و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

في حادث طائرة الرئيس الإيراني لا أعرف لماذا بدر لذهني نداء "رئيس تائه يا أولاد الحلال".. ربما لأن الحادث كشف زيف النظام الإيراني المحاط بهالة مفزعة لمن حوله وهو في حقيقة الأمر كخيط العنكبوت. 
دولة توصف بأنها نووية يستخدم رئيسها مروحية من زمن فات في حين أنه لدى حلفائها روسيا والصين أحدث الطرازات ويمكنها الحصول على ما تشاء منهما دون قيد أو شرط ضاربين عرض الحائط بالقيود الأمريكية، فيما دول مستدينة استدانت لشراء طائرة من أحدث طراز لرئيسها، وهذا لا يعني أن إيران من ورثة الأنبياء وأنها تسير على نهج الفاروق عمر وحفيده عمر بن عبد العزيز.
الدولة النووية الداعمة لفصائل المقاومة الفلسطينية وتحديدا حركتي حماس والجهاد الإسلامي والمقاومة العربية حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن وما خفي، تستغرق نصف يوم للبحث عن رئيسها حتى تتدخل تركيا في اللحظات الأخيرة وتعثر على موقع الطائرة وكان من المفترض أنها تمتلك تكنولوجيا تمكنها من معرفة "دبة النملة" لا أن تتخبط في البحث عن طائرة رئيسها.
أنقرة تتفاخر بأنها عثرت على الرئيس الإيراني ورفاقه في وقت قصير ومن دواعي التفاخر رسمت الطائرة المسيرة على إحدى البحيرات  بأطراف الحدود الإيرانية العلم التركي. في وقت خرج فيه عدد من الطائرات ومئات السيارات والجنود الإيرانيين بحثا عن رئيسهم المفقود لساعات.. وهنا تذكرت عندما كان يتغيب طفل في بلدتنا كنا نستعين بميكرفون وحنطور ونلف الشوارع عيل تائه يا ولاد الحلال وندلي بأوصافه وملابسه.     
المفاجئ أنه بعد العثور على الطائرة وخلال الاستعداد لدفن الضحايا تم تداول بيان منسوب لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية يقول إن المسيرات الإيرانية هي التي كشفت مكان حطام المروحية، مشيرة إلى أن الطائرة المسيرة التركية كانت مجهزة بكاميرات استطلاع ليلية وحرارية، لكنها لم تكن مزودة بنظام رصد ما تحت الغيوم، ولذلك لم تتمكن من تحديد موقع سقوط مروحية الرئاسة الإيرانية.
والغيوم ياسادة ستكشف عنها التحقيقات الأمينة بالوقوف على أسباب الحادث.
ووفقا لمقولة الناس أقدام وعتب، فمن الملفت للانتباه في الحادث الإيراني أنه جاء بعد ساعات من لقاء رئيسي نظيره الأذربيجاني علييف والذي سبق له لقاء رئيس وزراء سلوفاكيا الذي تعرض لمحاولة اغتيال بعد ثلاثة أيام من لقائه علييف، وهو أمر ينذر بالحذر من لقاء رئيس أذربيجان هذه الأيام لأنه على ما يبدو يرافقه ملك الموت والحظ العسر لمن يلتقيه..  
 

وقد علق نائب رئيس وزراء صربيا على مصرع الرئيس الإيراني ومحاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا بأنه خلق لديه انطباع بأن زعماء العالم الحر في خطر. خاصة وأننا نعيش في عالم يُعاقب على الحرية.. 
واللافت أيضاً أن وسائل الإعلام تذكرت توقعات المنجمة المصرية اللبنانية ليلى عبد اللطيف عن العام الجاري 2024، والتي قالت خلالها "هناك طائرة ستشغل العالم ولن ينجو منها أحد في الأشهر الأولى من هذه السنة، والعالم سيبقى مع الإعلام تحت الصدمة لمعرفة ظروف وأسباب سقوط هذه الطائرة.. فكانت طائرة الرئيس الإيراني.. وهنا صدق المنجمون لو كذبوا؟ أم كذب المنجمون ولو صدقوا؟ 
شيء أخر وضح من خلال متابعة حادث طائرة الرئيس الإيراني ورفاقه وهي أنه كلما أقترب المسؤول أي كان وضعه من المرشد الأعلى أصبح عرضة للاستهداف وهو ما حدث مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان فقد أكدت تقارير إعلامية إيرانية ودولية أن الرئيس والوزير يتمتعان بقرب الصلة من المرشد الأعلى ذلك المنصب الذي كان رئيسي مرشحا بل وأقرب المرشحين له.
أما عن واقعة الطائرة، فالأحداث المتعاقبة التي شهدتها إيران والتي بدأت بموجة اغتيالات استهدفت العلماء النوويين الإيرانيين في العام 2010، واتهمت طهران جهاز الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد" بارتكابه هذه العمليات، فوفقا لوسائل الإعلام الإيرانية والعالمية فإن الأساليب المستخدمة في قتل العلماء الإيرانيين هي نفسها التي يعتمد عليها الموساد في اغتيال أهدافه، حيث تم اغتيال عالم الفيزياء مسعود علي محمدي بتفجير دراجة نارية مفخخة متوقفة قرب سيارته في 12 يناير، وفي 29 نوفمبر تم اغتيال اثنين من كبار العلماء النوويين الإيرانيين هما مجيد شهرياري وفريدون عباسي دوائي من قِبل قتلة محترفين كانوا يستقلون مجموعة دراجات نارية، وفي 23 يوليو 2011 قُتل العالِم الصاعد رازان جاد بالرصاص في شرق طهران، ثم في 11 يناير 2012 اغتيل العالم مصطفى أحمدي روشان وسائقه بتفجير قنبلة معلقة بالسيارة وفي عام 2020 تم اغتيال العالم محسن فخري زاده الملقب بأبو المشروع.. بخلاف التفجيرات التي طالت قواعد عسكرية تابعة للحرس الثوري ومهاجمة المنشآت النووية واستهداف حواسيبها بفيروسات وبرمجيات خبيثة أدت لإتلاف 10 % من أجهزة المنشآت النووية وفقا لتقديرات وسائل الإعلام الإيرانية والدولية، والمتهم بارتكابها إسرائيل وأمريكا.
كل ذلك يؤكد أن النظام الأمني الداخلي للدولة النووية مخترق، ففي يوم الأحد 19 مايو 2024، ذات اليوم الذي شهد اختفاء طائرة رئيس الدولة إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، كشفت وكالة"إيران انترنشونال" نقلا عن عضو بلجنة الأمن القومي في البرلمان اختراق غربي واسع للجمهورية الإيرانية تجاوز الحرب الاقتصادية والسياسية والاستخباراتية ووصل لدوائر القرار.. 
ولذلك من غير المستبعد أن يكون حادث الطائرة من تدبير خارجي تزامن مع رغبات داخلية للتخلص من الرئيس والوزير اللذان سطع نجمهما في الأونة الأخيرة.
الأحوال الداخلية ، المغمورة والمدفونة بفعل النظام والتي تشهدها إيران تشير إلى أن نظام الإمام بدأ في مرحلة نضج إنهياره.

تم نسخ الرابط