شيخوخة الرئيس الأمريكي جو بايدن بكل تداعياتها، وحالتة المستعصية من عدم الصفاء الذهني، لا تهدد مستقبل الإمبراطورية الأمريكية الشائخة وحدها، وإنما تهدد العالم كله، لاسيما بوجود "زر يوم القيامة" بين أصابع يديه.
الحقيبة النووية التي يحلو للبعض تسميتها بـ "حقيبة جهنم" التى تحوي "زر يوم القيامة" هي أخطر وسيلة تدمير عرفتها البشرية، وتتيح للرئيس الأمريكي تدمير العالم بأسره في دقائق معدودة عبر "الزر النووي" الموجود دائما أمام بايدن وفي متناول يديه.
إستعمال الزر النووي بطريق الخطأ ليس هزلا بالطبع، فقد عقد أعضاء في مجلس الشيوخ جلسة استثنائية في سبتمبرعام 2017، لدراسة سلطات الرئيس "دونالد ترامب" المرتبطة بالحقيبة النووية، وقال بعض النواب الديمقراطيين حينها إن لديهم مخاوف حقيقية من أن يقدم ترامب على استخدام السلاح النووي بشكل يتعارض مع مصالح الأمن القومي الأمريكي.
نقاش آخر دار حول الحقيبة النووية مع بداية عام 2018، في سياق التراشق الكلامي بين الرئيسين الأمريكي "دونالد ترامب" والكوري الشمالي "كيم جونج أون"، بسبب الصواريخ الباليستية التي أطلقتها كوريا الشمالية، فعاد في هذا السياق الحديث عن ذلك "الزر النووي" الذي يكفي أن يضغط عليه رئيس إحدى الدول النووية كي تنطلق الصواريخ المدمرة نحو أهدافها، فتحول العالم إلي كتلة من اللهب.
حينها قال الزعيم الكوري الشمالي: إن الولايات المتحدة بأسرها تقع في مرمى أسلحتنا النووية والزر النووي دائما على مكتبي، وهذا واقع وليس تهديدا، ليرد عليه الرئيس الأمريكي قائلا: هل من أحد في نظامه المستنزف الذي يتضور جوعا يمكنه أن يخبره من فضلكم أنني أملك أيضا زرا نوويا، لكنه أكبر وأقوى كثيرا من زره (!).
هكذا كان مستوي تفكير الرئيس الأمريكي السابق، الذي تزايدت معه مستويات الخوف المرتبط بالحقيبة النووية واحتمالات استعمالها بشكل خاطئ.
ومع رحيل ترامب عن البيت الأبيض أوائل عام 2021، استمر القلق من سلطات الرئيس النووية، حيث دعا وزير الدفاع الأمريكي السابق وليام بيري، الرئيس جو بايدن إلى إلغاء حصرية التحكم برموز إطلاق السلاح النووي في يد "الرئيس"، الذي يعاني من تداعيات الشخوخة، وانعدام الصفاء الذهني في أوقات كثيرة كان منها ما هو علي الهواء مباشرة، وكان العالم بأسره شاهدا عليه.
واعتبر "بيري" الذي حمل حقيبة الدفاع في عهد الرئيس بيل كلينتون منتصف التسعينيات، أن وجود الحقيبة النووية في حد ذاته بات تهديدا للأمن القومي الأمريكي، من خلال حيازة الرؤساء بشكل حصري لشفرتها السرية، وصلاحياتهم المطلقة في إعلان حرب نووية دون استشارة أي جهة، وهو ما يجعل الرئيس الأمريكي، بحسب وجهة نظر بيري، قادرا على تدمير العالم في أي لحظة.
آلة يوم القيامة
ويعود أصل هذه السلطة الحصرية للرئيس الأمريكي الثالث والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية "هاري ترومان"، الذي قرر سحب قرار إطلاق السلاح النووي من يد العسكريين، وذلك بعد الضربات النووية الأمريكية علي اليابان والتي أنهت الحرب العالمية الثانية بطريقة مأساوية، وقتها تعالت الأصوت الحقوقية مطالبة بتقاسمها بين الرئيس وبين مجموعة صغيرة داخل الكونجرس، تجنبا لأي انحراف في استعمالها.
والحقيبة النووية هي عبارة عن جهاز يزن حواليا عشرين كيلوجراما، يلفه جلد أسود في شكل حقيبة يدوية، ويطلق عليها الخبراء وصف "آلة يوم القيامة" التي تستطيع تدمير العالم في دقائق.
وتحتاج الحقيبة النووية الموضوعة رهن إشارة الرئيس الأمريكي إلى رموز سرية من أجل استعمالها، وهو ما يطلق عليه اسم "رموز الذهب"، حيث تقوم وكالة الأمن القومي الأمريكية بتوفير هذه الرموز، وطبعها فوق بطاقة بلاستيكية تشبه بطائق الائتمان البنكية، يحملها الرئيس الأمريكي دائما معه وتبقى خارج الحقيبة النووية.
ورغم التكتم والسرية المحيطين باستعمال هذه الحقيبة، فإن التاريخ الأمريكي الحديث شهد انتشار الكثير من القصص المرتبطة بها، منها ما جرى عام 1981 في محاولة اغتيال الرئيس رونالد ريجان، حيث تعذر على الضابط المرافق له والمكلف بحمل الحقيبة اللحاق به في سيارة الإسعاف، بعدها تم العثور على بطاقة "الشفرة" داخل حذاء الرئيس في المستشفى.
كما حدثت وقائع طريفة مرتبطة بهذه الحقيبة، مثل نسيان بطاقة رموزها السرية في جيوب بدلات بعض الرؤساء مثل "جيرارد فورد" و"جيمي كارتر"، حيث عثر عليها بعد وصول البدلات إلى "المغسلة".
كما فقد الرئيس "بيل كلينتون" بطاقة الشفرة السرية خلال مشاركته في قمة لحلف شمال الأطلسي عام 1999، بل نسي كلينتون حمل الحقيبة نفسها بعد نهاية القمة، وهو ما تندرت عليه الصحافة الأمريكية والعالمية في حينه.
هناك بالفعل إجراءات معقدة بتحليل الشفرة الخاصة بالرئيس والتأكد مما إن كان هو بالفعل من قام باستعمالها، ولكن بالنهاية فالقوانين الأمريكية تمنح سلطة الأمر بضربة نووية للرئيس وحده، الذي هو لسوء الحظ "جو بايدن".