
ان قرار ترامب بترحيل اهل غزة والضفة الغربية وتسليمهما لاسرائيل لهو اعادة استنساخ لوعد بلفور، وقد أثار ذلك جدلاً واسعاً، وهو يتماشى مع دعمه المطلق لإسرائيل، وعليه فانه يحق للعرب اعتبار أمريكا هي العدو الاول قبل إسرائيل، ولكن مع قليل من التريث فان اعتبار أمريكا كلها كعدو قد يكون تعميماً غير دقيق فالإدارات الأمريكية تختلف في سياساتها، وهناك داخل أمريكا نفسها تيارات سياسية، ونشطاء، وإعلاميون، وحتى مسؤولون يعارضون سياسات الاحتلال ويدعمون الحقوق الفلسطينية.
المشكلة الأساسية تكمن في أن السياسة الخارجية الأمريكية، بغض النظر عن الرئيس، تميل غالباً لدعم إسرائيل، وهو ما يستدعي من الدول العربية اتخاذ مواقف أكثر استقلالية، وتعزيز التحالفات التي تضمن مصالحها، بدلاً من الاعتماد على مواقف واشنطن المتقلبة يجب ان يعرف العرب ان جوهر القضية الحقيقي هو (القوة)، القوة هي وحدها التي تفرض الاحترام في السياسة الدولية المشكلة أن بعض الدول العربية تمتلك أوراق ضغط حقيقية على أمريكا، مثل النفط، الأسواق الاقتصادية، والموقع الاستراتيجي، لكنها لم تستخدمها بفاعلية كافية.
ترامب يتعامل بالمكسب والخسارة
لو كان هناك موقف عربي موحد يشترط الحدّ من الدعم الأمريكي لإسرائيل مقابل استمرار المصالح الاقتصادية والعسكرية، لاضطرت واشنطن إلى إعادة حساباتها لكن الانقسامات العربية، والتبعية لبعض القوى الكبرى، تجعل من السهل على أمريكا الاستمرار في نهجها دون تكلفة حقيقية، ان ترامب تاجر ورجل أعمال ويتعامل بحسابات المكسب والخسارة ولن يغير موقفه طالما شعر انه لن يخسر شيئا إذا استمرّ عليه ولن يكسب شيئاً إذا غيره، ليست السياسة والدبلوماسية ولكن التجارة وحسابات المكسب والخسارة هي من تحرك السياسة الخارجية الأمريكية، يجب على العرب ان يعلموا ان الهيمنة الغربية في نهاية إمبراطوريتها وسنرى قريبا تغيرات دراماتيكية
هذا يتفق مع سنن التاريخ كل إمبراطورية تصل إلى قمة نفوذها ثم تبدأ في التراجع، وغالبًا ما يكون هذا التراجع متسارعًا ومليئًا بالأحداث الدراماتيكية أمريكا والغرب يواجهون اليوم تحديات غير مسبوقة:
اولاً: أزمات داخلية: انقسامات سياسية حادة، أزمات اقتصادية متكررة، وتراجع الثقة في المؤسسات.
وثانياً: تآكل الهيمنة العالمية: تصاعد قوى جديدة مثل الصين وروسيا، وتزايد استقلال بعض الدول عن النفوذ الغربي.
وثالثاً: فشل الحروب والتدخلات: من العراق إلى أفغانستان، لم تعد التدخلات العسكرية تؤدي إلى نتائج حاسمة كما في الماضي.
ورابعاً: تمرد عالمي ضد الدولار: التوجه نحو تقليل الاعتماد على الدولار في التجارة الدولية يُضعف الهيمنة الاقتصادية الأمريكية.
انها الفرصة يا سادة لنسترد حريتنا في اتخاذ القرار ولمواجهة امريكا وعدم الاذعان لطلباتها، فهل نستغلها؟