و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

تراجع سعر الدولار في السوق السوداء بأكثر من 20 % من قيمته، فيما ظلت الأسعار ثابتة كما هي علي انفلاتها، بما يؤكد ان هناك خللا واضحا في البنية التشريعية والاقتصادية تحول دون السيطرة على الأسواق.
فالتجار الذين رفعوا أسعار كافة السلع عدة مرات خلال شهر واحد، كان من بينها زيادة سعر بعض السلع مرتين يوميا، تحججا بارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، يزعمون اليوم أن العودة بالأسعار لمواكبة سعر الدولار اليوم يحتاج مساحة من الزمن لدورة راس المال. 
هذا الزعم، صاغته شعبة الأجهزة الكهربائية بالاتحاد العام للغرف التجارية، بأن حركة الأسعار في الأجهزة الكهربائية تحتاج إلى مدة تتراوح من 15 يوما إلى شهر، حتى تتأثر بتراجع سعر الدولار في السوق الموازية.

ورغم أن شعبة الأجهزة الكهربائية توقعت أن يشهد السوق المحلية تراجعات عديدة في الأسعار، نظرا لضخ سيولة دولارية كبيرة تعمل على تقليل الفجوة بين السعر الرسمي للدولار والسوق الموازية، إلا أنها أكدت علي وجود حالة من الركود في عملية البيع والشراء للأجهزة الكهربائية خلال الفترة الحالية، ستؤدي إلي ثبات الاسعار.
إنها نفس المزاعم التى حملت المواطن البسيط، تكاليف كافة المخاطر، حتي المحتملة منها، علي مدي سنوات لم تتوقف خلالها حالة التسيب واللصوصية الممنهجة للتجار الذين وضعوا أسعارا جزافية لمعظم السلع والمنتجات تحسبا لزيادة سعر الدولار.
فإذا كان الدولار قد وصل بالفعل في السوق السوداء لما يفوق الـ 60 جنيها في بعض الأوقات، فإن معظم التجار كانوا يحسبون بضاعتهم داخل المخازن علي 100 جنيه للدولار الواحد، وعرضها في الأسواق بناءا علي هذه الحسبة، في تحد سافر للدولة، وغياب واضح للرقابة التى تفتقر لقانون هامش الربح.

قانون هامش الربح


أمام هذه الحالة، أصبحت السوق المصرية في أمس الحاجة لقانون هامش الربح، لتحقيق الصحة المالية ونجاح الأعمال التجارية والصناعية من جانب، وحماية المواطنين من الاستغلال وسرقة جيوبهم من جانب آخر، لاسيما وأن أعتي الأنظمة الرأسمالية في العالم لديها تشريعات تحدد هامش الربح، كمقياس مالي يقيس ربحية المنتج أو السلعة، ويحدد سعرها للمستهلكين بالأسواق. 
فهامش الربح يمثل النسبة المئوية للإيرادات بعد خصم جميع النفقات، بما في ذلك تكاليف الإنتاج والنفقات والضرائب، دون ظلم لطرف علي حساب الطرف الاخر.
لقد سادت حالة من التفاؤل بداية عام 2017، عندما أعلن البرلمان عن إعداد مشروع قانون لمواجهة جنون الأسعار وقتها، وإعادة ضبط الأسواق، وبدأت اللجان النوعية داخل البرلمان في إعداد مشروع قانون "تحديد نسب الربح"، إلا أن الغرف التجارية اعتبرته بمثابة عودة لـ"التسعيرة الجبرية"، متحججة فى ذلك بأنه لا يمكن تنفيذه في ظل أوضاع السوق الحالية ومتغيرات سعر الدولار.
ومات مشروع القانون إلكينيكيا قبل أن يري النور، في ظل صمت مريب من البرلمان الذي "كفي علي الخبر ماجور"، واكتفي بهجوم موسمي علي الحكومة كلما ضج الناس بالشكوي من نار الأسعار.
أعلنت الغرف التجارية – أصحاب المصلحة – الحرب علي مشروع القانون الذي حدد نسبة ربح 20% للسلع المستوردة، ونسبة 30% للمنتجات المحلية، بينما حدد هامش ربح 50 % للممنتجات الغذائية والمأكولات المعرضة للتلف، كما رفضت الغرف التجارية بالتوازي وضع أسعار استرشادية للسلع بوصفها فكرة لا يقبلها السوق بوضعه الحالى تحت مزاعم أن قوى العرض والطلب هى الحاكم الرئيسى للسوق، وأن عمل لجان لتسعير السلع الرئيسية فكرة غير مقبولة، هكذا كانت لهم اليد الطولي في التحكم بحركة السوق كاملة.
وفي محاولة لإرهاب مجلس البرلمان، قالوا أن هناك 4 ملايين تاجر ومصنع، سيتضررون من التسعيرة الجبرية أو الأسعار الاسترشادية التى لا يقبلها سوق محكوم بالعرض والطلب، ووعدوا بأن أسعار السلع ستحتاج وقتا لتنخفض تدريجيا خلال فترة من شهرين إلى ثلاثة بعد هبوط سعر الدولار، وهو مالم يحدث مطلقا.

تم نسخ الرابط