خلال حواره لبرنامج «كلّم ربنا»
حسام الدين حسين: "أصبت بالاكتئاب 7 سنين.. وكنت بدعى ربنا مصحاش تانى

قال الإعلامى القدير حسام الدين حسين، إن «ربنا له عنوانين بمسيرتى ، الأول: الرحمة، فهو الرحمن الرحيم، لأنه فى كتير من المواقف فى حياتى مكنتش هعدى منها، وبيتدخل فى الوقت المناسب، وينقذنى بطريقة عجيبة وغريبة، أما التانى: (المعرفة)، إنه أى شخص بيسعى إلى المعرفة فى حياته فهو يسعى إلى الله.
وأضاف «حسام الدين»، خلال حواره لبرنامج «كلم ربنا»، الذي يقدمه الكاتب الصحفي أحمد الخطيب على الراديو 9090، «في يوم كنت راكب عربيتي ورايح أزور أمي في المستشفى، وأدركت وقتها قد إيه ربنا حاضر في حياتنا، عرفت ربنا فعلًا لما أصبت بالاكتئاب وخضت رحلة طويلة مدتها 7 سنين، كان بالنسبة لي أصعب من السرطان، لأنه عبارة عن صراع بين شخصين جواك، والاتنين أنت! وده اللي بيخليه يتسمى الوحش الأسود، لأنه بياخد منك لذة كل حاجة بتحبها، وبيخليك تفقد إحساسك بكل حاجة حواليك".
واستطرد: «تشخصت بنوع اسمه الاكتئاب المبتسم، لأن رغم حبي للمزيكا والسفر والهزار، كنت جوايا مليان حزن وألم، المشكلة كانت في شغلي كمذيع، لأن الظهور على الشاشة بيتطلب مني تركيز وابتسامة، وده كان صعب جدًا خصوصًا مع البرامج الصباحية، الصبح كان العدو الأكبر ليا، لأنه بداية يوم جديد ومعاه معاناة جديدة، ساعات كنت بدعي وأنا بنام أقول: (يا رب، مش عايز أصحى تاني)»، موضحاً: «فيه كتاب اسمه (الاكتئاب شيطان الصباح) بيتكلم عن المعاناة دي بالتفصيل، والفترة دي كانت صعبة جدًا عليا، بس خلتني أقرب أكتر من ربنا وأبدأ أشوف الحياة بشكل مختلف».

و قال: «الاكتئاب اللي عانيت منه كان نتيجة أسباب متراكمة من طفولتي، من سن 7 سنين، بدأت أواجه صدمات كبيرة، أهمها انفصال والديّ وأنا في المرحلة الإعدادية، وكانت تجربة شديدة وقاسية، وربنا يرحمهم، بعدها أصيبت أمي بسرطان الثدي، وكانت التجربة دي من أصعب اللحظات في حياتي، أمي استمرت تعاني من المرض لمدة 17 سنة، وكانت حياتها كلها معجزة حقيقية لأنها واجهت المرض وهو بينتشر من الثدي للرئة للكبد وللمخ، ومع ذلك كانت بتقاوم بابتسامة».
وتابع: «أمي كانت جميلة جدًا في حياتي، وكانت إنسانة معطاءة، بتخرج في الشارع تأكل القطط وتساعد الفقراء، وكل الناس كانت تعرفها وتحبها، أكتر حاجة كانت مخليّاها صامدة هي إنها كانت عايزة تطمّن عليّ وتشوفني في وضع جيد وأحقق أحلامي، في اللحظات الأخيرة من حياتها، دخلت في غيبوبة وأنا كنت على الهواء، كنت خايف إنها تمشي من غير ما أقدر أكلمها وأسألها إذا كانت راضية عني، وده خلاني أكلم ربنا وأقول له: (يا رب، عايز أعرف إذا كانت راضية عني قبل ما تسيبني)، المفاجأة إنها فاقت لمدة 30 ثانية وابتسمت لي وسلمت عليّ، وكأنها كانت بتودعني، وتاني يوم حصلت الوفاة، وبعد ما كنت بلوم ربنا، شكرته لأنه سمح لي أشوفها وأكلمها في اللحظات الأخيرة».
وأشار «حسام الدين»، إلى أنه «قبل وفاة والدتي، أتذكر أن والدي أصيب بلعمى، وفقد القدرة على الحركة، وقتها كنت بدأت كمراسل تليفزيوني، وفى صعوبة كبيرة في الفلوس والشغل، وكأنني أعيش كابوسًا، في لحظة انهيار وأنا في المستشفى، كنت مفلسًا تمامًا ولا أملك أي حيلة، فدعوت الله وقلت له: (يا رب لو ساعدتني في هذا الموقف، هكرّس حياتي كلها للبحث عنك)، بعدها تغيرت الأمور تدريجياً، حيث جاءني الدعم من عائلة خالتي، وقدّموا لي المساعدة».
أكثر اللحظات ألما

وأضاف: «اللحظات الأكثر ألمًا بالنسبة لي كانت في شهور مرض أمي الأخيرة، حينها، كان الاكتئاب يتفاقم داخلي، والدكاترة قالوا إن والدتى لا توجد فائدة من استمرار العلاج، واقترحوا إيقاف الأدوية لتريحها، لكنني كنت عاجزًا عن اتخاذ القرار، فدعيت ربنا: (يا رب، رحمتك هي اللي هتنقذني)، فقررت إيقاف العلاج، وبعد شهر توفيت، لم أحزن على وفاتها، لأنني شعرت أن الله رحّمها من رحلة عذاب طويلة مع العلاج».
ولفت إلى أنه بسبب الاكتئاب «لجأت للأطباء وللقراءة والبحث، وخضت رحلة صعبة ومؤلمة وبدأت رحلتي في البحث عن الله وعن نفسي، قرأت الفلسفة، الأديان، علوم الطبيعة، وكل ذلك جعلني أقترب أكثر من الإجابات التي كنت أبحث عنها»، وتابع: «خلال هذه الرحلة، بدأت ألاحظ إشارات من الله، تلقيت دعوة لحج كانت نقطة تتويج لمسيرتي، وحين رأيت الكعبة فقدت النطق، وكأن كل الدعوات اختفت من داخلي، ولم أطلب سوى: (اللهم زدني علمًا ومعرفة وافتح لي أبواب الحكمة)، وفي يوم عرفة، كتبت دعواتي للناس على فيسبوك، تلقيت حوالي 1000 رسالة ودعوت للناس، وقد تحقق بعضها، وحلمت أيضًا في المدينة المنورة بحلم جعلني أفهم قوانين الفيزياء والرياضيات»،
وختم قائلاً: «اليوم، أعتبر نفسي في مراحل الشفاء الأخيرة من الاكتئاب، والمرض بداية جديدة، وعملت على دعم الآخرين لتعويض ما فقدته، أزور دور الأيتام، أساعد مرضى السرطان وأفتح برنامج للمرضى، لا يجب أن ننظر لمرضى الاكتئاب بشكل سطحي، ولا نقول لهم إن مرضكم سببه ضعف في الإيمان أو الابتعاد عن الله، لأن هذا يزيد الألم. الاكتئاب ساعدني على استيقاظ روحي وبداية حياة أصيلة تعبر عن نفسي كما أريدها، والحمد لله الذي ساعدني على رؤية نفسي ومعرفتها».