و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

مذكرة لرئاسة الجمهورية والمحكمة الدستورية

النيابة الإدارية ترد على مجلس الدولة بمذكرة حول اختصاصها بتوقيع الجزاءات للموظفين

موقع الصفحة الأولى

 أزمة متجددة بين مجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية حول مدى سلطة النيابة الإدارية في توقيع الجزاءات التأديبية على العاملين بالجهات الإدارية… الأزمة فجرتها نص المادة 197 من الدستور المصري التي اسندت للنيابة الادارية سلطة توقيع الجزاءات عدا الأحوال التي تنفرد بها المحاكم التأديبية  ونص المادة 60 من قانون الخدمة المدنية .
وكشفت مصادر قضائية عن تشكيل لجنة من فقهاء النيابة تقوم بإعداد مذكرة تفصيلية خلال عشرة أيام لمخاطبة المحكمة الدستورية العليا لتفسير نص المادة 60 من قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 وذلك وقوفاًعلى ما اذا كان جائزا الإمتناع عن تطبيق المادة 60 من القانون أم لا.
وتستهدف المذكرة الكشف عن دور وإختصاص النيابة مسندة بالنصوص الدستورية والقانونية والأحكام القضائية مع إلقاء الضوء على مردود ذلك على المصلحة العامة

ومن جانب آخر جمع كل تناقضات فتاوى وأحكام مجلس الدولة وتفنيدها من حيث دستوريتها وقانونيتها وإبراز مردودها السلبي على المصلحة العامة، ومن المنتظر عرض مذكرة النيابة الإدارية على رئاسة الجمهورية ووزارة العدل.

تعميم مجلس الدولة

وكان مكتب رئيس مجلس الدولة قد نشر تعميما على إدارات الفتوى ومفوضي الوزارات والمحافظات والمحاكم ذات الصلة المرفوع أمامها دعاوى أو طعون، في شأن مدى سلطة هيئة النيابة الإدارية في توقيع الجزاءات التأديبية على العاملين بالجهات الإدارية.
وقال مجلس الدولة في التعميم: سبق وأن ثار خلف في الرأي في شأن مدى سلطة هيئة النيابة الإدارية في توقيع الجزاءات التأديبية على العاملين بالجهات الإدارية في مجال تطبيق نص المادة (197) من الدستور الصادر عام 2014، والمادة (60) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016، وقد تناول إفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بـ مجلس الدولة ، وقضاء المحكمة الإدارية العليا هذا الموضع في العديد من الفتاوى والأحكام. وحرصاعلى الاستقرار على رأى جامع، حسماً لذلك الخلف في الرأي، فقد تم تناول الموضوع بالدراسة في ضوء نصي المادتين انفتي الذكر، وما صدر في شأن استظهار حكمها من فتاوى وأحكام قضائية، وبعد الرجوع للأعمال التحضيرية لكلا النصين، حيث كشفت هذه الدراسة عن الآتي:

سلطة توقيع جزاءات تأديبية

أولا: أن هيئة النيابة الإدارية في المجال الزمنى للعمل بالدساتير المصرية الصادرة قبل عام 2014 لم يكن لها سلطة توقيع جزاءات تأديبية على أي من العاملين بالجهات الإدارية أو غيرها - بخلاف العاملين بهيئة النيابة الإدارية ذاتها - أو مباشرة سلطات السلطة المختصة في هذه الجهات في توقيع الجزاءات التأديبية حيث وردت نصوص هذه الدساتير، وكذلك القوانين المنظمة لاختصاصات هيئة النيابة الإدارية، وغيرها من القوانين خلوا من تقرير ذلك. 
ثانيا: أن أول نص عقد لهيئة النيابة الإدارية مباشرة السلطات المقررة لجهة الإدارة في توقيع الجزاءات التأديبية، هو نص الفقرة الأولى من المادة (۱۹۷) من الدستور الصادر عام ۲۰۱4 التي قضت بأن تتولى هيئة النيابة الإدارية التحقيق في المخالفات الإدارية والمالية، كما تتولى التحقيق في المخالفات التي تحال إليها ويكون لها بالنسبة إلى هذه المخالفات " المخالفات التي تحال إليها " السلطات المقررة لجهة الإدارة في توقيع الجزاءات التأديبية ويكون الطعن في قراراتها أمام المحكمة التأديبية المختصة بمجلس الدولة ، وذلك كله وفقاً لما ينظمه القانون.
ثالثا: أنه تنفيذاً من المشرع لحكم الفقرة الأولى من المادة (197) من الدستور، إعمالا للتكليف الدستورى، صدر قانون الخدمة المدنية (السابق) بموجب القانون رقم 18 لسنة 2015، ومن بعده قانون الخدمة المدنية (الحالي) بموجب القانون رقم 1 لسنة 2016 ، حيث تضمنا في المادتين (۵۷)، و(60) منهما - على الترتيب - نصين متماثلين في شأن تنظيم سلطة النيابة الإدارية في التحقيق في المخالفات الإدارية والمالية، وقد عقد هذان النصان في الفقرة الأولى منهما لهيئة النيابة الإدارية، دون غيرها، الاختصاص الحصري بالتحقيق مع شاغلي الوظائف القيادية بالجهات الإدارية الخاضعة لأحكام القانونين المذكورين، أياً كانت طبيعة المخالفة محل التحقيق، وكذا الاختصاص بالتحقيق مع موظفي هذه الجهات في المخالفات المالية التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو المساس به.

اختصاص هيئة النيابة الإدارية

وأضافت الفقرة الثانية من المادتين (57) ، و (60) المشار إليهما إلى الاختصاص الحصري المعقود لهيئة النيابة الإدارية، دون غيرها، بموجب الفقرة الأولى منهما ، اختصاصاً آخر، وهو التحقيق في المخالفات الأخرى - غير المخاطبة بحكم الفقرة الأولى - التي تحال إليها ، ويكون لهيئة النيابة الإدارية في هذه المخالفات السلطات المقررة للسلطة المختصة بمفهومها الوارد بالمادة (۲) من قانونى الخدمة المدنية المذكورين - وهي الوزير أو المحافظ أو رئيس مجلس إدارة الهيئة بحسب الأحوال - في توقيع الجزاءات أو الحفظ. 
وترتيبا على ما تقدم، فقد خلصت تلك الدراسة إلى الأتي: 
1- أن تاريخ بدء انعقاد الاختصاص لهيئة النيابة الإدارية بمباشرة السلطات المقررة للسلطة المختصة في الجهات الإدارية في توقيع الجزاءات التأديبية أو الحفظ، في الحدود المقررة قانوناً هو تاريخ بدء العمل بالدستور الصادر عام 2014. 
2- أن سلطة هيئة النيابة الإدارية في مباشرة السلطات المقررة للسلطة المختصة في توقيع الجزاءات التأديبية أو الحفظ يقتصر طبقاً لحكم المادة (۱۹۷) من الدستور، والمادتين (57) ، و (60) من قانوني الخدمة المدنية السالف ذكرهما على المخالفات الاخرى " بالمعنى السابق بيانه التي تحال إليها اختياراً من السلطة المختصة بالجهة الإدارية للتحقيق فيها، ومن ثم يخرج عن ذلك المخالفات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادتين (57) ، و (60) سالفتي الذكر، والتي تختص النيابة الإدارية، دون غيرها بالتحقيق فيها، كما يخرج عن ذلك ما يجرى إحالته إلى هيئة النيابة الادارية من " المخالفات الأخرى " للتحقيق فيها من غير السلطة المختصة بالجهة الادارية.

قرارات توقيع جزاءات تأديبية

وبناء عليه، فإن ما عساه أن تصدره هيئة النيابة الإدارية من قرارات بتوقيع جزاءات تأديبية أو الحفظ بناء على التحقيقات التي تباشرها مع شاغلي وظائف الإدارة العليا، أو التحقيقات التي تباشرها في المخالفات المالية التي يترتب عليها ضياع حق من حقوق المالية للدولة او المساس به هي قرارات صادرة من غير مختص أيا كان مصدرها بالهيئة، وكذلك الحال بالنسبة إلى ما تصدره من قرارات تأديبية في " المخالفات الاخرى " التى يتم إحالتها إليها من غير السلطة المختصة للجهة الادارية للتحقيق فيها.
3- أن مباشرة هيئة النيابة الإدارية السلطات المقررة للسلطة المختصة في توقيع الجزاءات التأديبية أو الحفظ، إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادتين (57) ، و (60) من قانونى الخدمة المدنية السالف ذكرهما - بالنسبة إلى المخالفات التي تحال إليها اختياراً يجب أن يتم من خلال السيد المستشار رئيس هيئة النيابة الإدارية، وحده دون غيره، بحسبانه المنوط به قانوناً تمثيل الهيئة، في ظل غياب النص الذي يجيز له التفويض فى هذا الاختصاص التأديبي، أو يجيز مشاركة غيره له في ممارسته، وحال مخالفة ذلك تكون القرارات الصادرة بالجزاء التأديبي أو الحفظ صادرة من غير مختص .

4- أن المخالفات محل التحقيقات التي تباشرها هيئة النيابة الإدارية بناء على الشكاوى التي تقدم لها من الأفراد والهيئات - ويثبت الفحص جديتها - أو بناء على الشكاوى التي تحال إليها من أي جهة بخلاف الجهة الإدارية المختصة، وذلك إعمالاً لحكم المادة (۳) من القانون رقم ۱۱۷ لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصرى، لا تعد من " المخالفات الأخرى التي تحال إليها " في تطبيق حكم الفقرة الثانية من المادتين (57)، و(60) من قانونى الخدمة المدنية السالف ذكرهما، ومن ثم لا يكون لهيئة النيابة الإدارية مباشرة سلطات السلطة المختصة بالجهة الإدارية في توقيع الجزاءات التأديبية أو الحفظ فيها، وبالتالي فإن ما يتم إصداره من قرارات بالمخالفة لذلك، يكون صادرًا من غير مختص. 
5- أن ما عساه أن تصدره هيئة النيابة الإدارية لدى مباشرة السلطات المقررة للسلطة المختصة من قرارات بتوقيع الجزاءات التأديبية في الحدود السابق بيانها، هي محض قرارات إدارية، يسرى عليها ما يسرى على القرارات التأديبية الصادرة من السلطة المختصة بالجهة الإدارية، سواء فيما يتعلق بأحكام التظلم الوجوبي منها طبقاً لحكم المادة (۱۲/ب) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة ۱۹۷۲، والقرارات الصادرة تنفيذا لها ، أو باللجوء في شأنها إلى لجنة التوفيق المختصة طبقاً لأحكام القانون رقم ۷ لسنة ۲۰۰۰ بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها ، وذلك توطئة للطعن عليها أمام المحكمة التأديبية المختصة بمجلس الدولة.

لذلك يراعى ما تقدم، عند نظر التظلمات من الجزاءات التأديبية المقدمة لمفوضى الدولة لدى الوزارات أو المحافظات، وكذلك عند نظر الدعاوى أو الطعون المرفوعة في هذا الشأن.

تم نسخ الرابط