معدلات الفقر تجاوزت 35%
دراسة اقتصادية تؤكد: بطاقات التموين خفضت معدلات الفقر في مصر بنسبة 10%
أكد الباحث الاقتصادى إلهامي الميرغنى أن برامج الدعم العيني، يلعب دورًا أساسيًا في تخفيف حدة الفقر، حيث تسهم بطاقات التموين في خفض معدلات الفقر بنسبة تزيد عن 10%.
وشدد فى دراسة تحمل عنوان واقع ومستقبل الحماية الاجتماعية وسياسات الدعم والضمان الاجتماعي في مصر.. دراسة في التحديات والحلول، على أن إلغاء الدعم العيني لن يؤدي إلى تحسين العجز بل سيزيد من معاناة الفقراء.
وتعتمد دراسة إلهامي الميرغني على البحث المكتبي وتحليل نتائج الدراسات الميدانية لتوضيح المفاهيم الأساسية المرتبطة بالحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي والدعم، مع التفرقة بين هذه المفاهيم. كما تتناول الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى اتفاقيات منظمة العمل الدولية التي تضع معايير للحق في الضمان الاجتماعي.
وتناقش الدراسة الحق في الضمان الاجتماعي ومعاييره، وسبل قياسه وتحققه، إلى جانب تحليل تطور مخصصات الدعم بمختلف أنواعها وأثرها على الناتج المحلي الإجمالي وإجمالي المصروفات الحكومية. كما تستعرض تطور مفهوم الضمان الاجتماعي في الدستور، مع النظر في القوانين المتعلقة به، بما في ذلك القانون الجديد الخاص بالدعم النقدي الذي أقره مجلس النواب في نوفمبر 2024. وتعتمد الدراسة على العديد من الدراسات والتقارير لتقييم فعالية برامج الدعم النقدي المشروط وغير المشروط.
تتمثل إحدى الأهداف الرئيسية للدراسة في توثيق التطور التاريخي لأنظمة الدعم والضمان الاجتماعي في مصر، مع التركيز على السياق القانوني والاقتصادي الحالي، بهدف تقديم رؤية شاملة حول تأثير السياسات المعتمدة على الفقراء والطبقة العاملة.
ارتفاع معدلات الفقر لـ 35%
ويشير الباحث إلهامي الميرغني إلى أن مصر تواجه أزمة متفاقمة تتمثل في ارتفاع معدلات الفقر التي تجاوزت 35% من السكان، فضلاً عن معدلات التضخم التي بلغت 40% في عام 2023 واستمرت عند مستويات مرتفعة بلغت 30% في عام 2024. كما يعاني المواطنون من ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية في وقت تتقلص فيه مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية. ومع تآكل قيمة المساعدات النقدية بسبب التضخم وارتفاع أسعار الغذاء، تزداد معدلات الفقر والجوع بشكل ملحوظ.
ورغم هذه التحديات، تظل برامج الدعم العيني، مثل البطاقات التموينية، تلعب دورًا أساسيًا في تخفيف حدة الفقر، حيث أسهمت في خفض معدلات الفقر بنسبة تزيد عن 10%. إلا أن التحول نحو الدعم النقدي يمثل تهديدًا لفعالية هذه البرامج، خاصة في ظل التضخم المستمر وارتفاع الأسعار.
من جهة أخرى، أظهرت الدراسة الأرقام التي كشفت عنها مسوحات وزارة التعليم في أغسطس 2021، والتي تشير إلى أن 12.7 مليون طفل مصري يعانون من سوء التغذية، بما في ذلك 3.3 مليون طفل يعانون من السمنة المفرطة، و8.2 مليون طفل يعانون من الأنيميا، و1.2 مليون طفل يعانون من التقزم. مما يعكس الحاجة الملحة إلى تحسين برامج الدعم العيني مثل الوجبات المدرسية لتخفيف آثار سوء التغذية، بينما يمثل التحول إلى الدعم النقدي تحديًا إضافيًا في ظل التضخم المستمر.
وتتناول الدراسة تحليل السياسات الموجهة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي تركز على تقليص الدعم العيني وتحويله إلى دعم نقدي، تحت ذريعة تخفيض عجز الموازنة العامة. ومع ذلك، تُظهر البيانات أن هذه السياسات لم تؤدِ إلى تحسن الوضع المالي، بل ساهمت في زيادة العجز الذي ارتفع من 134.5 مليار جنيه في 2010/2011 إلى 1243 مليار جنيه في 2024/2025. وتوضح الدراسة أن فوائد وأقساط الديون تستحوذ على 62.1% من إجمالي استخدامات الموازنة، بينما لا تمثل مخصصات الدعم سوى 16.4% فقط. وبالتالي، فإن إلغاء الدعم العيني لن يؤدي إلى تحسين العجز بل سيزيد من معاناة الفقراء.
تحقيق العدالة الاجتماعية
وتؤكد الدراسة على ضرورة تبني سياسات شاملة تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليل معدلات الفقر، مع مراقبة حقيقية لتأثير التضخم على البرامج الحالية وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه عبر آليات شفافة وفعالة.
وأوصت مراجعة أوجه الخلل في مشروع قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي وتعديلها قبل التصديق عليه، حيث فرضت بعض مواده أعباء إضافية على الفقراء بدلاً من تخفيفها. كما أوصت بإعفاء المستفيدين من كافة الرسوم المتعلقة باستخراج الشهادات والوثائق الرسمية المطلوبة بموجب القانون أو ردها إليهم في حالة استحقاقهم.
كما شددت الدراسة على ضرورة الحفاظ على برامج الدعم العيني مثل دعم الخبز، والعمل على تحسين آليات توزيعه وضمان وصوله إلى مستحقيه، خاصة في ظل التضخم. وفيما يتعلق بالإنفاق الحكومي، دعت الدراسة إلى مراجعة أولوياته بما يدعم تحسين برامج الحماية الاجتماعية، وتوجيه الاستثمارات في الزراعة والصناعة لتقوية الاقتصاد الوطني.
تؤكد الدراسة أيضًا على ضرورة تطوير قاعدة بيانات شاملة لتحديد الفقراء وتوزيعهم جغرافيًا، بما يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه. كما دعت إلى ضرورة تحديث قيمة الدعم التمويني دوريًا وفقًا لمعدلات التضخم، وتعزيز الاستثمار في التعليم والصحة باعتبارهما أساسين للتنمية البشرية وحماية المواطنين.