظم القادة الكبار في العالم العربي موافقون على ما سبق، فهل باتت الإدارة الأمريكية تطبخ ورؤسائها مجرد معلنين عن استواء الطعام؟ وهل اللوبي الصهيو الأمريكي يقرر رئيسا ضعيفا تتم في عهده الإبادة مثل بايدن، .ثم رئيسا مجرما يعلن مرحلة ما بعد الإبادة من الإخلاء القسري وضم الضفة تحت سيادة الاحتلال؟


وأشاد ترامب في تصريحاته  بولي العهد السعودي لكرمه وسخائه، كما أعلن نتينياهو من باب الإطراء أن السلام مع السعودية كان سيكتمل لو بقي ترامب ستة أشهر في ولايته الأولى، وزاد نتينياهو في إطراء ترامب محصيا فضائله: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وأول من زارها، وحقق السلام اليهودي مع السعودية، وسيكمله في ولايته الثانية، وسيحرر غزة من الاحتلال الفلسطيني، ويخليها من سكانها، ويجعلها ريفييرا الشرق الأوسط أي مكانا سياحيا مثل ساحل فرنسا أو ايطاليا (إنه أعظم صديق للشعب اليهودي ودولة اسرائيل في التاريخ) هكذا جاء وصف نتينياهو  لترامب.

فترامب هو الذي قرر اتمام صفقة القرن ولم تسعفه ولايته الأولى، وسلوك ترامب طوال فترته الأولى هو الذي دفع المقاومة للقيام بالسابع من أكتوبر 2023، وربما تأكدت الآن العلاقة الوثيقة بين ترامب وصفقة القرن ومحاولات الفلسطينيين لإفشالها تصريحات ترامب جادة ولكنها تظل تصريحات إذا تصدت لها تصريحات وبيانات عربية مضادة، تصريحات ترامب مجرد حربا نفسية لتهيئة الرأي العام العربي حتى تصل رسائل واتجاهات الرأي العام العربي بالرفض والصمود، تصريحات ترامب تظل إرهابا تمارسه القوة الأولى في العالم ما لم يتحلى الحكام العرب بالشجاعة والوطنية،  تصريحات ترامب تجسيد فعلي لمفهوم الإرهاب الذي احتار العالم في ضبطه ولا سبيل في مواجهته إلا بتكاتف عربي رسمي وشعبي السياسات الأمريكية  في الشرق الأوسط يجب أن يواجهها العرب بمجموعة من السيناريوهات، التي ربما تستوجب الانفتاح على تركيا وإيران وروسيا وكوريا الشمالية

تم نسخ الرابط