و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

الوسيلة الوحيدة لـ 3 مليون مواطن في 144 جزيرة

«معديات الموت».. عبور الي قاع النيل ومازالت الرحلة مستمرة

موقع الصفحة الأولى

لم يكن حادث نكلا، التابعة لمنشأة القناطر، الذي انتهى بغرق معدية وانتشال 10 جثث من قاع النيل هو الاول من نوعه، ولن يكون الأخير طالما استمر الإهمال والتسيب.
13 عاملا في شركة مقاولات وآخرين، كانوا في طريقهم إلى مكان عملهم، استقلوا كعادتهم مركب صغيرة يتم تحريكها عبر حبل يمتد بين الشاطئين، لتقلهم من شرق النيل إلى غربه، لكن الرحلة لم تكتمل، فبعد ثواني من تحرك المعدية، اختل توازنها، ولم ينجح المراكبي في التحكم فيها، أو ضبط مسارها، لتستقر خلال دقائق في قاع النيل.
تمكن رجال الإنقاذ النهري بمحافظة الجيزة، من إنقاذ 4 أشخاص، وانتشال 10 جثث، مع استمرار البحث عن مفقودين، فيما قررت النيابة العامة، حبس صاحب المعدية، 4 أيام على ذمة التحقيقات بعدة اتهامات تضمنت القتل الخطأ، بسبب الحمولة الزائدة وتشغيل مركب دون ترخيص.


ومازالت الرحلة مستمرة


ولأنها الوسيلة الوحيدة للعبور بين شطي النيل في معظم المناطق الريفية في مصر، مازلت المعديات مستمرة في نقل الناس رغم عشرات الحوادث التى تفجع المصريين كل حين.
ومع كل حادث تتعالي الأصوات بضرورة التشديد علي منح التراخيص والتفتيش علي المعديات التى يعمل معظمها في نقل المواطنين رغم تهالكها.
والمعديات كوسيلة وحيدة للانتقال في معظم الجزر النيلية في مصر، والتي يقدر  عددها بـ 144 جزيرة يسكنها 3 ملايين نسمة، منها 95 جزيرة على طول المجرى الرئيسى من أسوان حتى قناطر الدلتا، و30 جزيرة على فرع رشيد و 19 جزيرة على فرع دمياط ، بحسب الموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات. 
ولا يجد هذه الملايين من سكان تلك الجزر سوي معديات متهالكة، أو مراكب صيد صغيرة، للتنقل والحركة رغم خطرتها وتكرار حوادثها المأساوية خلال السنوات الأخيرة.

مئات الضحايا في حوادث متكررة


ومع كل حادث تتفرق المسئولية بين الجهات، حيث تنحصر مسئولية وزارة الري في إنشاء المراسي النيلية، أما تصاريح تسيير الوحدات النهرية فهي مسؤولية مشتركة للجنة للتراخيص تضم ممثلي 9 وزارات وهيئات مختلفة من بينها شرطة المسطحات المائية.
وعلي الرغم من ذلك فإن التحقيقات تثبت في كل حادثة، أن المعديات النهرية تحمل  بأكثر من طاقتها، وأن معظمها غير مرخصة من هيئة النقل النهري، أو أى جهة اخري.                 
ففي يناير من العام الماضي، استيقظ المصريون على حادث مأساوي بسقوط سيارة من أعلى معدية تنقل الركاب والبضائع والسيارات بين ضفتي نهر النيل في محافظة المنوفية، كانت السيارة تحمل على متنها 23 شخصًا من عزبة التفتيش بمركز أشمون، أغلبهم أطفال لم تكن أعمارهم قد تجاوزت 15 عامًا، كانوا من عمال اليومية العائدين من عملهم مزرعة للدواجن، وراح ضحية الحادث شابين و8 أطفال.
وفي يوليو من عام 2015، كانت فاجعة أخري  بغرق معدية الوراق التي راح ضحيتها 36 مواطنًا بينهم 20 طفلًا.
وفي عام 2011 لقي 10 أشخاص مصرعهم في غرق معدية بأسوان، ثم 30 شخصًا آخرين في حادث غرق إحدى المعديات النيلية، ببني سويف. 
وفي عام 2012 لقي 6 أشخاص مصرعهم جراء غرق معدية نيلية، كان على متنها 19 شخصاً في محافظة المنيا. 
وفي عام 2013، انقلبت معدية تحمل 12 تلميذا في محافظة قنا كانوا في طريقهم إلى المدرسة. 
وغرق شخص فى حادث سقوط جرار زراعى من على معدية بالمنيا في نفس العام، وفقد 3 أشخاص حياتهم إثر غرق معدية المنيب بالجيزة في نفس العام أيضًا، بينما في 2014 سقط 50 راكبًا بمعدية في بني سويف، وفي 2014 غرق قائد معدية في سوهاج، بينما في نفس العام في المنيا غرق 23 شخصًا أثناء عبورهم لحضور جنازة.
وفي عام 2015 غرقت معدية نيلية بمحافظة قنا، وفي نفس العام غرق 12 شخصًا أثناء عبورهم للاحتفال بزفاف في جزيرة الوراق بالقاهرة.
وفي عام 2016 توفي 15 شخصًا إثر غرق معدية في محافظة كفر الشيخ.
وفي عام 2020 غرق 10 أشخاص في معدية بحافظة البحيرة، فضلا عن غرق  شخصين في محافظة المنيا أثناء عبورهما في معدية أخري.

وحسب تقرير رسمي، فإن هناك 15 حادثة غرق معديات وقعت خلال 15 عامًا بدءًا من عام 2007 وحتى عام 2020، بمعدل حادثة سنويًا، أدت إلى وفاة 180 شخصًا على الأقل.

جهود الدولة المصرية

وأمام هذه الإحصائيات المفزعة وعدد الحوادث الكارثية، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، الحكومة خلال عام 2020، بإنشاء كباري علوية بديلا عن المعديات النيلية، أمام القرى التي يزيد عدد سكانها على 10 آلاف نسمة، بهدف إلغاء المعديات التى يستخدمها الأهالي، وخدمة المشروعات التنموية والمجتمعات العمرانية الجديدة. 
وقد طرحت الحكومة فكرة محاور النيل كمشروعات قومية لا تتجاوز المسافة بينها 25 كيلو متر، وهو ما بدات الحكومة في تنفيذه، حيث بلغ إجمالي عدد المحاور على  نهر النيل بنهاية العام الماضي، 51 محور منها 13 محور تم تنفيذها خلال الفترة (2014-2023)، كما يجرى تنفيذ 21 محور جديد، منها 13 محورا في الصعيد بتكلفة إجمالية 19 مليار جنيه تم الانتهاء من تنفيذ 3 محاور منها عند مدن "بني مزار – طما – وجرجا"، وجارى العمل في تنفيذ 9 محاور أخرى هي محاور "عدلي منصور – سمالوط – قوص – كلابشة – ديروط – دراو – بديل خزان أسوان – الفشن – أبو تيج".
وبحسب خطة الحكومة سيتم تنفيذ 5 محاور أخري، وذلك بين "دهشور/ الواسطى، الفشن/ بنى مزار، المنيا/ ملوى، الأقصر/ إسنا، إدفو/ كلابشة". 
أما فيما يتعلق بمحاور الدلتا، فقد نفذت 5 محاور، هي "طلخا، وبنها، والخطاطبة، وتحيا مصر، وحلوان"، ويجرى تنفيذ 4 أخرى، هي "تلا، وأبو غالب، وسمنود، وشبراخيت"، ليصل إجمالى محاور النيل إلى 72 محورا حتى عام 2030.

تم نسخ الرابط