مجلس النواب فتح تحقيق سري
وثائق أمريكية مسربة تكشف العيون الخمسة لإسرائيل وضلوع واشنطن في الحرب على إيران
فتح مجلس النواب الأمريكي تحقيقا حول تسريب معلومات استخباراتية أمريكية بشأن استعدادات إسرائيل لتوجيه ضربة لإيران رداً على هجومها الصاروخي الباليستي مطلع أكتوبر الجاري وكان رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون قد أعلن عن عقد جلسة سرية لمتابعة ذلك الموضوع.
وكشفت شبكة "سي إن إن" ووكالة الأنباء "أسوشيتد برس" الأمريكيتين نقلا عن مسؤولين أمريكيين أن التحقيق ينظر في كيفية الحصول على الوثائق، وهل تم التسريب عن تعمد من عضو داخل مجتمع الاستخبارات الأمريكية، أو تم حدوث اختراق، وما إذا كان قد تم تسريب أي معلومات استخباراتية أخرى، وكذلك تحديد كل من كان لديه إمكانية الوصول للوثائق قبل نشرها، خاصة وأنها وثائق سرية للغاية.
تسريب وثائق استخباراتية أمريكية
وكان موقع أكسيوس الأمريكي فاجئ الجميع بنشر تسريبات خاصة بالخطة الإسرائيلية للهجوم على إيران وهو ما وصف بخرق أمني خطير لوزارة الدفاع وجهاز الاستخبارات الأمريكيين على الانترنت عبر تطبيق تليجرام، والذي قام بنشر وثيقتين سريتين.
وأشارت أكسيوس أن الوثائق تتضمن تقرير صادر عن وكالة الاستخبارات الجغرافية الوطنية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) وتم توزيعه داخل مجتمع الاستخبارات الأمريكي في وقت سابق من هذا الأسبوع.. ووفقا لما نشرته أكسيوس فالوثائق تكشف قيام المخابرات الأمريكية بمتابعة ومراقبة دقيقة ومفصلة للاستعدادات الإسرائيلية لشن هجومها على إيران، باستخدام الأقمار الصناعية للتجسس على العمليات التي تنفذ في قواعد سلاح الجو الإسرائيلي ، ونقل الأصول العسكرية والذخائر وجاء في التقرير أيضا أنه وفقا لإشارات استخباراتية أميركية، أجرى سلاح الجو الإسرائيلي تدريبا كبيرا، خلال الأيام القليلة الماضية، يحاكي الهجوم المتوقع ضد إيران شاركت فيه طائرات استخباراتية وطائرات مقاتلة، وتضمن التقرير الاستخباراتي المسرب أيضاً تفاصيل الاستعدادات التي أجرتها وحدات الطائرات بدون طيار الإسرائيلية لشن الهجوم المتوقع على إيران.
الصحفي الأمريكي باراك رافيد، الذي كتب التقرير وحصل على الوثائق قال إنه رغم رفض وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية التعليق على الوثائق المسربة، لكنهما لم يشككا في صحتها.. وفي ذلك السياق قال مسؤول أمريكي لأكسيوس إن التسريب مثير للغاية، خاصة وأنها وثائق استخباراتية أمريكية مما يعني وجود خرق أمني خطير للغاية داخل مجتمع الاستخبارات الأمريكي أدى لوصول معلومات سرية للغاية لقناة تليجرام تابعة لإيران، ولكن المسؤول الأمريكي لا يعتقد أن يؤثر التسريب على الخطط العملياتية الإسرائيلية ضد إيران.
إسرائيل تعلم بالتجسس الأمريكي
ومن جانبها أوضحت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أخبرها بأن مؤسسة الدفاع الإسرائيلية على علم بالتسريب وتأخذ الأمر على محمل الجد. ولفتت الصحيفة وفقا للمسؤول الإسرائيلي إلى أن التسريب حدث يوم الجمعة / 18 أكتوبر 2024/ وأن قناة التليجرام التابعة لإيران زعمت أنها تلقت وثائق حول استعدادات إسرائيل للهجوم من مصدر داخل مجتمع الاستخبارات الأمريكي.
وتضمنت الوثائق تقريراً من وكالة الاستخبارات المرئية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، والذي تم تداوله داخل مجتمع الاستخبارات الأمريكية قبل ثلاثة أيام. وقدم التقرير تفاصيل عن الإجراءات الأخيرة المزعومة في قواعد القوات الجوية الإسرائيلية، بما في ذلك حركة ذخائر متقدمة يعتقد أنها كانت مخصصة لضرب إيران. وأشار التقرير أيضاً إلى أن المعلومات الاستخبارية التي تم الحصول عليها من خلال التنصت على المكالمات الهاتفية تشير إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي أجرى تدريباً هذا الأسبوع شارك فيه طائرات مقاتلة وطائرات بدون طيار كجزء من استعداداته للضربة.
العيون الخمسة
هذا، وكشفت وسائل إعلامية إسرائيلية عدة عن مسؤول إسرائيلي وصفته برفيع المستوى أن الولايات المتحدة اعتذرت عن تسريب الوثائق التي تظهر الاستعدادات الإسرائيلية للهجوم على إيران، والتي أشارت إلى أن الجيش عقد تدريبا واسعا استعدادا للهجوم، وأظهرت مشاركة 3 طائرات تزود بالوقود وطائرة سيطرة ورقابة جوية من نوع "عقاب البحر"، واستعدادات مرتبطة بصواريخ باليستية تطلق من طائرة، ومدى تعاون ما وصف بالعيون الخمسة لإسرائيل وهي الولايات المتحدة وبريطانيا، وكندا، ونيوزيلندا، وأستراليا.
وبعد تسريب الوثائق التي كشفت تجسس الولايات المتحدة على إسرائيل أكد مسؤولون أميركيون أن واشنطن فتحت تحقيقا لمعرفة كيفية تسريب تلك الوثائق السرية، خاصة وأن هذه الوثائق تبدو حقيقية وفقا لما نقلته وكالة "أسوشييتد برس".
واشنطن تتنفس الصعداء
وفي الأثناء ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أبلغ الرئيس الأمريكي جو بايدن، يوم الثلاثاء الماضي/ 15 أكتوبر 2024/ أن الرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الباليستي الإيراني، سيقتصر على ضرب منشآت عسكرية وليس النفطية والنووية .. وهو ما فسرته الإدارة الأمريكية نقلا عن مسؤول بها لــ "واشنطن بوست" أن نتنياهو أصبح أكثر اعتدالا مما كان عليه من قبل، مما جعل واشنطن تتنفس الصعداء.. وأرجع المسؤول الأمريكي تراجع نتنياهو عن قصف المنشآت النفطية والنووية بعد إرسال منظومة الدفاع الجوي "ثاد" المضادة للصواريخ الباليستية ومعها 100 جندي أمريكي لتشغيلها، لصد الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل في حال ردت على الهجوم الإسرائيلي.. وفي سياق متصل كشفت القناة 12 الإسرائيلية إن تل أبيب طلبت من واشنطن إمدادها ببطارية أخرى.
ومن جانبها أوضحت قناة i24NEWS الإسرائيلية نقلا عن مسؤول إسرائيلي أن تل أبيب مهتمة بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية بأقصى حد، وعدم اتخاذ إجراءات يمكن تفسيرها على أنها تدخل سياسي في الانتخابات، حيث لا توجد نية للتأثير على أي من المرشحين.. وأكد المسؤول الإسرائيلي الذي وصفته القناة بالكبير أن الهجوم الإسرائيلي على إيران سيأتي عندما تكتمل الاستعدادات له بالتنسيق مع الولايات المتحدة.. وكان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن قد تحدث هاتفيا مع نظيره الإسرائيلي يوآف جالانت، أمس السبت / 19 أكتوبر 2024/ لمراجعة تعديلات وضع القوات الأمريكية بالمنطقة استعدادا للهجوم على إيران، بما في ذلك نشر نظام "ثاد" المضاد للصواريخ الباليستية لتعزيز دفاعات إسرائيل في مواجهة التهديدات الإقليمية، وأكد أوستن أن بلاده ستواصل تقديم المساعدات اللازمة لإسرائيل حتى تتمكن من الدفاع عن سيادتها.
ثاد تستخدمه الإمارات وأمريكا والسعودية
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعلن من برلين يوم الجمعة الماضي / 19 أكتوبر 2024/ أن لديه فهما جيدا لكيفية وموعد خطط إسرائيل للرد على الهجوم الصاروخي البالستي الذي شنته إيران أول أكتوبر الجاري.. دون الإشارة لتفاصيل الرد المتوقع وكأن واشنطن قد توصلت مع تل أبيب إلى تفاهمات بشأن الرد.
ويذكر أن إدارة بايدن قد اشترطت على نتنياهو عدم المساس بحقول ومصافي النفط حتى لا تؤثر على الأسعار العالمية وكذلك الصناعة والتجارة الدولية، وعدم الاقتراب من المنشأت النووية لأن ذلك سيدخل المنطقة في حرب مفتوحة ودخول أطراف أخرى مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية لدعم إيران ، مما يعني حرب إقليمية لا يعرف أحد عواقبها.
وفي سياق الترتيب للرد الإسرائيلي على إيران أرسلت الولايات المتحدة بطارية "ثاد" للدفاع الجوي برفقة 100 جندي أمريكي إلى إسرائيل لتشغيل البطارية التي ستستخدم لصد الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل.. ونظام "ثاد" قادر على ضرب أهداف على مسافة 150-200 كيلومتر. وتتكون البطارية من ست منصات صواريخ محمولة على شاحنات، و48 جهاز اعتراض، ومعدات راديو ورادار، ويتطلب تشغيلها 95 جنديا.. وتلك البطارية تستخدمها الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة فقط، في حين اشترت المملكة العربية السعودية النظام لكنها لم تستلمه بعد.