و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

يدعم سياسة الإفلات من العقاب

لحماية إسرائيل ورعاية الازدواجية .. الكونجرس يلوي ذراع "الجنائية الدولية" بقانون جديد

موقع الصفحة الأولى

في خطوة جديدة من الإدارة الأمريكية لحماية حليفها في الشرق الأوسط "إسرائيل"،  صوت الكونجرس الأمريكي، على فرض عقوبات على "المحكمة الجنائية الدولية" احتجاجاً على إصدارها مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق، يوآف جالانت، بسبب الحملة الإسرائيلية في قطاع غزة.

وجاء التصويت بأغلبية 243 صوتاً مقابل 140 لصالح قانون "مكافحة المحكمة غير الشرعية" في الكونجرس، الذي يقضي بفرض عقوبات على أي أجنبي يُحقق مع مواطنين أمريكيين أو مواطنين من دول حليفة غير أعضاء في المحكمة، بما في ذلك إسرائيل، أو يعتقلهم أو يحتجزهم أو يحاكمهم.

وانضم 45 عضواً ديمقراطياً في مجلس النواب إلى 198 جمهورياً في دعم مشروع القانون، ولم يُصوّت أي جمهوري ضده.

وقال النائب برايان ماست، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب: "تقر أمريكا هذا القانون لأن هناك محكمة صورية تسعى إلى اعتقال رئيس وزراء حليفتنا العظيمة إسرائيل"، وذلك خلال كلمة ألقاها في المجلس قبل التصويت.

وكان التصويت، وهو من بين أولى عمليات التصويت في مجلس النواب منذ بدأ الكونغرس الجديد مهامه الأسبوع الماضي، تأكيداً للدعم القوي بين رفاق الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، الجمهوريين للحكومة الإسرائيلية، بعد أن سيطروا على مجلسي الكونجرس.

ووعد جون ثون، زعيم الأغلبية الجمهورية المعين حديثا في مجلس الشيوخ، بالإسراع في نظر القانون في المجلس ليتمكن ترامب من التوقيع عليه، ليصبح قانوناً بعد فترة وجيزة من توليه منصبه.

وتُمكن العقوبات الجديدة، التي صوّت عليها مجلس النواب الأمريكي، الولايات المتحدة من استهداف الأفراد الذين يساعدون المحكمة.

الإفلات من العقاب

من جانب أخر أعرب خبراء أمميون عن انزعاجهم من تمرير مشروع قانون في مجلس النواب الأمريكي يسعى إلى فرض عقوبات وخفض التمويل للمحكمة الجنائية الدولية عقب إصدارها مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت - المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة - وحثوا مجلس الشيوخ على معارضته.

في بيان صدر اليوم قال الخبراء إنه "من المذهل أن نرى دولة تعتبر نفسها بطلة لسيادة القانون تحاول إحباط تصرفات محكمة مستقلة ومحايدة أنشأها المجتمع الدولي، لإعاقة المساءلة". وحذروا من أن التهديدات ضد المحكمة "تعزز ثقافة الإفلات من العقاب وتسخر من السعي المستمر منذ عقود لوضع القانون فوق القوة والفظائع".

وأشاروا إلى أن المحكمة الجنائية الدولية هي إرث محاكمات نورمبرغ بحق كبار المسؤولين النازيين، والالتزام بعدم السماح أبدا للجرائم الشنيعة، مثل تلك التي ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية، بالمرور دون عقاب.

وفي هذا السياق، قال الخبراء: "إن فرض عقوبات على موظفي العدالة بسبب الوفاء بمسؤولياتهم المهنية يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، ويضرب صميم استقلال القضاء وسيادة القانون. إن إقرار مشروع قانون يخلق نقطة عمياء للعدالة فيما يتعلق ببلدان معينة، لا يشرع المعايير المزدوجة والإفلات من العقاب فحسب، بل يقوض بشكل لا يمكن إصلاحه روح العالمية التي يقوم عليها نظام العدالة الدولي، إن مثل هذه الإجراءات تؤدي إلى تآكل الثقة العامة في نزاهة واستقلالية العدالة وتشكل سابقة خطيرة، وتسييس الوظائف القضائية وإضعاف الالتزام العالمي بالمساءلة والإنصاف".

وحث الخبراء المشرعين الأميركيين على دعم سيادة القانون واستقلال القضاة والمحامين، ودعوا جميع الدول إلى احترام استقلال المحكمة الجنائية الدولية كمؤسسة قضائية وحماية استقلال وحياد أولئك الذين يعملون داخلها.

ازدواجية المعايير

ومن جانبه أكد الدكتور  إبراهيم العناني أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس، أن إقرار مجلس النواب الأمريكي لمشروع قانون يسمح بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية،يمثل تدخلا سافرا في استقلالية القضاء الدولي ولجهود تحقيق العدالة، معتبرا ان ما قام به الكونجرس مثالا صارخا لحماية مجرمي الحرب والابادة الجماعية من أمثال نتنياهو وجالانت .

وشدد العناني في تصريحات خاصة لـ "الصفحة الأولى"  أن الولايات المتحدة باصدار هذا القانون تتعدى على ميثاق الامم المتحدة الذي وقعت عليه ويقضي بعدم التدخل في الإجراءات القانونية للمحاكم الدولية وعدم عرقلة التحقيقات الجنائية الدولية.

وقال العناني: نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والذي صادقت عليه 123 دولة، يُجرّم في مادته الـ70 أفعال التهديد أو الترهيب أو الانتقام من المحكمة أو مسؤوليها أو الشهود بسبب أدائهم لمهامهم ما يجعل أي محاولات لابتزاز المحكمة أو منع تعاون الدول معها، بمثابة جرائم تدخل ضمن اختصاص المحكمة ذاتها.

وأوضح أن إصدار مذكرات توقيف دولية بحق قادة الاحتلال الإسرائيلي، يأتي في إطار ممارسة المحكمة لولايتها القضائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد انضمام دولة فلسطين للنظام الأساسي.

وأشار إلي أن إقدام الكونجرس على هذه الخطوة، يقوض مصداقية الولايات المتحدة ويفضح ازدواجية معاييرها، فهي من ناحية تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، ومن ناحية أخرى تحمي حلفاءها من المساءلة عن الجرائم الدولية البشعة، بما يغذي الشعور بالإحباط وانعدام الثقة بالعدالة الجنائية الدولية.

جدير بالذكر أن "الجنائية الدولية" هي محكمة دائمة، يمكنها محاكمة الأفراد في ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجريمة العدوان في الدول الأعضاء أو من قِبَل مواطنيها.

تم نسخ الرابط