و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

ليس من بينها «الجنيه الجبس»

رحلة طباعة «الفلوس» في مصر من «الذهب» إلي «البوليمر»

الجنيه المصري القديم
الجنيه المصري القديم

مرت طباعة النقد في مصر بمراحل عديدة بدأت قبل نحو قرنين من الزمان، بسك ريالات من الذهب والفضة لتسهيل عملية التبادل التجاري بين المواطنين.
منذ بداية تداول العملات الذهبية والفضية في مصر وحتى عام 1834، لم يكن هناك وحدة نقدية محددة تمثل أساسًا للنظام النقدي في البلاد، بل ولم يكن يسك إلا عدد قليل من العملات. 

وفي عام 1834 صدر فرمان من محمد علي باشا، ينص على إصدار عملة مصرية تستند إلى نظام المعدنين "الذهب والفضة"، وبموجبه أصبح سك النقود في شكل ريالات من الذهب والفضة حكرًا على الحكومة، وتم سك الجنيه المصري وطرحه للتداول عام 1836.

تحديد سعر الصرف

ونظرًا لعجز دور السك المصرية عن تلبية احتياجات المعاملات الكبيرة والتجارة الخارجية وبسبب استخدام عملات أجنبية لهذا الغرض، فقد حددت أسعار الصرف بقوة القانون بالنسبة للعملات الأجنبية المقبولة في تسوية المعاملات الداخلية، كما أدت التقلبات في قيمة الفضة واعتماد معيار الذهب من جانب معظم الشركاء التجاريين لمصر وبخاصة المملكة المتحدة إلى تطبيق معيار الذهب على أساس الأمر الواقع، وذلك بعد ما يقرب من 30 عامًا من تطبيق نظام المعدنين.
صدر في أعقاب الأزمة المالية الناجمة عن تراكم الديون الخارجية على مصر قانون الإصلاح النقدي عام 1885، والذي بموجبه أصبح معيار الذهب أساسًا للنظام النقدي المصري وأصبح للبلد عملة موحدةٌ وهي الجنيه الذهبي المصري، وهكذا انتهي معيار المعدنين رسميًا.
وبسبب نقص الإصدارات الجديدة من الجنيه الذهبي المصري، سمح باستخدام بعض العملات الذهبية الأجنبية خاصة الجنية الإسترليني بأسعار صرف ثابتة، في حين ظل الجنيه الذهبي المصري العملة الرسمية للبلاد، وظل الجنيه الإسترليني يمثل الوسيلة الرئيسية للتبادل، والذي كانت قيمته تقدر بأكثر من محتواه الذهبي مقارنة بغيره من العملات الأجنبية الذهبية الأخرى، ولم يعد النظام النقدي يستند إلى معيار الذهب المعتاد، بل على المعيار الذهبي الاسترليني.

الجنيه الورقي

ظلت العملات الذهبية تمثل وسيلة التعامل حتى عام 1898 عندما أصدر البنك الأهلي المصري في الثالث من أبريل الأوراق النقدية لأول مرة، وصدر الجنيه الورقي وكانت قيمته تساوي 7.4 جرام من الذهب، واستخدم هذا المعيار ما بين عام 1885 وحتى اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914، حيث تم ربط الجنيه المصري بالجنيه الإسترليني وكان الجنيه الإسترليني يساوي وقتها 0.9 جنيه مصري.  
وهكذا أصبحت العملات المتداولة في مصر تضم الجنيه الإسترليني الذهبي وأوراق النقد المصرية القابلة للتحويل إلى ذهب، وهو المعروف بين هواة جمع العملات القديمة بالسند أو الجنيه الأخضر المدون عليه عبارة " أتعهد بأن أدفع جنيه واحد مصري لحامل هذا السند".
استمر هذا الوضع حتى أوائل أغسطس عام 1914 حينما صدر مرسوم خاص جعل أوراق النقد المصرية أداة الإبراء القانوني والعملة الرسمية لمصر، كما تم إيقاف قابلية تحويلها إلى ذهب، وبالتالي أصبح الجنيه المصري "الورقي" هو الوحدة الأساسية للعملة، فتغيرت قاعدة النظام النقدي المصري إلى الجنيه الورقي ولم تعد العملات الذهبية تستخدم في التداول.

مكافحة التزييف

وبحسب بيانات البنك المركزي المصري، نجم عن هذا زيادة حجم النقد المصدر من 11.6 مليون جنيه نهاية عام 1915 إلى 3557.0 مليون جنيه نهاية عام 1980، وإلى 38320.0 مليون جنيه نهاية عام 1999.
لأول مرة في تاريخ أوراق النقد المصرية في عام 1930، تم استخدام العلامة المائية في إصدار أوراق النقد، وفي أواخر عام 1968 تم استخدام خيط معدني في الأوراق التي أصدرها البنك المركزي المصري ضمانًا ضد التزييف.
وبدلاً من الاعتماد على التركيبات اللونية المعقدة، تم استخدام ميزات أمنية أخرى ضد التزوير في المواصفات التفصيلية، كما تم إضافة الهولوجرام إلى الفئات النقدية الكبيرة.
وفي يوليو عام 1960 صدر القانون رقم 250 بشأن البنك الأهلي المصري والبنك المركزي، والذي ينص على إنشاء هذا الأخير ويمنحه حق إصدار أوراق النقد المصرية، كما تمت عدة تغييرات على العلامة المائية وتصميم الأوراق والألوان.

دار لطباعة النقد

قام البنك المركزي المصري، بإنشاء دارٍ لطباعة النقد بدلاً من طباعتها في الخارج، وبدأت طباعة الفئات المختلفة في الأول من ديسمبر عام 1968، كما قام أيضًا بطباعة بعض العملات العربية لصالح بنوكها المركزية. 
و في عام 2022 تم تدشين دار طباعة نقد جديدة بأحدث تكنولوجيا طباعة النقد في العالم.
وفى ضوء الاحتياج المتزايد لأوراق النقد بغرض تسهيل المعاملات الناجمة عن نمو النشاط الاقتصادي خاصةً عقب تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي، أصدر البنك المركزي المصري فئات نقدية كبيرة هي 200 و100 و50 و20 جنيه مصري؛ حيث أصدر فئة الـ 20 جنيه في مايو 1977 وفئة الـ 100 جنيه في مايو 1979 وفئة الـ 50 جنيه في مارس 1993 و فئة الـ 200 جنيه في مايو 2007. 
وفي عام 2005 تم طرح الجنيه المعدني بدلا من الورقي، وتم منع التعامل بالجنيه الورقي في السوق المصري إلى أن صدر قرار من محافظ البنك المركزي الحالي بطبع العملة الورقية لفئة الجنية مرة أخرى.
وفي عام 2022 أصدر البنك المركزي فئة الـ 10 جنيه من مادة البوليمر ثم الـ 20 جنيه في 2023 لتواكب أحدث تكنولوجيا طباعة النقد في العالم.
 

تم نسخ الرابط