الباحث الاسترالى وإرتفا الكفن
دراسة تؤكد: "كفن تورينو" يعود للمسيح والدماء تدل على جروح عميقة بالوجه

أثارت قطعة القماش المعروفة باسم كفن تورينو أو الكفن المقدس جدلا كبيرا منذ العثور عليها عام 1354، على يد الفارس الفرنسي جوفروي دي شارني، والذي سلمها إلى الكنيسة، ويعتقد أنها من الغنائم التي نهبت من القدس أثناء الحروب الصليبية، وتم نقله إلى مدينة تورينو شمال إيطاليا لحفظه عام 1578.
وقطعة القماش من نسيج الكتان والتي يبلغ طولها 4.42 مترا وعرضها 1.21 مترا، تعتبر من أشهر القطع الأثرية التاريخية التي خضعت لدراسات دقيقة على مستوى العالم، وآخرها إجراء فريق من خبراء الأدلة الجنائية لتحليلات استند إليها الباحث الأسترالي ويليام ويست في أحدث دراسة تجرى على الكفن.
ويظهر في كفن تورينو دماء متجلطة كثيفة طبعت آثارها على وجه الجثة التي لفت به، ويقول الخبراء إن سببها جروح عميقة وحادة، والتي تظهر على الذراعين والقدمين والكاحلين، وهناك جروح أخرى ظاهرة من علامات الضرب عند الكتف والظهر، ولكنها لم تؤد إلى الوفاة، حيث يعتقد العلماء أن صاحب الجثة توفى بسبب الجاذبية ووزن جسمه المعلق.
وتعتقد الروايات المصاحبة لظهور كفن تورينو، أنه يعود إلى المسيح الذي تم لفه بقماش الكتان، وأن دمه لطخ القماش فانتقلت صورة جسد المسيح إلى الكتان، فيما يمثل معجزة حسب معتقداتهم.
جدل كفن تورينو
وسبب الجدل المستمر حول كفن تورينو، هو تناقض الدراسات والأبحاث التي أجريت حوله، والتي قالت في البداية إن الكفن مزيف حيث جرى طلاؤه بصبغة حمراء، ولكن الاختبارات الحديثة التي أجريت عام 2022 أدت إلى إبطال النتائج السابقة، وترجيح احتمال أن يكون الكفن حقيقيا ويعود إلى المسيح عليه السلام.
وتقول أحدث دراسة أجراها الباحث الأسترالي ويليام ويست، إن كفن تورينو يصور وجه وجسد يسوع المسيح، وإن قطعة قماش الكتان تحمل دمه الحقيقي.
ويؤكد الباحث الأسترالي في كتابه الجديد "ارتفاع الكفن"، أن قماش الكتان يسجل صورة ثلاثية الأبعاد دقيقة لملامح المسيح، في معجزة لم تستطع أي تكنولوجيا بشرية أن تفعله قبل اختراع أجهزة الكمبيوتر، حيث لم يتم اكتشاف الطبيعة الثلاثية الأبعاد للصورة قبل عام 1976.
ويشير ويليام ويست إلى وجود هناك أدلة دامغة على أن كفن تورينو ليس مزيفا، ومنذ عرض الكفن للمرة الأولى أمام الجمهور في قرية فرنسية صغيرة قبل 670 عامًا، كان محاطًا بنقاش حاد.
ويستند الباحث الأسترالي إلى الدراسة التي أجريت في أبريل 2022 على يد فريق من خمسة علماء من المجلس الوطني للبحوث في إيطاليا، ويقودهم الدكتور ليبيراتو دي كارو، والذين أجروا سلسلة من الاختبارات بواسطة الأشعة السينية المصممة لإثبات عمر الكتان القديم، مع أجراء أبحاث موازية في جامعة بادوا، بواسطة البروفيسور جوليو فانتي، لتثبت النتائج أن الكفن لا يعود تاريخه إلى العصور الوسطى، بل يعود في الواقع إلى حوالي 2000 عام.
ويقول الباحث الأسترالي إن الصورة الموجودة على كفن تورينو تتكون من ألياف صغيرة متغيرة اللون في خيوط القماش، وأن هذه الألياف قد اصفرت، كما يحدث للورق عندما يتعرض لأشعة الشمس، ولكن العجيب أنه ليست كل الخيوط متغيرة اللون، ولكنها فقط تلك التي تتحد لتكوين صورة عند النظر إليها من مسافة بعيدة، فيما يشبه التقنية المستخدمة في شاشات التلفزيون الحديثة، والتي تصنع صورًا من وحدات البكسل، أو صور الصحف القديمة، التي تتكون من نقاط، حيث يؤثر التلوين على الطبقة الخارجية للألياف فقط، ولا يخترق القماش كما تفعل الصبغة، ليبدو وكأن الصورة ملقاة على سطح الكفن نفسه، ويمكن كشطها بواسطة شفرة الحلاقة.
كما تكشف الدراسة أن الكفن مصمم ليتم عرضه من خلال التصوير الفوتوغرافي فالصورة السلبية للكفن تظهر بوضوح في الصور، ومن العسير رؤية ذلك، لأن الخطوط العريضة للوجه تتلاشى إذا اقتربت كثيرًا أو وقفت بعيدًا، لتكون المسافة المثالية للرؤية هي حوالي ثلاثة إلى ستة أقدام.
تزوير الكفن
ويعود الباحث ليقول إن ذلك الأمر لا يمكن تفسيره لأي شخص يشك في تزوير الكفن، لأنه سيفاجئ بسؤال حول لماذا يستخدم فنان من العصور الوسطى أسلوبا غير مرئي إذا كان يستهدف خداع الناس، وكيف يمكن لمزور من العصور الوسطى أن يعرف خدعة رسم وجه ثلاثي الأبعاد؟ خاصة وأن فناني عصر النهضة لم يتوصلوا إلى ذلك.
كما تكشف الدراسة الحديثة عن وجود العديد من الأدلة التي تثيت أن كفن تورينو حقيقيا، وهي العينات الكيميائية المأخوذة من الدم والتي تظهر تعرضه صاحب الكفن للتعذيب، كما أن تدفقات الدم المثالية والجلطات لم يتمكن أي فنان من تقليدها من قبل، كما تظهر آثار مجهرية من الأوساخ تطابق البصمة الكيميائية للتربة في القدس.
كما تظهر الصور الموجودة على أيقونات وعملات الألفية الأولى تطابقها مع الوجه الموجود على الكفن.
وتؤكد الدراسة أن الصورة الفوتوغرافية المستحيلة للوجه، وهي صورة محصورة في السطح المجهري للقماش، تيشير إلى أنه لا يمكن لسائل أو غاز أن يشكل الصورة، ويبدو أنها لم تأت إلا من انفجار طاقة مشعة، على حد زعم الباحث الأسترالي.
كما تُظهِر الاختبارات المعملية أن الدم والسوائل الجافة على الكفن بشرية بشكل لا لبس فيه، وإذا كان الكفن مزورًا، كما يقول المشككون، فلا بد من قتل ضحية أخرى لإنشاء هذه البقع. لأن الدم جاء أولا، قبل بقية الصورة، فذا قام فنان، باستخدام تقنية ضائعة غير عادية، بطباعة صورة المسيح على الكفن، فمن المؤكد أنه كان سيرسم الجسد أولاً، ثم يضيف الدم، ولكن هذا ليس ما حدث.
ويظهر الفحص بالأشعة السينية أنه عندما يوجد دم على الكفن، لا توجد صورة تحته، فمهما كانت العملية التي تسببت في تغير لون ألياف الكتان المجهرية، فقد تم حفرها بواسطة وجود الدم، وذلك يعني أن القماش لابد أن يكون ملفوفًا حول جثة ملطخة بالدماء، قبل ظهور الصورة.
ويحمل كفن تورينو بصمة جسد رجل، من الأمام والخلف، ويظهر وهو عيناه مغلقتان، وشعره يصل إلى كتفيه، ووجهه ملتحي، ويديه مطويتان أسفل فخذيه، كما يمكن تمييز الصورة الباهتة بالعين المجردة.