كتبت الإسرائيلية ليئورا مينكا في صحيفة معاريف العبرية تقول إن المجتمع الإسرائيلي يتأرجح بين أجواء من الكآبة والشعور باليأس وبين نشوة جزئية بسبب الإنجازات العسكرية المُلهمة بمقتل يحيى السنوار ، وشعور بالحزن لسقوط وجرح الجنود.
مينكا تقول إن استهلاك مضادات القلق ومسكِّنات الألم منذ اندلاع الحرب زاد ثلاثة أضعاف وذلك وفقا للأبحاث التي أجرتها صناديق التأمين الصحي.. وأن 40 في المئة من سكان المناطق المحيطة بقطاع غزة لديهم توتر نفسي وقلق وصعوبات في النوم وأن طلبات المساعدة النفسية والاجتماعية زادة بنسبة 25 في المئة.
الازمات الاقليمية والتحديات المحلية
تخيل المغتصبين المستعمرين الذين قتلت آلياتهم العسكرية في قطاع غزة 42,718 شهيد وأصابت 100,282 إنسان فلسطيني خلال 382 يوما، وقتلت وأصابت نحو 7 ألاف لبناني منذ بدء العدوان يوم 23 سبتمبر وحتى 22 أكتوبر 2024، وتدمير الحياة، لديهم قلق وتوتر عصبي وحالة نفسية مزرية! ونحن في مصر رغم ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز والمشتقات البترولية مما أدى لارتفاع أسعار الطعمية والفول والبطاطس والبيض وغيرها من المنتجات الغذائية والمواصلات، ننام ونسمع أغاني لا نفهم ماذا تقول، ونسمع خطب المشايخ في المساجد كل يوم جمعة والتي تخبرنا بأننا من أهل الجنة لاحتمالنا ما نحن فيه بالصبر، ونستمع ونشاهد خطب السياسيين المصحوبة بالرقص والمغنى. ومنشغلين بمباراة الأهلي والزمالك في السوبر المصري المقامة في دولة الإمارات الشقيقة لنا ولكم.
مينكا تتألم للحالة النفسية للمجتمع الإسرائيلي المحتل.. ونحن العرب نتألم لهزيمة برشلونة أو ريال مدريد أو ليفربول.. وبيننا من أبناء العرب من يتألم للصهاينة ويصف المقاومة بالإرهاب وأقام الأفراح والليالي الملاح لمقتل قادة المقاومة.
كنت أشاهد نشرات الأخبار والمتابعات الإخبارية لحرب الإبادة الصهيو أمريكية الأوروبية على الشعبين اللبناني والفلسطيني، لفت انتباهي المظاهرات الطلابية والشعبية في مدن وعواصم أوروبية وأمريكية، والتي تجددت مع بدء العام الدراسي الجديد، وكيف يستقبل الناخبون الأمريكيون المؤيدون للشعبين اللبناني والفلسطيني المرشحين الرئاسيين هاريس وترامب.
هنا سألت نفسي، أين الشعوب العربية؟
نعم هناك مظاهرات ليلية في الأردن والمغرب، وأخرى حاشدة كل يوم جمعة باليمن، وجماهير الكرة في تونس تصدح بهتافات معادية لإسرائيل وأمريكا أثناء المباريات مع مظاهرات محدودة في تونس أيضاً.. لكن اللافت أن المظاهرات الأوروبية واللاتينية بها حشود فعلا بالآلاف.. فماذا عن الشعوب العربية ؟
الشعب العربي فرض عليه الصمت الزؤام.. والجهلاء منهم وهم كثر يسيرون خلف حكامهم كالقطيع، وهناك الراقصون على إيقاع أنظمتهم، لأنه فيما يطلق عليه الوطن العربي الناس على دين ومذهب ملوكهم..
التاريخ والمعتقدات واثرها على الواقع
ثم سألت نفسي سؤالا ماذا تنتظر من شعوب لازالت غالبيتها تقبل أرصفة وعتبات وأبواب أولياء الله الصالحين.. وأخرى تجلد نفسها بالجنازير حتى تسيل الدماء من أجسادهم تكفيراً عن خيانة أجداد أجداد أجدادهم للحسين عليه السلام في كربلاء، تلك الموقعة الحربية بين الحسين بن الأمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأبن سيدة النساء فاطمة الزهراء أبنة الرسول عليه الصلاة والسلام.. لقد قتل الحسين واستشهد في معركة غير متكافئة صراعا على السلطة، وكان جيش الحسين يتألف من 32 فارسا و40 رجلا من المشاة أمام الجيش الأموي سنة 61 للهجرة الموافق 12 أكتوبر سنة 680 ميلادية؟!
نحن شعوب تعيش على معتقدات خرافية رغم تقدمنا التعليمي، فمثلا لو تأخرت البنت في الجواز أو الإنجاب يبقى معمول لها عمل هيا بنا للشيخ عوض ولو فشلت محاولاته نذهب للقسيس وديع. وهكذا.
وهناك شعوب أفسدها كثرة المال فأصبحت مشغولة بميسي وكريستيانو رونالدو، ومحمد صلاح، وبرشلونة وريال مدريد وليفربول وباريس سان جيرمان وغيرها، وأحدث الهواتف المحمولة والملابس وأدوات التجميل.. وحفلات الملاح بكلمات معظمها غير مفهوم، ومسلسلات لا تعبر في غالبها عن واقعنا وأفلام قائمة على ما يسمى بالإفيهات الخارجة، إننا نسمع في الدراما والسينما شتائم وهذه نماذج لم نشاهدها من قبل.. لقد بتنا في عالم من الإسفاف والسفه والجهالة.
كل ذلك السفه والتفاهة تتحمل وزرها الأنظمة المتعاقبة لأنها تركتهم على جهالتهم يعيشون، دون توعية وأعطتهم جرعات مكثفة من أفيون وحشيش الدين غير الصحيح حتى لا ينظرون إليها ولا يفكرون فيما هو قادم وآت وإصلاح الأحوال.. وشجعت على الفتنة فيما بين المذاهب والفصائل الدينية لإبعادهم عن شؤون الدولة.. ووفرت جرعات مخدر التفاهة والجهل، حتى لا ينتبه ذلك الشعب وليبقى في حالة سكر وسطلان ديني مصحوب بالخرافات.
جئنا ليوم نحن في حاجة لتلك الشعوب فلم نجدها.. فعندما يصف مواطن عربي أو قناة تليفزيونية عربية الشهيد قائد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة يحيى السنوار بالإرهابي وتتراقص القناة والمواطن على دماء قادة المقاومة مع الصهيوني فماذا تنتظر؟
المقاومة فى مواجهة الصمت العربى
الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كان يسأل في بداية حرب الإبادة أين الحكام العرب والمسلمين، وعندما لم يصله الجواب بدأ يسأل عن الشعب العربي فلم يأتيه الرد فبدأ يدعو الله بالانتقام من الحكام والشعوب العربية.. ولفت انتباهي خلال العدوان الصهيوني على لبنان أن الإخوة في لبنان لا يسألون عن الحكام ولا عن الشعب العربي ، ويناشدون ساستهم المتفرقين والمشتتين بالوحدة لمواجهة ذلك العدوان آه لو تعلمون أن المقاومة العربية في لبنان وفلسطين والعراق واليمن والدعم الإيراني ليس لصالح إيران بقدر ما هو لصالح منطقة الشرق الأوسط التي يسكنها غالبية عربية باستثناء قبرص وإيران وتركيا التي قال رئيسها رجب طيب أردوغان منذ أيام في مؤتمر شعبي " نحن نقوي الجبهة الداخلية لأن هناك خطر يحيط بالمنطقة ومحاولة لإعادة رسم الخريطة بالدماء" لكن ماذا تنتظر من شعوب ترى في أبناء صهيون صلة قربى ومودة ورحمة، وكتب عليها الصمت الزؤام والرضا بأن تعيش في وئام مع شعب صهيون اللئام بعد اكتشافهم صلة قربى؟!