الأولى و الأخيرة

بعد اتهامات رئيس حكومة الاحتلال

الصبر المصري ينفد.. وهجوم عربي وتركي على نتنياهو والسعودية تحذر من استفزاز القاهرة

موقع الصفحة الأولى

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن رفض أنقرة اتهامات رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لمصر، مؤكدا أن سياسات حكومة نتنياهو تدفع المنطقة والعالم كله إلى الخطر.  

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي بأنقرة أكد أردوغان رفضه محاولات إسرائيل جر دول إلى التصعيد في المنطقة، وقال إن إسرائيل وداعموها هم المسؤولون عن وفاة كل مدني بريء في غزة بسبب الجوع والعطش ونقص الدواء.

ومن جانبه أكد الرئيس السيسي رفض القاهرة التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، وقال إن موقف تركيا ومصر متطابق بالدعوة لوقف فوري لإطلاق النار في غزة وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة.

وأكد الرئيس السيسي ضرورة الدعوة للبدء في مسار يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

تركيا: ادعاءات غير مقبولة

ومن جانبها وصفت الخارجية التركية ادعاءات نتنياهو الأخيرة ضد مصر بأنها محاولة من أجل الحفاظ على الوجود العسكري الإسرائيلي في ممر فيلادلفيا، وهي غير مقبولة.. مؤكدة في بيان لها اليوم الأربعاء  4 سبتمبر2024 أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يواصل أكاذيبه للتلاعب بالرأي العام من أجل التغطية على جرائمه في غزة ومنع وصول مفاوضات وقف إطلاق النار إلى نتيجة. وشددت الخارجية التركية على دعم أنقرة لجهود الوساطة التي تبذلها مصر لإنهاء الحرب في غزة، ومساعدة الملايين من الأشقاء الفلسطينيين.  

 

فلاش باك  

وكانت مصر والدول العربية قد شنت هجوما بالتصاريح والبيانات على رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاتهامه مصر بتهريب الأسلحة والمقاومين عبر الأنفاق الموجودة بمحور صلاح الدين " الذي يطلق عليه الاحتلال اسم ممر فيلادلفيا" وذلك خلال كلمة له يوم الاثنين الماضي 2 سبتمبر 2024، وهو اليوم الذي شهد إضراباً عاماً بعدة مدن أدى لإغلاق مطار بن جوريون الدولي في تل أبيب "يافا" وإغلاق الاقتصاد الإسرائيلي برمته لدفع الحكومة إلى التوصل لاتفاق بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار في قطاع غزة بدعوة من أهالي الرهائن والاتحاد العام لعمال إسرائيل "الهستدروت".

وتم فض الإضراب الذي استمر لأكثر من 8 ساعات (بدأ في السادسة صباحاً حتى الثانية والنصف ظهرا) بقرار محكمة العمل الإسرائيلية بناء على طلب وزير المالية اليميني المتطرف سموتريتش، لكونه إضراب سياسي وليس نزاع عمل.

اتهامات نتنياهو لمصر  

عودة لتصريحات نتنياهو مساء الاثنين خلال مؤتمره الصحافي بمدينة القدس والتي استعرض فيها خريطة فلسطين بدون الضفة الغربية والذي أعلن خلاله تمسكه بالبقاء في محور صلاح الدين "فيلادلفيا" شارحاً أسبابه، بقوله "إن المحور هو أنبوب أكسجين وشريان حياة لحركة حماس، ومحور الشر يحتاج إليه (يقصد بذلك إيران وحزب الله وحماس)، كما أن السيطرة على المحور تضمن عدم تهريب المخطوفين إلى خارج غزة".

وواصل نتنياهو تكييل الاتهامات لمصر قائلاً "إن حركة حماس تحصل على السلاح من مصر عبر محور فيلادلفيا.. لقد حرصنا على عدم دخول دبّوس إلى غزة من جانبنا لكنهم سلحوا أنفسهم عبر محور فيلادلفيا ومصر"، وأضاف: "من يصرح بإمكانية انسحابنا من فيلادلفيا لمدة 42 يوما يعرف أنها ستتحول إلى 42 عاما".

نتنياهو الذي عرقل كل محاولة لإطلاق سراح الرهائن ووقف حرب الإبادة أكد أيضا في مؤتمره الصحفي بالقدس أن الخروج من محور فيلادلفيا جعل غزة مصدر تهديد كبير، وعندما دخلنا إلى المحور شعرنا بتغيير لصالحنا في الوضع العسكري.. مشيراً إلى رفضه إخلاء المحور عندما قرر شارون مغادرة قطاع غزة عام 2005.. ولذلك هو حريص على إنجاز اتفاق لكن موقفه ثابت بشأن محور فيلادلفيا ولن يتغير، ولن يبدي أي مرونة في أمور حساسة ومحورية تتعلق بأمن بلاده.  

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يوجه فيها رئيس حكومة الاحتلال اتهامه لمصر بتسليح حماس عبر الأنفاق بمحور صلاح الدين على الحدود المصرية الفلسطينية فمع بدايات حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عنه أن إيران والصين وروسيا وكوريا الشمالية قامت بتسليح حماس عبر البحر المتوسط والانفاق عبر مصر.

فضلا عن أنه يحاول استفزاز مصر منذ وقت طويل وكان أخرها ما كشفت عنه القناة الـ 12 الإسرائيلية في التاسع والعشرين من أغسطس الماضي بطلبه عقد اجتماع للحكومة في محور فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر، وهو ما رفضه رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، بسبب حجم الإجراءات الأمنية المطلوبة لمثل هذا الحدث غير المسبوق في منطقة حرب نشطة.

ووفقا للقناة فإن نتنياهو كان يرغب في إطلاع الوزراء على المنطقة وإقناعهم بدعم طلبه بشأن بقاء المنطقة تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، حتى في حالة التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار.. فيما رأى مراقبون أنه محاولة لاستفزاز مصر التي ترفض بقاء الجيش الإسرائيلي بالمحور ومعبر رفح.

القاهرة تحمله عواقب تصريحاته

القاهرة نفذ صبرها، وتخلت عن دبلوماسيتها الهادئة منذ اندلاع حرب الإبادة والدخول في مفاوضات الصفقة سعيا منها لعدم توسيع رقعة المواجهة التي إذا تحولت لحرب شاملة ستدمر المنطقة، ورغم تصريحات ومواقف الحكومة الإسرائيلية المستفزة كانت القاهرة هادئة حتى جاء مؤتمر الاتهامات ليل الإثنين لترد وزارة الخارجية المصرية صباح الثلاثاء الثالث من سبتمبر 2024، برفضها التام لتصريحات رئيس حكومة الاحتلال، والتي حاول من خلالها الزج باسم مصر لتشتيت انتباه الرأي العام الإسرائيلي، وعرقلة التوصل لصفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين، وعرقلة جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة. كما تؤكد مصر على رفضها لكافة المزاعم التي يتم تناولها من جانب المسئولين الاسرائيليين في هذا الشأن.  

وحملت مصر الحكومة الاسرائيلية عواقب إطلاق مثل تلك التصريحات التي تزيد من تأزيم الموقف، وتستهدف تبرير السياسات العدوانية والتحريضية، والتي تؤدي إلى مزيد من التصعيد في المنطقة، مؤكدة حرصها على مواصلة القيام بدورها التاريخي في قيادة عملية السلام في المنطقة بما يؤدي إلى الحفاظ على السلم والأمن الإقليميين ويحقق استقرار جميع شعوب المنطقة.

وكان مصدر مصري رفيع المستوى قد أكد صباح الإثنين الثاني من سبتمبر 2024، تجديد التأكيد على الثوابت المصرية لأي اتفاق للسلام بتجديد تأكيدها على ثوابت ومحددات أي اتفاق للسلام وفي مقدمتها رفض الوجود الإسرائيلي في محور صلاح الدين "فيلادلفيا" ومعبر رفح جنوبي قطاع غزة بشكل قاطع، محملةً الحكومة الإسرائيلية المسئولية عن عدم الوصول لاتفاق هدنة بسعيها لفرض واقع جديد على الأرض للتغطية على أزمتها الداخلية، وقال المصدر المصري رفيع المستوى "إن مصر تجدد تأكيدها على إن استمرار الحرب الحالية واحتمالية توسعها إقليميا أمر في غاية الخطورة وينذر بعواقب وخيمة على كافة المستويات".  

ولم يكن الرد المصري سوى الطلقة الأولى في الهجوم العربي على رئيس الوزراء الإسرائيلي فقد حذرت المملكة العربية السعودية من عواقب التصريحات الاستفزازية ومالها من تبعات في تقويض جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وتزيد حدة التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة.

المساندة العربية للشقيقة مصر

وجددت المملكة السعودية في بيان وزارة خارجيتها التأكيد على أهمية وضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني وتضافر الجهود الدولية لتمكينه من حقه الأصيل في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس.

وأعربت الرياض عن إدانتها واستنكارها الشديدين للتصريحات الإسرائيلية بشأن محور فيلاديلفيا، والمحاولات العبثية لتبرير الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للقوانين والأعراف الدولية، مؤكدةً تضامنها ووقوفها إلى جانب مصر الشقيقة في مواجهة تلك المزاعم الإسرائيلية.  

وتحت عنوان "قطر تعرب عن تضامنها التام مع مصر بشأن تصريحات مرفوضة لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي" جاء الرد من الدوحة التي أكدت أن نهج الاحتلال الإسرائيلي القائم على محاولة تزييف وتضليل الرأي العام العالمي بتكرار الأكاذيب والأباطيل سيقود في نهاية المطاف إلى وأد جهود السلام وتوسعة دائرة العنف بالمنطقة، وفي هذا السياق شددت الخارجية القطرية على ضرورة تعزيز الجهود الإقليمية والدولية لإلزام إسرائيل بإنهاء عدوانها الغاشم على قطاع غزة فوراً، تمهيداً لمعالجة الوضع الإنساني الكارثي في القطاع.

مجلس التعاون الخليجي عبر صفحته الرسمية وتحت عنوان الأمين العام لمجلس التعاون يعرب عن وقوف مجلس التعاون الكامل مع مصر ضد التصريحات المستفزة الصادرة عن رئيس وزراء قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي تهدف إلى تشويه صورة مصر والإساءة إلى دورها الريادي والكبير في المنطقة، وجهودها الجلية والواضحة في الوساطة لحل الأزمة بغزة".  

 

تصريحات نتنياهو قنابل دخان  

ومن جانبه قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن تصريحات نتنياهو تمثل استهتاراً بالجهود الدؤوبة التي تبذلها مصر وأطراف دولية أخرى من أجل تحقيق السلام واستقرار المنطقة.. مؤكداً أن استخدام اسم مصر يأتي كإجراء يهدف إلى تحويل الأنظار عن الانتهاكات المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، ونسف أي إمكانية للتوصل إلى تسوية سلمية.

كما وصف أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط اتهامات نتنياهو ضد مصر، بأنها مجرد قنابل دخان للتغطية على رغبته في إطالة الحرب، وقال إن حجج إسرائيل صارت مكشوفة وأصبحت تخاطر بخسارة دور مصر بالمنطقة، ورفض وجود قواتها بمحور فيلادلفيا هو موقف مصري واضح مدعوم عربيًّا، وله حجية قانونية وسياسية.

الدعم العربي لمصر في مواجهة تصريحات رئيس وزراء الاحتلال لم تتوقف عن التأييد لها والتحذير من مغبة استفزازها. 

تم نسخ الرابط