في الذكرى العاشرة لدستور 2014
كلمة رئيس المحكمة الدستورية بمناسبة مرور 10 سنوات على آخر دستور مصرى
جاءت كلمة المستشار بولس فهمى رئيس المحكمة الدستورية خلال المؤتمر الصحفى العالمى الذى عقدته المحكمة بمناسبة مرور 10 سنوات على سريان دستور عام 2014 مستفيضة لجميع المواد الهامة التى تضمنها الدستور وحصلت الصفحة الأولى على نسخة من كلمة رئيس المحكمة والتى جاء نصها كالتالي:
كلمة رئيس المحكمة الدستورية
في تاريخِ الأُممِ أيامٌ مشهودةٌ يُحتفَى بها، وَلا رَيْبَ أَنَّ صدورَ دستورِ البلادِ في الثامنَ عشرَ مِنْ ينايرَ سنةَ 2014، أَحَدُ هذهِ الأيامِ، وإنهُ لا يَعْزُبُ عَن نظرٍ، أنَّ الدستورَ القائمَ هُوَ العقدُ الاجتماعيُّ، الذي ارتضاهُ الشعبُ المصريُّ الأبيُّ، فاستَظَلَّ بأحكامِهِ، وتَمَسَّكَ بمبادِئِه، فصارتْ إرادةُ الشعبِ أمرًا مقضيًّا، تلتزُمُه المحكمةُ الدستوريةُ العليا في قضائِها، وتتخذُهُ نِبراسًا لأحكامِها، وتَعمَلُ على إِدراكِ التوازنِ بينَ نصوصِ الدستورِ، لتحققَ بذلكَ وحدةً عضويةً متماسكةً بينَ أحكامِهِ؛ فحقوقُ وحرياتُ المواطنينَ تلتئمُ معَ واجباتهِم العامةِ، وهويةِ الدولةِ المصريةِ بُمقوماتِها الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والثقافيةِ، يعملُ على توكيدِها نظامُ الحكمِ بسلطاتِه الثلاثِ، والقواتُ المسلحةُ والشرطةُ والمجالسُ القوميةُ والهيئاتُ المستقلةُ والأجهزةُ الرقابيةُ تباشرُ اختصاصاتِها التي كَفَلَهَا الدستورُ، منضبطةً في ممارستِها بالحدودِ التي انتظمَها بابُ سيادةِ القانونِ.
وعطفًا على ما تَقَدَمَ، فلقَدْ كانَ لِحرِصِ القيادةِ السياسيةِ وَوَعِيها بأهميةِ إعلاءِ القيمِ الدستوريةِ، وتعميقِ مبادئِ الدولةِ القانونيةِ، ودعمِها لإعلامِ الداخلِ والخارجِ، باستواءِ الدولة المصريةِ على مدارجِ الشرعيةِ الدستوريةِ، أثرُهُ الأكيدُ في إلهامِ الجمعيةِ العامةِ للمحكمةِ الدستوريةِ العليا، بتفويضِي لأُحَدثَكم حَديثًا موثقًا، عنْ تفعيلِ وإنفاذِ أحكامِ وقراراتِ هذهِ المحكمةِ، للمبادئِ الِتي استحدَثَتْها الوثيقةُ الدستوريةُ القائمةُ، التِي تقبلُ دومًا تطويرًا وتعديلًا، يتوافقُ معَ اعتبارِها وثيقةً تقدميةً تسعَىٰ لتحقيقِ المصلحةِ الفضلَى للدولةِ والمواطنِ معًا.
وفي سياقٍ متصلٍ، فإنَّا نزجِي أفضلَ عباراتِ الشكرِ، وعظيمَ كلماتِ التقديرِ، لرؤساءِ هذهِ المحكمةِ وجميعِ أعضائِها، مِمَنْ اكتملَ عطاؤُهُم، أولئكَ الذينَ سَطَّروا بِوُجدانِهم، أحكامًا وقراراتً، تتماهَىٰ معَ المبادئِ المستحدثةِ في دستورِ سنةِ 2014.
وإذْ أخصُّ بالشكر السادةَ رؤساء المحكمة السابقينَ، الذينَ تولَّوْا المسؤوليةَ في ظلِّ العملِ بالدستورِ القائمِ، المستشاريَن الأجِلَّاءَ: عدلي منصور، وعبد الوهاب عبد الرازق، ود. حنفي جبالي، والمغفورَ لهُ سعيد مرعي - مذكورينَ بحسبِ ترتيبِ رئاستِهم للمحكمةِ - فإنَّ شُكرِي مخاطبٌ بِهِ – جزمًا ويقينًا – جميعُ السادِة المستشارينَ أعضاءِ المحكمةِ الذينَ شاركوهُم إصدارِ الأحكامِ والقراراتِ التي أَنَفَذتْ المبادئَ الدستوريةَ المستحدثةَ.
السادةُ والسيداتُ، الحضورُ الكريمُ:
إنَّ المحكمةَ الدستوريَة العليا لا تَعْرِضُ لنصوصِ الدستورِ، مجردةً عنْ رقابتهِا القضائيةِ علَى دستوريةِ القوانينِ واللوائحِ، ومن ثم فإن قضاءِ هذهِ المحكمةِ في شأنِ المبادئِ الدستوريةِ المستحدثةِ، سيقتصرُ بالضرورةِ على ما عُرِضَ مِنها علَىٰ المحكمةِ، ولا يمتدُّ إلىٰ ما لم يُعَرضْ عليها بَعدُ.
هذا وقدْ استخلصَتْ المحكمةُ منْ الأحكام الدستوريةٍ المستحدثةٍ عدة مبادئ، أعملتها علىٰ الدعاوَىٰ والطلباتِ المعروضةِ عليها، نعرض منها عشرينَ مبدأً، في إشارةٍ موجزةٍ لكل منها علىٰ النحوِ الآتي بيانه:
أولًا: الفصلُ بينَ سلطاتِ الدولةِ يتكاملُ معَ التوازنِ بينَها
نصَّتْ على هذا المبدِأ المادةُ الخامسةُ من الدستورِ.
وفى إطاره قضت المحكمةُ الدستوريةُ العليا بعدمِ قبولِ الدعوىٰ المحالةِ، طعناً على دستوريةِ قرارِ مجلسِ النوابِ رقمِ 1 لسنةِ 2016، بعدمِ الموافقةِ على قرارِ رئيسِ الجمهوريةِ بالقانونِ رقمِ 18 لسنةِ 2015 بشأنِ الخدمةِ المدنيةِ، مع اعتمادِ نفاذهِ خلالَ الفترةِ منْ تاريخِ العملِ بهِ حتىٰ العشرينَ مْن ينايرَ سنةَ 2016.
تسانَدتْ المحكمةُ في قضائِها إلى أنَّ ذلكَ القرارَ لا يُعدُّ في ذاتِهِ عَمَلًا تشريعيًّا يخضعُ لرقابةِ المحكمةِ الدستوريةِ العليا، إنما هوَ عملٌ برلمانيٌّ يتولاهُ مجلسُ النوابِ، في نطاقِ اختصاصٍ محجوزٍ للمجلسِ بتقديرِ عدمِ ملاءمةِ إصدارِ التشريعِ، وقصرِ اعتمادِ نفاذهِ خلال الفترةِ السابقةِ على قرارِ مجلسِ النوابِ المشارِ إليهِ. ومنْ ثَّم؛ تكونُ سُلُطُات الدولةِ مُمثلةً في رئيسِ الجمهوريةِ ومجلسِ النوابِ والمحكمةِ الدستوريةِ العلياِ، قدْ استقلَّ كٌّل مِنها بمباشرةِ اختصاصهِ المحددِ دستوريًّا، في مواجهةِ تشريعٍ بذاتِهِ، كأثرٍ مِن آثارِ التوازنِ بيَن هذهِ السُلُطاتِ.
( الدعوى رقم 86 لسنة 38 قضائية " دستورية" بجلسة 2/7/2022)
ثانيًا: المساواة بين المرأة والرجل
في تولي الوظائف العامة
أبانَتْ هذا المبدأَ المادةُ الحاديةَ عشرةَ منَ الدستورِ.
وعلى ضوئه قضَتْ المحكمةُ برفضِ الدعَوىٰ المقامةِ طعنًا على دستوريةِ النصِّ المنظمِ لتشكيلِ محكمةِ الأسرةِ، فيما تضمنَهُ مِنْ أنْ يكونَ أحدُ الخبيريَنِ المعينَينِ بتشكيلِ محكمةِ الأسرةِ "على الأقّلِ" منَ النساءِ.
وتأسسَ قضاءُ هذه المحكمةِ علىٰ سندٍ من أنَّ النصَّ المطعونَ فيهِ شُيدَ على قاعدةٍ موضوعيةٍ، مُؤداها: أنَّ منازعاتِ الأسرةِ تدورُ في غالبِها الأَعَمِّ حولَ النساءِ والأطفالِ، فيكونُ تمثيلُ المرأةِ كخبيرٍ في تشكيلِ المحكمةِ التي تنظرُ تلكَ المنازعاتِ قائمًا على أسس مبررة، توخى بها المشرع تحقيق مصلحة مشروعة، بما يكون لهُ سندٌ منَ النصِّ الدستوريِّ المارِ ذكُره.
( الدعوى رقم 56 لسنة 27 قضائية " دستورية" بجلسة 11/4/2015)
ثالثًا: حقُ المواطنينَ في شغلِ الوظائفِ العامةِ
علَى أساسِ الكفاءةِ دون مُحاباةٍ
قرِّرَتْ هذا المبدأَ المادُة الرابعةَ عشرةَ مِنَ الدستورِ.
وبِناءً على هذا المبدأ قَضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ تشريعٍ يقررُ أفضليةً خاصةً لأبناءِ العاملينَ في الجهةِ التي يحكمُها ذلكَ التشريعُ بالتعيينِ فيها.
وذكرتْ المحكمةُ في أسبابِ حكمهاِ أنَّ النصَّ الطعينَ يتضمنُ تمييزاً تحكميًّــا، لا يستندُ إلى أسسٍ موضوعيةٍ، ذلكَ أنَّ الانتماءَ الأُسرىَّ لا يُمَثلُ مَزِيّةً استثنائيةً تمنحُ صاحبَها معاملةً تفضيليةً في شغلِ الوظائفِ العامةِ، التي لا يكونُ شغلُها إلا علىٰ أساسِ الكفاءةِ، ودون محاباةٍ.
( الدعوى رقم 89 لسنة 42 قضائية " دستورية" بجلسة 4/6/2022)
رابعًا: تكريمُ شهداءِ الوطنِ
انتظمَتْ هذا المبدأَ المادةُ السادسةَ عشرةَ منَ الدستورِ.
وعلى هديه قَضت المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ نصٍّ تشريعيٍّ يحظرُ جمعَ الأمِّ بينَ المعاشِ المستحقِ لها عَنْ وفاةِ ابنِها الشهيدِ أثناءَ أدائِهِ الخدمةَ العسكريةَ، والمعاشِ المستحقِ لَها عَنْ زوجِها.
وتسانَد قضاءُ المحكمةِ إلَى أنَّ النصَّ الطعينَ قدْ انطوَىٰ على إخلالٍ بالالتزامِ الدستوريِّ بتكريمِ شهداءِ الوطنِ.
( الدعوى رقم 53 لسنة 34 قضائية " دستورية" بجلسة 1/2/2020)
خامسًا: توفيرُ المناخِ الجاذبِ للاستثمارِ
نَصَّتْ على هذا المبدِأ المادةُ الثامنُة والعشرونَ من الدستورِ.
وفِى إطاره قَضَتْ المحكمةُ برفضِ الدعوىٰ المقامِة طعنًا على دستوريةِ قانونِ تنظيمِ بعضِ إجراءاتِ الطعنِ على عقودِ الدولةِ.
وَتَسَانَدَتْ في قضائِها إلى أنَّ الاستثمارَ بوصفِهِ قاطرةَ التنميةِ الاقتصاديةِ، يتسعُ لمساهمةِ الوحداتِ الإنتاجيةِ للدولةِ وللقطاعِ الخاصِّ، بما مؤداهُ أنَّ لِكّلٍ مِنَ الاستثمارَينِ العامِ والخاصِّ دَوْرَهُ في التنميةِ، وليسَ لازمًا أَنْ يَتخِذَ هذا الاستثمارُ شكلَ وحدةٍ اقتصاديةٍ تُنشِئُها الدولُة أَو تُوَسعُها، ولا عليها أن تُبقيها كُلما كانَ تعثُرها بادِيًا، أو كانتِ الأموالُ المستثمَرُةُ فيها لا تُغِلُّ عائدًا مُجزيًا، أوْ كانَ ممكنًا إعادةُ تشغيلِها تحتَ يدِ القطاعِ الخاصِّ، لِتُحققَ عائدًا أفضلَ، فكلَّما رأتِ الدولةُ مصلحةً عامةً في ذلكَ، فلا مخالفةَ لنصوص الدستور، حين تتوجه الدولة لدعمِ الاستثمارِ مِنْ خلالِ القطاعِ الخاصِّ، ولهذهِ الاعتباراتِ، فإنَّ التشريعَ المطعونَ عليهِ المنظمَ لضوابطِ التقاضي بشأنِ عقودِ الدولةِ، إنما يهدفُ إلى إضفاءِ الاستقرارِ على معاملاتِ الدولةِ وحمايةِ الاستثمارِ، ويكونُ بهذهِ المثابةِ موافقًا للالتزام الدستوريِّ بتوفيرِ المناخِ الجاذبِ للاستثمارِ.
( الدعوى رقم 120 لسنة 36 قضائية " دستورية" بجلسة 14/1/2023)
سادسًا: تحفيزُ القطاعِ الخاصّ
انتَظَمَتْ هذا المبدأَ المادةُ السادسُة والثلاثونَ منَ الدستورِ.
وبِناًء على هذا المبدأ قَضَتْ المحكمةُ برفضِ الدعوىٰ المقامةِ طعنًا على دستوريةِ تشريعٍ يُلزِمُ المنشآتِ الخاضعةَ لأحكامِه بسدادِ نسبةِ 1% من صافي أرباحِها لصالحِ صندوقِ تمويلِ تدريبِ وتأهيلِ العاملينَ بالقطاعِ الخاصِّ.
وتسانَدَتْ المحكمةُ في قضائِها أنَّ تحقيقَ العدلِ المنصوصِ عليهِ في المادةِ ( 4 ) من الدستورِ، في مجالِ علاقاتِ العملِ والنشاطِ الاقتصاديِّ، يتطلبُ مشاركةً حقيقيةً مِنْ جانبِ أصحابِ الأعمالِ للارتقاءِ بالمستوى الفنيِّ للعاملينَ لديهِم، وتأهيلهِم بما يَدفعُ بعجلةِ العملِ إلى الأمامِ، وينعكسُ أثرُه بالضرورةِ على جودةِ الإنتاجِ والخدماتِ التي تقدمُها منشآتُ القطاعِ الخاصِّ، ويسهُم بالتالي في تحفيزِ القطاعِ الخاصِّ لأداء مسئوليته الاجتماعية، بما يؤدي الى تنميةِ الاقتصادِ الوطنيِّ، الذي حرصَ الدستورُ على توكيدِهِ.
( الدعوى رقم 269 لسنة 31 قضائية " دستورية" بجلسة 5/3/2022)
سابعًا: حمايُة الكرامةِ الإنسانيةِ
أوضحَت هذا المبدأَ المادةُ الحاديةُ والخمسونَ من الدستورِ.
وفي إطاره قضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ النصوصِ الجزائيةِ التي تفترضُ قيامَ قرينةٍ قانونيةٍ، يُكَلفُ المتهمُ بنفيِها، خلافًا لأصلِ البراءةِ المعدودِ منَ الحقوقِ الطبيعيةِ، التي تصاحُب الإنسانَ منذُ وجودِه، ولا تنفصلُ عنه إلا بحكمٍ باتٍّ بالإدانِة، بما يستوجبُ إقامةَ سلطةِ الاتهامِ الدليلَ القاطعَ على ما ينقضُ هذا الأصلَ، الذي حَّرَم الدستورَ تعطيلَهُ أو الانتقاصَ منهُ، باعتبارِهِ حقًّا يرتُبط بالكرامةِ الإنسانيةِ.
( الدعوى رقم 96 لسنة 27 قضائية " دستورية" بجلسة 7/3/2020)
ثامنًا: التعويضُ عن الحبسِ الاحتياطيِ
في أحوالِ انتفاءِ المسؤوليةِ الجنائيةِ
نصَّتْ على هذا المبدأِ المادة الرابُعة والخمسونَ من الدستورِ.
وفي ضوئه قضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ حرمانِ الموظفِ، الذي يُحبسُ احتياطيًّا، مِنْ نصفِ أجرهِ، عنْ مدةِ حبسِهِ، في مجالِ سريانِهِ على حالاتِ انتفاءِ المسئوليةِ الجنائيةِ بحكمٍ نهائّيٍ، أو قرارٍ قضائيٍّ لا يجوزُ الطعنُ عليهِ.
وتسانَدَتْ المحكمةُ في قضائِها إلى عدمِ دستوريةِ نصٍّ تشريعيٍّ بقانونِ الخدمةِ المدنيةِ، يَحرِمُ المخاطبينَ بِهِ، من استيداءِ نصفِ الأجرِ الوظيفيِّ المحرومِ منُه الموظفُ خلالَ مدةِ حبسِهِ الاحتياطِيّ، فيما لَوِ انتفَتْ مسئوليتُهُ الجنائيةُ بصورةٍ نهائيةٍ، عنِ الوقائعِ التي حُبسَ عنْها، إذْ يَغُدو استردادُ الموظفِ نصفَ أجرِه، بمثابةِ تعويضٍ، عمَّا لَحِقَهُ من خسارةٍ، إنفاذًا للالتزامِ الدستوريِ الواردِ في المادةِ ( 54 ) مِنَ الدستورِ.
( الدعوى رقم 100 لسنة 43 قضائية " دستورية" بجلسة 4/11/2023)
تاسعًا: حمايُة الملكيةِ الفكريةِ
قررتْ هذا المبدأَ المادةُ التاسعةُ والستونَ من الدستورِ.
وعلى هديه قَضَتْ المحكمةُ برفضِ الدعوىٰ المقامِة طعنًا على تشريعٍ، يقرُر منحَ اتحادٍ، يعمُل على حمايةِ حقوقِ الملكيةِ الفكريةِ، نسبةً مِنْ حصيلةِ التصرفِ في الإنتاجِ الفكريِّ، الذي سقَطَ عنهُ حقُ المؤلفِ.
أسستِ المحكمةُ قضاءَها على أنَّ النصَّ المطعونَ فيهِ، يستهدفُ توفيرَ موردٍ يكفلُ للاتحادِ القيامَ بالمهامِ الملقاةِ عليهِ، وتقديمَ الخدماتِ المنوطةِ بهِ في مجالِ الإنتاجِ الفكريِّ، ذاتِ الطابِع الأدبيِّ، بما يلتئمُ معَ موجباتِ حمايةِ الملكيةِ الفكريةِ.
( الدعوى رقم 203 لسنة 19 قضائية " دستورية" بجلسة 1/2/2020)
عاشرًا: الحقُ في التظاهر
نصَّتْ على هذا المبدأِ المادةُ الثالثةُ والسبعونَ من الدستورِ.
وفي إطاره قَضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ نصَّينِ تشريعيَينِ، فيما تضمناهُ مِنْ تنظيمٍ للإخطارِ بالتظاهرِ، يمنحُ وزيرَ الداخليةِ أوْ مديرَ الأمنِ سلطة منعِ التظاهرةِ، أوْ نقلِها، أو إرجائِها.
تسانَدتْ المحكمةُ في قضائِها إلى أنْ ذلكَ التنظيمَ إنما يَتَحَولُ معهُ الإخطارُ إلى إذنٍ، يُوقعُ التشريعَ في حمأةِ المخالفةِ الدستوريةِ، ويقيدُ الحقَ في التظاهرِ بقيودٍ تنالُ مِن جَوهرِه وتُنُاقُضُ طبيعتَهُ.
( الدعوى رقم 160 لسنة 36 قضائية " دستورية" بجلسة 3/12/2016)
حاديَ عشر: حظرُ حلِ هيئاتِ ومؤسساتِ المجتمعِ المدنِيّ
أو مجالسِ إدارتِها إلا بحكمٍ قضائيٍ
أبانَتْ هذا المبدأَ المادةُ الخامسةُ والسبعونَ منَ الدستورِ.
وعلى هديه قضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ تشريعٍ يُخَوَّلُ وزيَر التضامنِ الاجتماعيِّ، أوْ مَنْ يقومُ مقامَهُ، سلطةَ عزلِ مجالسِ إدارةِ الجمعياتِ والمؤسساتِ الأهليةِ.
وتسانَدَتْ المحكمةُ في قضائِها إلى أنَّ التشريعَ المقضيَ بعدمِ دستوريتِهِ، الذي أدركَهُ الدستورُ القائمُ، يُسِلّطُ جهةَ الإدارةِ على هيئاتِ ومؤسساتِ المجتمعِ المدنيِّ، على نحوٍ يعوقُ الأهدافَ التي تسعَى لتحقيقِها، بما يُقوِّضُ نشاطَها، ويتصادمُ مع الالتزامِ الدستوريِّ بالحقِ في تكوينِها على أساسٍ ديمقراطيٍّ.
( الدعوى رقم 160 لسنة 37 قضائية " دستورية" بجلسة 2/6/2018)
ثاني عشر: رعايةُ الدولةِ للشبابِ والنشءِ
قررتْ هذا المبدأَ المادةُ الثانيةُ والثمانونَ مِنَ الدستورِ.
وفي إطاره قضتْ المحكمةُ بصحةِ تشريعِ يُعفِي الهيئاتِ الرياضيةَ مِن مقابلِ استهلاكِ المياهِ.
على سندٍ مِنْ أَنَّ عدمَ استقطاعِ جزءٍ مِنَ المواردِ الماليةِ للهيئاتِ الرياضيةِ، وبقاءَها مخصصةً لمزاولةِ أنشطتها المتصلةِ بالمصلحةِ العامةِ، التي تُعدُّ رعايةُ الشبابِ والنشءِ، وتنميةُ قدراتِهم المختلفةِ، وكفالةُ ممارسةِ الرياضةِ لجميعِ المواطنينَ أحدَ أوجههِا الحيويةِ، بوصفِ ذلكَ التزامًا دستوريًّا على عاتقِ الدولةِ، بما يكونُ معهُ التشريعُ المطعونُ فيه قد جاءَ متوافقًا معَ الأغراضِ والأهدافِ التي رصَدها المشرُع له، والتي أَنبتَها الالتزامُ الدستوريُّ برعايةِ الدولةِ للشبابِ والنشءِ.
( الدعوى رقم 39 لسنة 31 قضائية " دستورية" بجلسة 6/7/2019)
ثالثَ عشر: رعايةُ مصالحِ المصريينَ في الخارجِ
انتظمَتْ هذا المبدأَ المادةُ الثامنةُ والثمانونَ من الدستور.
وبِناءً على هذا المبدأ قَضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ تشريعٍ يمنعُ مزدوجَ الجنسيةِ مَن الترشحِ لعضويةِ مجلسِ النوابِ.
على سندٍ من أنَّ الدستورَ أوردَ الشروطَ الجوهريةَ المتطلبةَ في طالبِ الترشحِ لمجلسِ النوابِ، فلا يجوزُ للمشرعِ العاديِّ الخروجُ عليها سواءً بتقييدِها، أوِ الانتقاصِ مِنها، بما يهددُها، أوْ يفرغُها مِنْ مضمونِها، وَمِنْ بَيِن هذهِ الشروطِ حملُ الجنسيةِ المصريةِ، على نحوٍ مطلقٍ مِن أيِّ قيدٍ أوْ شرطٍ، خلافًا لشروطِ ترشحِ رئيسِ الجمهوريةِ، أو مَن يُعَيَّنُ رئيسًا لمجلسِ الوزراءِ، وإذْ أضافَ التشريعُ المطعونُ عليهِ قيدًا أو شَرطًا، بالانفرادِ بالجنسيةِ المصريةِ، فإنهُ يكونُ قد خالفَ النصَّ الدستوريَّ في شأنِ التزامِ الدولةِ برعايةِ مصالحِ المصريينَ المقيمينَ بالخارجِ، وتمكينهِم مِنْ أداءِ واجباتِهم نحوَ الدولةِ والمجتمعِ.
( الدعوى رقم 24 لسنة 37 قضائية " دستورية" بجلسة 7/3/2015)
رابعَ عشر: حرياتُ المواطنينَ وحقوقُهم
لا تقبلُ تعطيلًا ولا انتقاصًا
أوضَحَتْ هذا المبدأَ المادةُ الثانيةُ والتسعونَ من الدستورِ.
وعلى هديه قضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ الامتدادِ القانونيِّ لعقودِ إيجارِ الأماكنِ للأشخاصِ الاعتباريةِ لاستعمالِها في غيرِ غرضِ السُّكنىٰ.
وذلكَ استنادًا إلى أنَّ التشريعَ المذكورَ سلبَ حقَ المؤجرِ في طلبِ إخلاءِ الأعيانِ المؤجرةِ لغيرِ غرضِ السكنى، لِتصيرَ يدُ المستأجرِ على العين مؤبدًة، باقيةً مدةَ بقاءِ الشخصِ الاعتباريِّ – عامًّا كانَ أمْ خاصًّا – وبالتالي فإنَّ هذا التشريعَ يكونُ قد انتقصَ مِنْ أحدِ عناصرِ حقِ الملكيةِ الخاصةِ، بما فرضَه من قيودٍ، تنالُ من جوهرِه، حالَ كونهِ مِن الحقوقِ اللصيقةِ بشخصِ المواطنِ، التي لا تقبلُ تعطيلًا ولا انتقاصًا.
( الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية " دستورية" بجلسة 5/5/2018)
خامسَ عشر: التزامُ الدولةِ بالمواثيقِ الدوليةِ لحقوقِ الإنسانِ
نَصِّتْ علَى هذا المبدِأ المادةُ الثالثُة والتسعونَ من الدستورِ.
وفي إطاره قضَتْ المحكمةُ برفضِ الطعنِ علَى دستوريةِ مادتَينِ في قانونِ العملِ، أوجبتَا اللجوءَ ابتداءً إلى طريِق المفاوضةِ الجماعيةِ في منازعاتِ العملِ الجماعيِة.
تسانَدَتْ المحكمةُ في قضائِها، إلى اتفاقِ النصينِ المطعونِ عليهُما، مع المبادئِ الكليِة التي تضمنَتَها اتفاقياتُ العملِ الدوليةُ، وعلى وجهِ الخصوصِ، الاتفاقياتِ التي انضمَتْ إليْها وصدَّقَتْ عليها جمهوريةُ مصرَ العربيةُ.
( الدعوى رقم 298 لسنة 30 قضائية " دستورية" بجلسة 2/4/2022)
سادسَ عشر: ضوابطُ الاختصاص التشريعيِ لرئيسِ الجمهوريةِ
أوضحَتْ هذا المبدأَ المادةُ السادسةُ والخمسوَن بعدَ المائةِ منَ الدستورِ.
وفي ضوئه حددتْ المحكمةُ مفهومَ حالةِ الضرورةِ التي تجيزُ لرئيسِ الجمهوريةِ إصدارَ قراراتٍ بالقوانينَ، إذا كان مجلس النواب غير قائم، فقالتْ بوجوبِ تلبيتِها للاحتياجاتِ التي يوجبُها صونُ مقوماتِ المجتمعِ الأساسيةِ، وحددَتْ الطبيعةُ الدستوريةُ لقراراتِ رئيسِ الجمهوريةِ بالقوانينِ، فقالتْ إنها تلازمُها شرعيةٌ دستوريةٌ مؤقتةٌ، حتى تخضعَ لرقابةِ مجلسِ النوابِ في الفصلِ التشريعيِّ الجديدِ، وبالإجراءاتِ المقررةِ في النصِّ الدستوريِّ المشارِ إليهِ، ولا يَحولُ إقرارُها مِنْ مجلسِ النوابِ، دونَ خضوعِها لرقابةٍ قضائيةٍ تباشرُها المحكمةُ الدستوريةُ العليا، تشملُ الأحكامَ الشكليةَ والموضوعيةَ لتلكَ القراراتِ بالقوانينِ، وذلكَ إنفاذًا للالتزامِ الدستوريِّ بالتوازنِ بينَ سلطاتِ الحكمِ في البلادِ.
( الدعوى رقم 126 لسنة 38 قضائية " دستورية" بجلسة 4/1/2020)
سابعَ عشر: اختصاصُ مجلسِ الدولةِ دونَ غيرِهِ
بالفصلِ في المنازعاتِ الإداريةِ
قررتْ هذا المبدأَ المادةُ التسعونَ بعَد المائةِ منَ الدستورِ.
وبِناءً على هذا المبدأ قَضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ نصوصٍ بقانونَيِ الضريبةِ العامةِ على المبيعاتِ والضريبةِ على الدخلِ، فيما تضمنَتْه مِنْ عقدِ الاختصاصِ للمحكمةِ الابتدائيةِ، بالفصلِ في الطعونِ التي تقامُ منَ الممولينَ على قراراتِ لجانِ الطعنِ الضريبيِّ، باعتبارِ أنَّ هذهِ الطعونَ تدخُل في عدادِ المنازعاتِ الإداريةِ التي يختصُّ مجلسُ الدولةِ بالفصلِ فيها دونَ غيرِهِ.
( الدعوى رقم 70 لسنة 35 قضائية " دستورية" بجلسة 25/7/2015)
ثامنَ عشر: الحجيةُ المطلقةُ لجميعِ أحكامِ وقراراتِ
المحكمةِ الدستوريةِ العليا
قررَتْ هذا المبدأَ المادةُ الخامسةُ والتسعونَ بعدَ المائةِ مِنَ الدستورِ.
وتعرضَتِ المحكمةُ لمفهوم الحجيةِ المطلقةِ لأحكامِها في دعاوَى التنازعِ، ومنازعاتِ التنفيذِ، فعرَّفَتْها أَنّها تَلْحقُ– نِطاقًا – بِما قد تتضمَنُهُ هذهِ الأحكامُ مِنْ تقريراتٍ دستوريةٍ، تَعرِضُ لنصوصٍ – بذاتِها - مِنَ الوثيقةِ الدستوريةِ، لَها محلٌ مِنَ الإعمالِ علىٰ وقائعِ النزاعِ الموضوعيِّ، ومؤديةً - لُزومًا – إلى الفصلِ في موضوعِهِ، بما يعكسُ بيانَ هذهِ المحكمةِ لمؤدَى تلكَ النصوصِ الدستوريةِ، وإفصاحِها عن دلالَتهِا، فيكونُ إلزامُها للكافةِ ولجميعِ سُلُطاتِ الدولةِ، بما أقَّرتْهُ في شأنِها مِنْ مفاهيمَ متعينًا، ولا كذلكَ الحالُ بالنسبةِ لغيرهاِ مِنْ عناصرِ الحكمِ في دعاوَى التنازعِ ومنازعاتِ التنفيذِ، التي يثبتُ لقضاءِ المحكمةِ فيها، قُوة الأمرِ المقضيِّ فيهِ، فتلحَقُ بمنطوقِها والأسبابِ المرتبطةِ بهِ ارتباطًا حتميًّا، قِبَلَ أطرافِ خصومةِ الموضوعِ، وفي مواجهةِ جميعِ المخاطبينَ بتنفيذِهِ وإعمالِ آثارِهِ دونَ غيرِهم.
( الدعوى رقم 65 لسنة 41 قضائية " منازعة تنفيذ" بجلسة 15/10/2022)
تاسعَ عشر: مشاركُة المحاماةِ للسلطةِ القضائيةِ
في تحقيقِ العدالةِ
نصَّتْ على هذا المبدأَ المادةُ الثامنةُ والتسعونَ بعدَ المائةِ مِنَ الدستورِ.
وعلى هديه قَضَتْ المحكمةُ برفضِ الدعوىٰ المقامِة طعنًا على تشريعٍ في قانونِ المحاماةِ، لا يجيزُ قبولَ صُحُفِ الدعاوى أمامَ محكمةِ الاستئنافِ، ومَا يعادلُها منْ درجاتِ التقاضي، إلا إذا كانَ مُوَقَّعًا عليها مِنْ مُحامٍ، وإلا حُكِمَ بِبُطلانِ الصحيفةِ.
وأسستْ المحكمةُ قضاءَها على أن َّالتشريعَ المطعونَ فيهِ إنما يتوخَىٰ للخصومةِ القضائيةِ عناصَر جديتِها، مِنْ خلالِ إقامتِها من مُحامٍ يكونُ مهيأً لإعدادِ صحيفتِها، وهوَ ما لا يتضمنُ مصادرةً لحقِ الدفاعِ أو تقييدًا لحقِ التقاضي، بل تنظيمًا لكليهما، أوجبَه إعمالُ النصُّ الدستوريُّ المارُ بيانهُ.
( الدعوى رقم 28 لسنة 38 قضائية " دستورية" بجلسة 3/11/2018)
عشرين: ديباجةُ الدستورِ وجميعُ نصوصِهِ
تشكلُ نسيجًا مُترابطًا، وكلًّا لا يتجزأ
نصَّتْ على هذا المبدأَ المادةُ السابعةُ والعشرونَ بعدَ المائتَينِ مِنَ الدستورِ.
وفي إطارِهِ قضَتْ المحكمةُ بعدمِ دستوريةِ تشريعٍ لَمْ يُنشرْ في الجريدةِ الرسميةِ، وعُمِلَ به في ظِلِّ الإعلانِ الدستوريِّ الصادرِ في فبرايَر سنةَ 2011، واستمرَّ العملُ بِهِ حتى أدركَهُ دستورُ سنةِ 2014.
وتساندَتْ المحكمةُ في قضائِها إلىٰ أنّه مِن غيرِ الجائزِ أَنْ تكونَ الأحكامُ المتعلقةُ بحقوقِ وحرياتِ الأفرادِ محلًّا للتعطيلِ، لأنها أحكامٌ وإنْ خلا مِن بعضِها الإعلانُ الدستوريُّ المارُ ذكُرُه، إلا أنها تندمِجُ بالضرورةِ معَ سائرِ أحكامِ الدستورِ القائمِ، بما في ذلكَ ما وردَ منها بالديباجة، وذلكَ في وحدةٍ عضويةٍ متماسكةٍ، اعتبارًا بأنَّ هذهِ الحقوقَ والحرياتِ تتأبى على الوقفِ، وتستعصِي علىٰ التعطيلِ.
( الدعوى رقم 1 لسنة 41 قضائية " دستورية" بجلسة 17/12/2022)