و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

للمرة الثانية في تاريخها

أمريكا تتخلى عن إسرائيل في مجلس الأمن وواشنطن تطمأنهم بالقرار غير ملزم

موقع الصفحة الأولى

نجح مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين (25 مارس 2024) من إصدار قرار يقضي أو يدعو إلى “وقف إطلاق نار إنساني فوري لشهر رمضان يقود إلى وقف إطلاق نار دائم" وهو المشروع الذي قدمته ثماني دول من الدول العشر غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي: الجزائر ومالطا والموزمبيق وغويانا وسلوفينيا، وسيراليون، وسويسرا، والإكوادور..

ويأتي النجاح بعد ماراثون من المحاولات بدأ في 18 أكتوبر 2023، لإصدار قرار يقضي بوقف الحرب على قطاع غزة..
والمشروع الأخير هو سادس المشروعات التي تقدمت لمجلس الأمن لوقف الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والتي فشلت لاستخدام الولايات المتحدة حق الفيتو ضد أربعة منهم قدمتهم: البرازيل، وروسيا، والإمارات، والجزائر.. والخامس تقدمت به واشنطن، وعارضته الجزائر ونقضته روسيا والصين.
المفاجئة أثناء التصويت هي امتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت أو استخدام حق النقض "الفيتو" على المشروع وهي التي اعتادت استخدام "الفيتو" كسلاح لنصرة الاحتلال الإسرائيلي.
 

 القرار 317 لعام 1972 


وتعد هذه هي المرة الثانية التي لا تستخدم فيها واشنطن "الفيتو" ضد قرار لا يخدم المصالح الإسرائيلية، فقد حذت ذات النهج في عام 1972، عندما صوت أعضاء المجلس بما فيهم الأربعة دائمي العضوية والعشرة غير الدائمين وهم: الأرجنتين، بلجيكا، غينيا، الهند، إيطاليا، الصومال، السودان ويوغوسلافيا لصالح القرار، في حين امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت ولم تستخدم حق الفيتو، ضد القرار 317 والذي صدر في 21 يوليو 1972 ، أعرب فيه المجلس عن أسفه لحقيقة أنه على الرغم من جهوده، لم يتم إطلاق سراح الأفراد العسكريين السوريين واللبنانيين الذين اختطفتهم القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية في 21 يونيو . وطلب المجلس من رئيس مجلس الأمن والأمين العام بذل جهود متجددة لتنفيذ القرار، ودعا إسرائيل إلى إعادة الموظفين السوريين واللبنانيين دون تأخير.
ودعا مشروع القرار، وقتها جميع الأطراف إلى الوقف الفوري لكل العمليات العسكرية وممارسة أكبر قدر من ضبط النفس لصالح السلام والأمن الدوليين.. وفي هذه الأثناء كانت المواجهة العربية الإسرائيلية مرتفعة إثر قيام حرب الألف يوم والمعروفة بحرب الاستنزاف التي قام بها الجيش المصري في أعقاب هزيمة الخامس من يونيو 1967، فضلا عن الجبهة السورية والتي كانت لبنان جزء منها.

 

 مبررات واشنطن لا تقنع نتنياهو ومن معه 


وفي الوقت الذي علق فيه البيت الأبيض على موقفه من القرار بأنه "لا يُمثل تحولاً في السياسة" وهو يقصد سياسته تجاه مساندة الاحتلال الإسرائيلي.. فهي التي عطلت مرارا في الأشهر الأخيرة تبني قرارات للأمم المتحدة عن غزة.. إلا أن الرد من تل أبيب كان عنيفا إذ ألغى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، زيارة وفد إسرائيلي، كانت مقررة إلى واشنطن، لعدم استخدامها حق النقض؛ (الفيتو)، ضد قرار وقف إطلاق النار في غزة.. وقد علق البيت الأبيض عن خيبة أمله لقرار نتانياهو، خاصة وان اللقاء كان مخصصا لمناقشة العملية في رفح.
وزيادة في الحرص الأمريكي على مساندة حليفتها أو "أبنتها" إسرائيل أكدت الخارجية الأمريكية استعدادها لتقديم خطة تأخذ بعين الاعتبار مطالب "إسرائيل الأمنية" وفي نفس الوقت حماية المدنيين بشأن العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح.


 واشنطن قرار مجلس الأمن غير ملزم 


وفي محاولة لبث الطمأنينة لدى نتانياهو، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، خلال مؤتمر صحفي يوم الإثنين (الحزين بالنسبة لساسة وقادة إسرائيل) إن قرار مجلس الأمن الدولي حول الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة "غير ملزم" بعكس ما صرحت به الأمم المتحدة بأنه قانون دولي وملزم.
إلا أن هذا كله لم يقنع قادة تل أبيب من السياسيين والعسكريين، حيث وصف رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الأمن سابقاً اللواء احتياط عاموس جلعاد قرار مجلس الأمن وامتناع واشنطن بالجنون وأنه كارثة وأمر لا يعقل لكونه مسّ بـالأمن القومي الإسرائيلي.. خاصة وأن الحلف مع الولايات المتحدة هو أحد ضمانات وجودنا وقوتنا الاستراتيجية مبنية على قوة الجيش الذي يأتي أغلب سلاحه من الولايات المتحدة.
ومن جانبه انتقد وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إتمار بن غفير، الرئيس الأمريكي في تدوينة على منصة "X" قائلا: "بايدن لا يضع على رأس أولوياته انتصار إسرائيل والعالم الحر على الإرهاب".. وأضاف: "قلت إن الأمم المتحدة عبارة عن سلة قمامة، لذا يجب علينا أن نترك الأمم المتحدة ونواصل الإبادة الجماعية في غزة فلا أحد يستطيع أن يوقف إسرائيل"
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين أميركيون اعتقاد البيت الأبيض أن نتنياهو اختار خلق أزمة مع الولايات المتحدة بسبب تصويت مجلس الأمن لأسباب سياسية داخلية، وهذا ما أكده الناطق باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، بقوله "يبدو أن دوائر رئيس الوزراء الإسرائيلي تسعى إلى إشاعة انطباع عن تباين في حين أن هذا الامر ليس ضروريا".. وتصديقا لكيربي قال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، إنّ تصريحات نتنياهو "محاولة بائسة ومؤسفة لصرف الانتباه عن مشروع قانون التجنيد على حساب علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة".


العالم يطالب سرعة تنفيذ القرار

وأمام تصريحات الخارجية الأمريكية بأن قرار مجلس الأمن غير ملزم طالب وزير الخارجية الفرنسي بضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن بشأن غزة بشكل كامل وأن يكون وقفاً مستداماً مع الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأسرى.. فيما قالت حكومة جنوب أفريقيا "على مجلس الأمن الآن ضمان الالتزام بقراره وقف إطلاق النار فوراً في غزة".
فيما طالب مندوب الجزائر مجلس الأمن بسرعة العمل على تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، وهو الطلب الذي أيدته الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. طالبت الخارجية الأردنية بوجوب امتثال إسرائيل للقرار، الذي يشدد أيضاً على "حماية المدنيين والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق، ويضمن إيصالها بصورة كافية ومستدامة لجميع أنحاء قطاع غزة"
أما القاهرة فقد رحبت بالقرار، رغم ما يشوبه من عدم توازن نتيجة إطاره الزمني المحدود والالتزامات الواردة به لكونه خطوة أولى هامة لوقف نزيف الدماء والحد من سقوط الضحايا الفلسطينيين وفرصة لإدخال المساعدات الإنسانية خلال شهر رمضان بعد عجز مجلس المن عن التوصل لقرار يطالب بوقف دائم لإطلاق النار. 
وطالبت مصر بضرورة التنفيذ الفوري لوقف إطلاق النار، بما يفتح المجال للتعامل مع كافة عناصر الأزمة، مؤكدةً أنها ستواصل جهودها الحثيثة مع الأطراف الدولية والإقليمية من أجل احتواء أزمة قطاع غزة في أسرع وقت.

تم نسخ الرابط