ضغوط اليمين المتطرف تحاصره..
نتنياهو يعزل حكومته عن "صفقة الأسرى" ويكتفي بمربع التفاوض.. لهذه الأسباب
هواجس الفشل لا تزال تطارد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في جولاتة الأخيرة قبيل تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، فلجأ نتنياهو إلى إبعاد الوزراء اليمينيين المتطرفين في حكومته عن أجواء مفاوضات صفقة الأسرى التي باتت وشيكة الحسم في العاصمة القطرية الدوحة، خاصة أنه يتخوف إفشالها بسبب تدخل وزرائه ويسعى إلى إنجاحها لأسباب عدة .
وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية، بأن بعض الوزراء أبدوا غضبهم لعزلهم عن أجواء المفاوضات التي تجري في الدوحة وسط تعتيم كامل، حيث أشارت صحيفة "معاريف" أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش تواصل مع نتنياهو وطلب توضيحا بشأن الصفقة، وذكرت الصحيفة أن نتنياهو قال لسموتريتش كلاماً مفاده: "إسرائيل بحاجة إلى الصفقة، رغم أنها ليست مثالية".
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن أعضاء مجلس الوزراء معزولون بشكل شبه كامل عن مفاوضات الصفقة التي تجري في ظل تعتيم كامل، مشيرة أن الوزراء غاضبون بسبب عزلتهم عن الموفاوضات التي تجري وسط تعتيم كامل في إطار نتنياهو ووفده الرباعي في قطر.
وقالت مصادر مختلفة لـ"معاريف" إن الانطباع هو أن نتنياهو قال لسموتريتش أشياء مثل: «إسرائيل بحاجة إلى هذه الصفقة، رغم أنها ليست مثالية، ولكن بسبب المهام الكبيرة التي تنتظرنا يجب أن يكون دونالد ترامب إلى جانبنا، يجب أن نفعل ذلك بأي شكل من الأشكال، يجب عدم إفساد العلاقات معه، حتى قبل أن يدخل البيت الأبيض، ويجب القيام بكل شيء حتى لا يعتقد أننا ألحقنا ضررا به، أو أحبطنا الاتفاق في غزة". والتقى نتنياهو بسموتريتش، أمس الأحد، دون أن تتضح نتيجة اللقاء.
التهديد بحل الحكومة
كما أكدت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن نتنياهو سيحاول إقناع سموتريتش بدعم الصفقة، أو على أقصى تقدير يتجنب حل الحكومة، وكان سموتريتش ووزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، قد هددا بحل الحكومة إذا وافق نتنياهو على إجراء صفقة مع حركة "حماس".
وتعهد سموتريتش، نهاية الأسبوع الماضي، في بث حي مع قناة يمينية إسرائيلية بتصعيد الحرب في قطاع غزة.، مضيفا: "نجهز الجحيم لـ حماس". ورفض سموتريتش إجراء أي مفاوضات مع حماس، وقال إنه لا يستطيع فهم لماذا يمكن التفكير في مفاوضات مع حماس قبل أن تفتَح أبواب الجحيم عليها، بوصول ترمب إلى البيت الأبيض، وتساءل: "لماذا يجب أن نمنحها طوق نجاة، لخلق صفقة رهيبة ومروعة تؤدي إلى انهيارنا التام؟".
وكان نتنياهو قام بارسال وفد كامل إلى الدوحة لإتمام الصفقة، ضم رئيسي جهازي الموساد يوسي كوهين، والشاباك رونين بار، ومسؤول ملف المفقودين في الجيش الإسرائيلي اللواء المتقاعد نيتسان آلون، إضافة إلى مستشاره السياسي، أوفير فاليك.
وجاءت ردود الفعل اليمينية الغاضبة بعد ضغط كبير مارسه ستيف ويتكوف مبعوث ترامب إلى المنطقة من أجل الوصول إلى اتفاق قبل تنصيبه في الـ20 من يناير الحالي.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن ويتكوف نقل رسالة من ترامب لإسرائيل وحماس والوسطاء أنه يريد أن يرى اتفاقا يتشكل بحلول موعد تنصيبه، وكتب بن كاسبيت المعلق السياسي والأمني لصحيفة معاريف: "السؤال هو هل نتنياهو عازم فعلاً وملتزم بكسب وإرضاء ترامب أم أن سموتريتش وبن غفير يستطيعان قلب الطاولة عليه بحيث يخاف منهما أكثر من ترامب". وأضاف أن "هذه مواجهة بين الاعتبار الوطني والأخلاقي واليهودي والاستراتيجي، وبين الاعتبار السياسي الضيق والبقاء الشخصي. نتنياهو يختار عادة الخيار الثاني؛ فهو أهم بالنسبة له من الدولة بسبب فرضية أنه من دونه لا توجد دولة. دعونا نأمل أن يتغير ذلك، على الأقل هذه المرة".
أسباب عزلة حكومة نتنياهو
ومن جانبه، يرى الدكتور أيمن سمير ، خبير العلاقات الدولية والمتخصص في الشأن الإسرائيلي ، أن نتنياهو عزل وزرائه عن صفقة الاسرى واكتفى بمربعه الأمني للتفاوض لعده أسباب أبرزها ارضاء حليفه الاستراتيجي ترامب الذي يعد السند الحقيقي له خلال المرحلة المقبلة ، الامر الثاني يكمن في غطرسة نتنياهو في الحفاظ على كرسيه والوصول الى نتيجه تفوت عليه فرصة انهاء الحرب دون الظهور بالخسارة الفادحة ، الامر الثالث أنه بالرغم من الضغط اليميني بمواصلة الحرب والقضاء على حماس الا أن نتنياهو يواجه ضغطا مماثلا من المجتمع الاسرائيلي وعائلات الاسرى لإنهاء الحرب المستعرة وحماية ما تبقى من اسرى لدى حماس والوصول الى صفقة تضمن عودة هؤلاء الاسرى .
وأكد سمير لـ "الصفحة الأولى" أنه، لأول مرة هناك تفاؤل في الوصول لنتيجة ايجابية في الصفقة لأن إدارة ترامب تضغط على الجميع، وفعلت ما لم يفعله أحد حتى الآن،حتى وان كان الاسرائيليون يتعاملون مع هذا التفاؤل بشكل حذر .
وأشار سمير إلى أن نتنياهو يواجه ارهاصات سياسية قوية خلال هذه المرحلة لأن الأيام المقبلة ستكون حاسمة ويفترض أن تمر الصفقة بمراحل سريعة للمصادقة عليها في إسرائيل، ويجب أن تحصل على موافقة الحكومة والمجلس المصغر "الكابنيت"وتتجاوز أي عملية التماس أمام المحكمة العليا.