الدفع الإلكتروني من مؤشرات النهضة الاقتصادية في أي بلد متقدم.
فقد وضعت المجتمعات المتحضرة حدا للعراقيل التي أفرزتها وسائل الدفع التقليدية، ومخاطر حمل مبالغ كبيرة، عبر وسائل متعددة للدفع الإلكتروني وتحويل النقود.
وقد تعاظم دور الدفع الإلكتروني في ظل التطور الهائل لشبكة الإنترنت وانتشارها بالإضافة إلى الإبداع التكنولوجي في تطوير التطبيقات والمحافظ الخاصة بالدفع وتبادل النقود بين الأفراد والمؤسسات علي حد سواء.
كما أدي تنامي عمليات التجارة الالكترونية والتسوق عبر الإنترنت إلي احتياج كبير لوجود هذه المحافظ الإلكترونية باعتبارها ضرورة ملحة لتلبية الاحتياجات الأساسية اليومية، فضلا عن عن إنجاز المعاملات الرسمية التي أصبحت تتطلب محفظة إلكترونية أو فيزا كارد لتسديد الفواتير أو دفع الرسوم والدمغات لإتمام الإجراءات .
والحكومة المصرية شأنها شأن كل الحكومات الذكية حول العالم، بدأت منذ فترة في إلغاء عمليات الدفع التقليدي تدريجيا، لمسايرة الثورة التكنولوجية الحاصلة في العالم.
لكن خطوات تطبيق الدفع الإلكتروني في مصر، فرغت المشروع الذكي من مضمونه تماما.
ففي معظم المصالح الحكومية يتحتم عليك أن تدفع الرسوم والمصاريف من خلال الفيزا كارد أو عبر خدمة فوري، ثم تأخذ نسخة من إشعار الدفع وتقف بها في طابور طويل أمام موظف وما أن تصل إليه يأخذه منك ويقوم بإرفاقه في ملف، ثم يحرر لك قسيمة حمراء من عدة نسخ بالكربون الأزرق ستكون نسختك منهم هي الأخيرة في الترتيب وبالطبع باهته ولا يمكن تفسير حرف واحد فيها.
الدفع الإلكتروني
هذا ما يحدث بالضبط في ظل حكومة تسعي لتعظيم الاستثمارات القائمة وجذب مشروعات واستثمارات أجنبية جديدة للسوق المصرية لتوفير فرص العمل .
حكومة من المفترض أنها تعمل علي ﺗﺴﺮﻳﻊ وﺗﻴﺮة الخدمات الإﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ في المجالات الخدمية والإنتاجية المختلفة ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻮاﻛﺐ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﺔ اﻟﺪول الأﺧﺮى اﻟﺠﺎذﺑﺔ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر.
حكومة تم نقلها إلي عاصمة ذكية من أجل القضاء على البيروقراطية وتسهيل الأعمال وزيادة الإبتكار والعمل على تطبيق مباديء الحوكمة والإفصاح.
ولذلك فإن الحديث المتكرر عن وقوع "السيستم" في المصالح الحكومية ومأساة الدفع الإلكتروني في مصر، والحوكمة التي يتم تصفيتها من مضمونها علي يد الموظفين، والبيروقراطية التي ما زالت تتحكم في الكثير من دواوين الحكومة، كلها ظواهر سلبية لا تليق بنهضة مصر الحديثة ومشروعها الحضاري الذي تستهدفه الجمهورية الجديدة .
لا تجعلوا من هذه الممارسات ومن هؤلاء الموظفين حجر عثرة أمام التقنية المالية
التي من شأنها أن تعمل على تغيير مشهد الاستثمار في البلاد، وما يترتب عليه من تنمية إقتصادية وعمرانية منشودة.