الشبهات التي تحيط بالمشايخ والعلماء وخاصة مشايخ الصوفية أمر معقد يعجزني عن الكتابة، فإن كان اتهامهم باطلا فقد خرقت الدين واغتبت عالما، وإن كان اتهامهم صائبا فإن الله لا يحب أن تشيع الفاحشة، ولا تتبع عورات أخيك فيتتبع الله عورتك.
الحديث النبوي
فإن من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته، وحديث آخر: إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم، وحديث ثالث: من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ومن فضح مسلما فضحه الله يوم القيامة
أما إن كان عالما مبتدعا يجاهر بالمعاصي، فهو عالم فاسد تجوز غيبته وكشفه اتقاء لشره وضرره، ولذا فإن ما يتعلق بجانب التحرش الذي أثارته السوشيال ميديا على الشيخ صلاح التيجاني لا ينبغي أن نسايره ونسير مع القطيع فيه، لأنه إن كان صحيحا فهو إذاعة للفاحشة، وإن كان باطلا فقد خرقنا الدين.
والقرآن يعتبر أن الذين يتناقلون الفضائح كالذين فعلوها بالضبط: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، والإمام أبو حنيفة قال إن مرتكب الفاحشة لا يستنطق لأن في استنطاقه إشاعة للفاحشة.
أما الأمر الذي يجب أن نهتم به فهو الابتداع الذي صدر من الشيخ صلاح التيجاني، أو الشيخ صالح أبو خليل، أو غيرهم من غلاة الصوفية؛ فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند التيجاني ليس مخلوقا، ولكنه نور الله الذاتي، سماه الله باسمه، فسماه محمود والله هو المحمود، ووصفه بالرؤوف الرحيم، والرؤوف الرحيم هو الله، والرسول حي لا يموت، وهو كلام يغري الناس ويسعدهم لأنه يرفع من مكانة وقدر نبيهم، مستغلا حبهم له.
الشيخ صالح أبو خليل
والشيخ صالح أبو خليل يترك بجواره كرسيا خاليا حتى ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقعد عليه أثناء دروسه، وهو أمر حمال أوجه يعلي من شأن الشيخ، ويعلي من شأن مريديه، فيجد الكلام طريقا سريعا الى عواطفهم.
هذه البدع والمغالاة وغيرها من التخاريف والهلاوس التي يحسبها غلاة الصوفية تجليات في حب رسول الله، تمثل خطرا بالغا على الدين والمجتمع وتخدر أوضاع الناس وتعزلهم عن الدين الصحيح الذي يعلي من شأن الإنتاج والتوحيد الخالص
ليس في الإسلام معتقدات المسيحيين في عيسى بن مريم، ولا معتقدات اليهود في عزير، ورسول الله بنص القرآن مات وصلوا عليه، وهو بشر مخلوق يمشي في الأسواق ويتزوج النساء، ولا يجوز أن تأخذك الجلالة في حب النبي وتهزي بأنه جزء من الله، فهذا تدمير لفكرة التوحيد الخالص التي تميز الإسلام عن غيره من الديانات
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، والله سبحانه وتعالى يقول: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ﴾
خرافات وهلاوس صلاح التيجاني
غريب أمر المصريين، قلبوا الدنيا على كلمة وحشتيني وأنا مشتاق التي أخرجتها خديجة خالد من جهازها بعد تسع سنوات، وتركوا تشويه الإسلام بخرافات وهلاوس صلاح التيجاني وصالح أبو خليل وغيرهم.
ومن الجرم أيضا أن نختزل صلاح وصالح في هذه المواقف البدعية السريعة، فصلاح التيجاني نشرت له الهيئة العامة للكتاب عددا من الكتب المهمة في التفسير والحديث والفقه، ولكنه يشطح في دروسه، وصالح أبو خليل تحج إليه الناس من بلدي طهطا إلى الزقازيق وهم مؤمنون بكراماته وتقواه، وتنتشر الطريقة الخليلية في القرى والنجوع.
لذا فإن الأمر بحاجة ماسة إلى مراجعة القضاء والأزهر الشريف ملف غلاة الصوفية ومشايخهم، وبالأزهر جناحان قادران على ذلك بكفاءة وهما هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية.
إن التخاريف المتداولة لغلاة الصوفية لا يمكن السكوت عليها، فهي شأنها شأن المتاجرة بالدين على يد عيسى والبحيري وشلتهم، كما أن المتاجرة بالدين تطرف وتشدد شأنه شأن الجماعات الإرهابية يتطلب تدخلا عاجلا من كافة مؤسسات الدولة المعنية بالأمر، وليس الأزهر الشريف فحسب.