و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

شيخ الأزهر الـ 47

رحلة الإمام عبد الرحمن بيصار رائد الفلسفة الإسلامية وأستاذ علم الكلام

موقع الصفحة الأولى

الشيخ عبد الرحمن بيصار، هو الإمام السابع والأربعون فى قائمة مشايخ الأزهر الشريف، أحد رواد الفلسفة الإسلامية والذى تولى مشيخة الأزهر من عام 1979وحتى 1982
ولد الشيخ محمد عبد الرحمن بيصار عام 1910 فى قرية السالمية بمحافظة كفر الشيخ ، وحفظ القرآن الكريم ودرس بمعاهد دسوق وطنطا والإسكندرية الدينية، وتخرج فى كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عام 1939.
بعد نجاحه بمعهد دسوق ألحقه والده بالمعهد الأحمدي بطنطا ليكمل فيه دراسته الثانوية، وكان شغوفا بالتأليف فألف رواية تحت عنوان «بؤس اليتامى» فأثار عليه حفيظة أساتذته بالأزهر لاشتغاله بالتأليف، وهو عيب كبير في نظرهم، فأجروا معه تحقيقا وكانت النتيجته أن ترك الشيخ عبد الرحمن بيصار معهد طنطا إلى معهد الإسكندرية.
أتم دراسته بمعهد الإسكندرية ثم التحق بكلية أصول الدين وتخرج فيها بتفوق سنة 1949م، وتم تعيينه مدرسا بها، فجذب إليه الطلبة ولفت أنظار الأساتذة، وفي عام 1949م اختاره الأزهر في بعثة تعليمية إلى إنجلترا فانتقل بين الجامعات الإنجليزية، ثم استقر بكلية الآداب بجامعة أدنبره، ونال منها الدكتواره بتفوق.
تميزت التجربة العلمية للشيخ عبد الرحمن بيصار بالثراء والتنوع، فقد نال شهادات عليا في الفلسفة والعقائد، وألف كتبا عديدة في الفلسفة الإسلامية، بعد حصوله على الدكتوراه في الفلسفة بجامعة أدنبرة ببريطانيا عام 1955، اختير بعدها لتولي إدارة المركز الإسلامي بواشنطن، وظل في هذا المنصب حتى عام 1959.
ففى عام 1955م تم ترشيحه مديرًا للمركز الثقافي الإسلامي بواشنطن، فجعل منه مركز إشعاع لجميع الطوائف الدينية في أوروبا، واستطاع الإمام عبد الرحمن بيصار أن يحظى باحترام وتقدير جميع الطوائف، وظل يدير المركز لمدة 4 سنوات، وبعدها عاد إلى مصر أستاذا بكلية أصول الدين، ثم عمل الشيخ عبد الرحمن بيصار أستاذا بكلية أصول الدين، وتولى مسؤوليات كثيرة توجت بتعيينه وزيرا للأوقاف عام 1978 ثم شيخا للأزهر عام 1979.

الخلاف بين الفلاسفة وعلماء الكلام 

تخصص فضيلة الإمام الأكبر الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار في الفلسفة الإسلامية، ودرس جوانب هذه الفلسفة دراسة علمية دقيقة، وتعمق في بحث وجوه الخلاف بين الفلاسفة وعلماء الكلام والصوفية، وسجل هذه البحوث في كتبه ومحاضراته، وخرج من هذه الدراسات بنتائج هامة لخصها في بحث ألقاه في المؤتمر الخامس لمجمع البحوث الإسلامية المنعقد في 28 فبراير سنة 1970م، وكان عنوان البحث: «إثبات العقائد الإسلامية» تتلخص في ثلاثة مناهج وهي: «منهج المتكلمين» الذين يعتمدون على النص مع احترامهم للعقل، و«منهج الفلاسفة» الذين يعتمدون أوَّلا على العقل مع إيمانهم بالنص، و«منهج الصوفية» الذين يعتمدون على الرياضة الروحية والمجاهدة النفسية. موقع الصفحة الأولى
وخلص الإمام عبد الرحمن بيصار من نتائج بحثه إلى أن الحرية الفكرية التي منحها الإسلام لأتباعه في شؤون عقيدتهم تأتي تحت ضوابط أساسية، وهي: حث القرآن الكريم الإنسان على التأمل والتفكير في ملكوت السموات والأرض، وإشادة الإسلام بفضل العلم والمعرفة وتعظيمه لشأن العلماء، ورد شبهات الوافدين على الإسلام والمنحرفين عنه بمنطق عقلي رشيد.
امتاز الشيخ محمد عبد الرحمن بيصار بمواصلة البحث والدراسة في أدق المعارف الفلسفية والعلمية وصياغتها في أسلوب واضح دقيق يصل إلى العقول من أيسر الطرق، وترك للمكتبة الإسلامية العديد من المؤلفات العلمية القيمة، وأهمها؛ الوجود والخلود في فلسفة ابن رشد، والعقيدة والأخلاق في الفلسفة الإسلامية، وكذلك الحقيقة والمعرفة على نهج العقائد النسفية، وتأملات في الفلسفة الحديثة والمعاصرة، والعالم بين القدم والحدوث، والإمكان والامتناع، وشروح مختارة لكتاب المواقف، لعضد الدين الإيجي، والإسلام والمسيحية.
كما قدم الشيخ عبد الرحمن بيصار للمكتبة العالمية؛ رسالة باللغة الإنجليزية عن الحرب والسلام في الإسلام، ورجلان في التفكير الإسلامي، وهي دراسات عن حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي وإمام الحرمين الجويني.
وبدأ الشيخ الإمام محمد عبد الرحمن بيصار عمله في مشيخة الأزهر بدراسة قانون تطوير الأزهر ولائحته التنفيذية لتعديله بما يحقق له الانطلاق دون معوقات في أداء رسالته الداخلية والعالمية، فنجح في إرساء قواعد المنهج الفلسفي والعلمي في الأزهر، ونهض به نهضة سجلها التاريخ له.

تم نسخ الرابط