رصيد كبير من الروايات والمقالات
محمد القصبي.. رحلة أديب في بلاط صاحبة الجلالة
فقدت الصحافة المصرية والعربية واحدا من روادها الكبار، وهو الكاتب الصحفي والأديب الكبير محمد القصبي، مدير تحرير جريدة الأخبار المسائي، الذي توفى عن عمر ناهز الـ 73 عاما، بعد صراع طويل مع المرض.
وكانت بداية مسيرة محمد القصبي مع عالم الصحافة، بعد عقب تخرجه في الدفعة الأولى من كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 1975، حيث عمل في جريدة الطلبة التابعة لمؤسسة دار التعاون عام 1977، ثم عمل في مجلة الأسرة في سلطنة عمان، وظل هناك حوالي 20 عاما، ليترك ورائه بصمة واضحة في عالم الصحافة العُمانية، بعدما أشرف على العديد من الاصدارات الصحفية.
موهبة مبكرة
وظهرت موهبة الكاتب الراحل محمد القصبي الأدبية والصحفية مبكرا، حيث فاز في شبابه بجائزة أفضل 10 شباب أدباء على مستوى مصر، في مسابقة نظمتها جريدة الأهرام عام 1988.
والراحل محمد القصبي لم يكن صحفيا فحسب، بل كان أديبا موهوبا صدرت له أكثر من 16 رواية، أبرزها: "السيدة"، و"عرافة السيدة الأولى"، و"ما لم تقوله النساء"، إضافة إلى كتابه "مثقفون وجواسيس"، والذي مثل رحلة في أدغال عالم أجهزة المخابرات العالمية وخططها لتجنيد عشرات من المثقفين الكبار على مستوى العالم، كما يمتلك رصيدا كبيرا من المقالات في أكبر الصحف والمواقع الإلكترونية، وفي مقدمتها موقع الأخبار المسائي، الذي شغل موقع مدير تحريره، والذي كان ينشر فيه مقالا أسبوعيا ثابتا.
وتولى محمد القصبي موقع سكرتير نادي القصة في اتحاد الكتاب لدورات عدةـ، كما ترأس تحرير مجلة نادي القصة، والذي يعتبر آخر موقع شغله الراحل.
القصبي يتوقع اختفاء الصحافة الورقية
وكان القصبي قد توقع اختفاء الصحافة الورقية خلال عقد أو عقدين على الأكثر، بعدما أوقفت العديد من المؤسسات الصحفية العالمية نسختها الورقية خلال السنوات الماضية، لتكتفي بمواقعها الاليكترونية، مثل صحيفة كريستيانساينس مونيتور الأمريكية عام 2008، ثم تبعتها صحف ومجلات كبيرة وشهيرة مثل فرانس سوار ونيوزويك وإندبندت الأسبوعية والتى أصدرت آخر طبعاتها بالعربية في مارس 2016.
وقال القصبى إن سبب ذلك يعود إلى التكاليف الباهظة التي تتحملها المؤسسات لطباعة الصحف، كما أن الإصدار الورقي أصبح عاجزا عن متابعة الأحداث لحظيا مثل الصحافة الإليكترونية، والتي تمتلك ميزة كبيرة، وهي سرعة التغطية والنشر، والتي تعتبر من أهم أهداف الصحافة.
كما وجه الكاتب الراحل محمد القصبي انتقادات لإنشاء كليات للصحافة في الوطن العربي، ودعا إلى دعم صناعة الصحافة بشباب من خريجي الكليات المختلفة، بعد تأهيلهم صحفيا بواسطة دبلوم أو دورة متخصصة في الصحافة لمدة سنة، خاصة وأن الصحافة في الوقت الحالي تفتقد المتخصصين في المجالات المختلفة، لأن كليات الإعلام لا تدرس تخصصات الهندسة أو الصيدلة أو الطب أو الاقتصاد.
تحول الصحفيين إلى مندوبي بريد
وانتقد أيضا تخصيص أقسام للتصحيح اللغوي ومراجعة المادة صحفيا "الديسك"، وحذر من أن وجود تلك الأقسام حوّل الكثير من الصحفيين إلى مجرد مندوبي بريد، يأتون بالخبر ويلقون به في الجريدة، معتمدا على غيره في إعادة صياغته، وهو ما نتج عنه تكاسل العديد من الصحفيين عن تحسين قدراتهم المهنية واللغوية.
وكان القصبي يؤكد على ضرورة تحلي الصحفي بمرجعية معرفية عميقة، مع الأخلاقيات العالية التي تساعده على تأدية عمله، محذرا من أن انهيار الأخلاقيات عند الصحفي، حولته من مندوب لصحيفته في جهة ما إلى مندوب لتلك الجهة في الصحيفة.