المتهم مختلف وطريقة النصب واحدة..
بعد مستريح السيارات.. ضحايا توظيف الاموال و وهم المكاسب الخيالية لن يتعظوا
ارتبط في الماضي لقب " المستريح " في الشارع المصري بالاشخاص أصحاب الثروات والدخل الشهري الكبير ولكن خلال السنوات الاخيرة الماضية و تحديدا منذ عام 2015 أصبح هذا المصطلح يشير إلى شخص يحتال على أموال عدد من المواطنين بحجة استثمارها في مجالات مختلفة مثل تجارة العقارات والمحاصيل الزراعية والسيارات وغيرها مقابل أرباح شهرية ضخمة وفي أغلب الأوقات يقوم المحتال أو " المستريح " كما يطلق عليه بجمع مبلغ كبير من المال ثم يفر هاربا خارج البلاد .
-انتشار "المستريحين":
وبدأت قصة «المستريحين» مع أول قضية في عام 2015، وكان بطل أول قصة شخص من صعيد مصر يدعى أحمد .م ، واتهم بالنصب والاحتيال بعد استيلائه على مبلغ 53 مليون جنيه من مجموعة من المواطنين مقابل حصولهم على أرباح شهرية كبيرة من خلال توظيف تلك الأموال في تجارة الهواتف المحمولة وشراء وبيع والعقارات.
وفي البداية كان المحتال يوزع على ضحاياه أرباحاً شهرية لكي يصنع دعاية لنفسه يجلب من خلالها المزيد من الاشخاص حتى كشف أمره وتم القبض عليه عقب توقفه عن توزيع الارباح الشهرية وحرر ضده العديد من المحاضر وتم الحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما مع إلزامه برد مبلغ 266 مليون جنيه لضحاياه.
آخر المستريحين:
ورغم انتشار قضية المستريح على جميع وسائل الإعلام ومواقع السوشيال ميديا لم يفهم بعض الأشخاص الدرس ومازلوا يقعون فريسة سهلة للمحتالين والنصابيين وخير دليل على ذلك ما شهدته محكمة جنح أول أكتوبر، يوم السبت الماضي بعد ان أجّلت محاكمة مستريح جديد اطلق عليه "مستريح السيارات" إلى جلسة يوم 19 من شهر نوفمبر المقبل، لاطلاع دفاع المتهم على فيديوهات تقدم بها عدد من الضحايا لإثبات أن المتهم كان يتلاعب بهم ويماطلهم في سداد المبالغ المالية التي حصل عليها منهم.
ويذكر ان الإنتربول الدولي ألقي القبض على "مستريح السيارات" في دبي وذلك بعد اتهامه بالنصب على ما يقرب من 300 شخص استحوذ منهم على نحو 200 مليون جنيه، بحجة استثمار أموالهم في بيع و تأجير السيارات وخداعهم بمنحهم أرباحا شهرية كبيرة.
قصص أبطالها سيدات:
ولم تقتصر قصص المستريحين على الرجال فقط بل هناك العديد من القصص لسيدات من مختلف المحافظات فنجد "مستريحة" سوهاج صاحبة ال60 عاما التي تم القبض عليها مؤخرا بعد قيامها بالنصب على المواطنين بحجة الاتجار في الملابس كما تم القبض على سيدة أخرى في نفس المحافظة تدعى نسمة.ع 53 عاما بعد ان جمعت مبلغ مالي من المواطنيين اقترب من 2.5 مليون جنيه، لتوظيفها في تجهيز العرائس.
هذا بالإضافة إلى مستريحة شربين في محافظة الدقهلية التي تم القبض عليها لقيامها بالاستيلاء على قرابة 5 ملايين جنيه من عدد من الأشخاص بدعوى توظيفها لهم مقابل أرباح شهرية بالإضافة إلي مستريحة الشرقية والعديد من المحافظات والمدن الاخرى .
شركات توظيف الأموال:
ويؤكد الخبراء ان ظاهرة المستريح ترجع خلفيتها إلى شركات توظيف الأموال التي كانت موجودة في مصر في فترة السبعينيات، ومن أشهر تلك الشركات كانت شركة "الريان" وشركة "السعد" واستمرت تلك الشركات .
وكانت شركات توظيف الاموال تعتمد في جذب عملائها على اعطاء المودعين اربحاح شهرية كبيرة تكون أعلى من فائدة البنوك حتى انتهت ظاهرة تلك الشركات في مصر بهروب أصحاب الشركات أو سجن البعض منهم بعد أن عجزوا عن دفع الفوائد الشهرية للمودعين أو رد أموالهم.
-حلم الثراء السريع:
ومن جانبه قال الدكتور محمد زيدان استاذ علم الاجتماع ان ظاهرة المستريح أو المحتال موجود في مجتمعنا منذ زمن بعيد ولكن يتم استحداث أساليب وطرق النصب والخداع مع مرور الوقت خاصة مع انتشار السوشيال ميديا.
واشار إلي ان المستريح او النصاب يعتمد في اغلب الاحيان على ضعف و قلة وعي وخبرة ضحاياه الذين يطمعون في الثراء السريع من خلال الاستثمار في أي شئ ويقوم المحتال باغراء ضحاياه بأساليب مختلفة مثل توزيع أرباح كبيرة على عدد من الأشخاص أو من خلال الدعاية الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن جانبها اوضحت الدكتورة هند فؤاد السيد أستاذ علم الاجتماع المساعد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ان تكرار عمليات النصب والاحتيال فى السنوات الاخيرة وظهور ما يطلق عليه "المستريح" فى مختلف محافظات الجمهورية تحول هذا الأمر إلى ظاهرة تستحق الوقوف على أبعادها ورصد دوافع استمرارها داخل المجتمع.
واضافت ان هناك دراسة تطرقت إلى التعرف على هذه الظاهرة من خلال منظور يشمل "الجانى والضحية"، لأن كلاهما مشتركان فى ارتكاب النصب؛ فالجانى يحتال بأساليب متعددة ومداخل متنوعة للنصب والضحايا يساعدونه فى ذلك من خلال دفع أموالهم له.
دور الضحية:
واضافت ان ارتفاع عمليات النصب لا يرجع فقط لمهارة المحتال بل يرجع أيضاً لتطلع الضحية إلى الربح السريع والمريح الذي يتم دون اي أو مجهود ويتضح لنا ان دائما يستخدم المحتال أو النصاب على الكذب والخداع لايقاع بضحايا جدد
وتعتبر الضحية في جرائم النصب أحد أركان الفعل الإجرامى لذلك فإن الجريمة فى كثير من الأحيان لا تخلو من دور تلعبه الضحية فى وقوعها .
و في كثير من الاحيان تساعد الضحية النصاب فى توفير الفرصة المناسبة له حتى يقوم بتملية النصب ، وذلك من خلال التقصير أو الإهمال واللامبالاة وعدم الحفاظ على الممتلكات أو التسرع فى أخد القرارات مما يتيح الفرصة أمام كل من لديه استعداد إجرامى للتفكير في الاستيلاء على هذه الممتلكات.
لافته إلى ان النصاب يختار ضحيته دائما من خلال ضعفها وقلة خبراتها واحتياجها لشىء ما، فعلى سبيل المثال اغلب الضحايا كانوا يسعون للتربح السريع وهذا يمثل فرصة جيدة للنصاب لكي يكمل مهمته ويحصل على أموالهم.