و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

صمت عربي ودولي

لقاء الخميس أحد عروضها:أوكازيون أمريكي لمنع الحرب.. وإيران حصلت على شرعية الهجوم

موقع الصفحة الأولى

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية بكامل قوتها وترسانتها السياسية والعسكرية وعلاقاتها لمنع إيران ومحور المقاومة العربية من الحرب على أبنتها بالتبني " إسرائيل " والتي ولدت في فلسطين بعد معاشرة غير شرعية بين المملكة المتحدة " بريطانيا " والحركة الصهيونية العالمية بما يعرف بوعد بلفور 1917.
دفعت واشنطن برسائل عبر 12 دولة عربية وأجنبية تناشد إيران ومدن المقاومة عدم الرد وعدم التصعيد الذي سيشعل المنطقة الملتهبة أصلاً.. وتصريحات متبادلة تحمل التهديد والوعيد بين واشنطن وطهران بشأن العملية العسكرية.. وتحركات عسكرية أمريكية في عموم المنطقة وعمليات اغتيال بمسيرات لقادة المقاومة في حماس وحزب الله على الأراضي اللبنانية لم تتوقف منذ تجرأت إسرائيل على اغتيال فؤاد شكر وإسماعيل هنية.. يقابلها هجوم بالصواريخ والمسيرات يوميا من قبل حزب الله المجروح ومواصلة المقاومة الفلسطينية لعملياتها البطولية مكبدة الاحتلال خسائر في المعدات والجنود إلى جانب ما تقوم به جماعة أنصار الله اليمينة والمقاومة العراقية التي ردت على العدوان الأمريكي على معسكر للحشد باستهداف قاعدة عين الأسد بالعراق مكبدة خسائر في الجنود والمنشآت.. مع استمرار مسلسل حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وانتهاك حقوق الأسير الفلسطيني بالسجون الإسرائيلية وسط صمت عربي ودولي لم يتجاوز حد الإدانة والشجب ومناشدة ما يعرف بـ "المجتمع الدولي" التدخل لوقف حرب الإبادة التي تماطل أمريكا لوقفها.  

        
العرب وإيران "الجيران أولى بالتحذير"

  الدول العربية دائمة العضوية بالقواعد العسكرية الأمريكية (الأردن والسعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين) رفعت أكف الدعاء للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بعدم إطلاق الصواريخ والمسيرات صوب دولة الاحتلال لأنها قد تصيب أراضيها بالسقوط الخاطئ أو خلال اعتراضها من قبل القواعد الأمريكية التي لا تملك الحكم عليها.. وهذا أوضحه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال زيارته لطهران بأن بلاده لا تنوي الانخراط في أي تحالفات عسكرية في المنطقة ولن تشارك بقواتها ومنظوماتها في التصدي للمُسيّرات والصواريخ الإيرانية، لكنها لن تمنع حلفاءها من العمل في سمائها، إذ تتمتّع القواعد العسكرية التابعة للحلفاء (أمريكا وبريطانيا وفرنسا) بصفة سيادية، علما بأن هذه القواعد استُخدمت في الثالث عشر من إبريل للتصدي للهجوم الإيراني.


الصفدي وفقا لتصريحات منسوبة لمصادر وصفت بالمطلعة على الاتصالات الدائرة نقلتها صحيفتي " الأخبار " اللبنانية والجريدة الكويتية طلب من طهران العدول عن الانتقام لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس على أراضيها محذرا من فخ نصبه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة.. وتسأل الصفدي عن استعداد إيران لوقف انتقامها فيما لو حدث التوصل إلى اتفاق دبلوماسي لوقف حرب غزة ، ورد الجانب الإيراني أنه في حال الوصول إلى اتفاق لوقف النار بالقطاع الفلسطيني المنكوب فإن طبيعة الرد على الضربة الكبيرة التي تلقتها باغتيال إسماعيل هنية  ستتغير فقط لكنه لن يمنعها.. ولم يفت إيران في ذلك السياق أن تحذر دول المنطقة من الانخراط دفاعا عن إسرائيل باعتراض مسيراتها وصواريخها وكذلك الأمر بالنسبة للمقاومة العربية لأن ذلك سيعرضها للخطر.
وتعد زيارة الصفدي لإيران ضمن الاتصالات الدبلوماسية التي تمارسها الولايات المتحدة وشركائها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا لمنع ما يطلقون عليه التصعيد بالمنطقة وهو في حقيقته دفاعا عن كيانهم الاحتلالي "إسرائيل". 


العروض الأمريكية 

زيارة وزير الخارجية الأردني كانت يوم الأحد الرابع من أغسطس 2024، وبعدها بيومين (أي الثلاثاء السادس من أغسطس) ألتقي وفد أمريكي قادم من تركيا بقادة من الحرس الثوري الإيراني بمنطقة "كراج" قرب طهران لمدة ساعتين لتقديم عرض أمريكي يقضي بأن تكون الضربة على حجم الردّ الإيراني الذي حصل في 14 إبريل الماضي وليس أكثر، مقابل إنهاء الحرب على غزة، والضغط على رئيس حكومة الاحتلال للقبول بالصفقة والتي تتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية وإعادة الاعمار وتبادل الاسرى.
الوفد الأمريكي أوضح لنظيره الإيراني أن إبرام صفقة غزة سيعجل بسقوط حكومة نتنياهو الذي يستخدم الحرب كورقة لتمديد فترة وجوده بالسلطة ويسعى لدفع التصعيد بالمنطقة لإحداث مواجهة إيرانية أمريكية لضرب المشروع النووي الإيراني محذرة بأن نتنياهو يعمل لصالح الحزب الجمهوري ومرشحه الرئاسي ترامب الذي يسعى لوقف المشروع الإيراني ولن يمانع في ضربه.. وبالتالي لابد من تفويت الفرصة لحدوث ذلك.
وأكد الوفد الأمريكي لقادة الحرس الثوري استياء الإدارة الأمريكية من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وفؤاد شكر وقادة المقاومة مؤكدين أن نتنياهو يتصرف دون علمهم ويبلغهم بعد التنفيذ، وأن البيت الأبيض يرى تلك التصرفات ضربة لجهوده المستمرة منذ أشهر للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المختطفين في الوقت الذي اعتقدوا فيه أنهم على وشك التقدم.  
المحاولات الأمريكية لمنع أو تعطيل التصعيد من قبل إيران ومحور المقاومة لم تتوقف، وبعيدا عن الوسطاء والأعين قام جهاز المخابرات الأمريكية"CIA " بتسليم نظيره الإيراني قائمة بعملائه وعملاء المخابرات الإسرائيلية "الموساد" داخل إيران لإبداء حسن النوايا..

 


 لقاء الخميس لتعطيل الرد


يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية خلال سعيها الدؤوب لتجنب المواجهة مع إيران ومحور المقاومة مع احتمالية دخول روسيا والصين وكوريا الشمالية على خط المواجهة، ومحاولة تحقيق إنجاز انتخابي يمكن استثماره لاستمالة الناخب الأمريكي في المواجهة الحامية بين مرشحة الحزب الديمقراطي كاميلا هاريس ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب قامت واشنطن بالتنسيق مع القاهرة والدوحة مع الساعة الأولى ليوم الجمعة (التاسع من أغسطس 2024) "والناس نيام" بالإعلان عن دعوة من الرئيس الأمريكي ونظيره المصري وأمير قطر لإسرائيل وحركة حماس (باعتبارها الممثل الشرعي للمقاومة الفلسطينية) لاستئناف المحادثات التي وصفت بالملحة يوم الخميس الموافق 15 أغسطس في (الدوحة أو القاهرة) لسد كافة الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ الاتفاق بدون أي تأجيل ،فالوقت قد حان وبصورة فورية لوضع حد للمعاناة المستمرة منذ أمد بعيد لسكان قطاع غزة( يا سلام على رقة القلب) وكذلك عائلات الرهائن، والانتهاء من إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن والمحتجزين..وشدد البيان على عدم إضاعة الوقت، كما يجب ألا تكون هناك أعذار من قبل أي طرف لمزيد من التأجيل.
ووفقا للبيان أبدى الوسطاء استعدادهم إذا اقتضت الضرورة لطرح مُقترحاً نهائياً لتسوية الأمور المتبقية المتعلقة بالتنفيذ وعلى النحو الذي يلبى توقعات كافة الأطراف.

 


 شروط إسرائيل والسنوار يرد 


دقائق معدودات وأعلن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي عن إرسال فريق التفاوض في 15 أغسطس للمكان الذي يتفق عليه لتحديد بنود وإطار الاتفاق.. وبعدها بساعات أعلنت هيئة البث الإسرائيلية عن مطالب إسرائيل وهي السيطرة على محور فيلادلفيا والتأكيد على عدم وجود حماس في معبر رفح وزيادة عدد الرهائن الأحياء الذين سيتم الإفراج عنهم إلى الحد الأقصى.. وطرد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم في إطار الصفقة خارج قطاع غزة مؤكدة أن الاجتماع المرتقب يوم الخميس المقبل هو اجتماع الفرصة الأخيرة.  
وفي سياق متصل أبلغت حماس القاهرة والدوحة موافقتها على المشاركة بالمفاوضات والتي من المنتظر أن تعقد بالدوحة الخميس المقبل.. وقالت مصادر فلسطينية إن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار كلف نائب رئيس المكتب بقطاع غزة خليل الحية والقيادي بالحركة في قطاع غزة غازي حمد بتولي ملف التفاوض.. 
ووفقا لمصادر صحفية قريبة الصلة بحماس فإن السنوار أرسل للقاهرة رسالة مع خليل الحية قبل أيام خاصة بشروط الصفقة تتضمن انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين البارزين والذي يأتي على رأس أولوياته معربا عن أمنياته بأن يرى مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية بحركة فتح والمعتقل منذ 2002 ومحكوم عليه بالسجن 5 مؤبدات و40 عاما، وأحمد سعدات أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمعتقل منذ العام 2008 وحكم عليه بالسجن 30 عاما، وعبد الله البرغوثي القيادي بحركة حماس والمحكوم عليه بالسجن 67 مرة مدى الحياة. 
كما أعرب السنوار في رسالته للقاهرة عن رفضه لنشر قوة متعددة الجنسيات في غزة بعد الحرب للحفاظ على الأمن حتى إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
للعلم الطلبات الإسرائيلية هي طلبات سبق وتم طرحها وقوبلت بالرفض من الجانبين المصري والفلسطيني الذين يصران على انسحاب إسرائيلي كامل من محوري فيلادلفيا ونتساريم ومعبر رفح وكامل القطاع وحرية حركة الشعب الفلسطيني داخل القطاع من جنوبه لشماله وإدخال المساعدات الإنسانية والغذائية والأدوية وإخراج الجرحى للعلاج خارج القطاع.  


خناقة واشنطن والوزير المتطرف 


وسط المباركات وبيانات التأييد لبيان الأمير والرئيسين خاصة فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وهؤلاء يمكن أن نطلق عليهم "سنيدة" أمريكا في دعم الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني بقطاع غزة والضفة الغربية واغتيال قادة المقاومة من حزب الله وحماس بالمسيرات والاعتداء على مدن المقاومة في اليمن والعراق وسوريا.. وأيضا بيانات الدعم والتهليل من قبل الدول العربية دائمة العضوية بالقواعد العسكرية الأجنبية.
خرج الوزير المتطرف بحكومة الاحتلال سموتريتش يرد على البيان المصري القطري الأميركي بأن الوقت لم يحن بتاتاً لصفقة خضوع توقف الحرب قبل "القضاء على حماس".. فهو يرى في الاقتراح مساواة بين الرهائن الإسرائيليين و"إرهابيين حقيرين يقتلون اليهود" سيتم إطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية.
وأضاف الوزير المتطرف والذي يشغل منصب وزير المالية إن الوقت ليس مناسبا على الإطلاق للفخ الخطير الذي يفرض فيه الوسطاء علينا صفقة استسلام من شأنها أن تهدر دماءنا التي أريقت في هذه الحرب العادلة.


ليرد عليه المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي قائلا إنه يجب أن يخجل من تشكيكه في نوايا الرئيس جو بايدن، لأن فكرة دعم الرئيس اتفاقا يعرض أمن إسرائيل للخطر هي فكرة خاطئة من الناحية الواقعية، إنها فاضحة وسخيفة.. فهو يقول ذلك في الوقت الذي وجه فيه الرئيس بايدن الجيش الأمريكي إلى الشرق الأوسط للدفاع بشكل مباشر عن إسرائيل من أي هجوم محتمل من إيران أو غيرها من الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران. 
تصريحات المتحدث الأمريكي تغني عن أي تعليق وتؤكد أن المسألة تأتي في سياق أوكازيون العروض الأمريكية لمنع أو تعطيل الرد الإيراني والمقاومة العربية على التجاوزات الإسرائيلية.. وهو ما أكده مسؤول الاستخبارات الإسرائيلي السابق داني سيترينوفيتش لصحيفة "نيويورك تايمز" بأن واشنطن وحلفاؤها يسعون إلى الحد من هجوم إيران وحزب الله. 

 

الحق الإيراني غير مرتبط بغزة  


أما إيران والمقاومة العربية التي تتلاعب بأعصاب الاحتلال وأعوانه من خلال عدم الرد العسكري حتى كتابة هذه السطور فقد قالت البعثة الإيرانية بالأمم المتحدة إن أولويتنا إرساء وقف دائم لإطلاق النار في غزة وأي اتفاق تقبله حماس والمقاومة الفلسطينية سنعترف به.. وفي ذات الوقت لنا حق الدفاع عن النفس ولا علاقة لذلك بوقف إطلاق النار في غزة، الكيان الإسرائيلي انتهك أمننا القومي وسيادتنا بعمله الإرهابي الأخير.
ليرد من يوصف بمسؤول كبير بالإدارة الأمريكية من خلال تصريحات نقلتها عدة وكالات وصحف موالية لأمريكا وشركائها تقول “أي تصعيد إيراني من شأنه تقويض التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة".. وأنه لا يوجد أساس شرعي لدى إيران لشن هجوم عسكري ضد إسرائيل وسنكون مستعدين لأي طارئ. 
علماً بأن الشرعية قد حصلت عليها إيران باعتراف 57 دولة عربية وإسلامية خلال الاجتماع الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي بمدينة جدة السعودية والذي عقد يوم الأربعاء/ 7 أغسطس 2024/ بناء على طلب إيران وفلسطين.. حيث كان لإيران والمقاومة ما أرادت فقد دانت منظمة التعاون الإسلامي في بيانها الختامي وبشدة اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق إسماعيل هنية، خلال تواجده في العاصمة الإيرانية طهران، وحملت المنظمة إسرائيل، المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء الآثم الذي يشكل جريمة عدوان وانتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة واعتداء خطيراً على سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسلامتها الإقليمية وأمنها القومي. كما أدانت المنظمة الاغتيالات السياسية التي تستهدف القيادات الفلسطينية، محملة إسرائيل "سلطة الاحتلال غير الشرعي" المسؤولية الكاملة عنها.
ووفقا لذلك البيان تكون طهران قد حصلت صك بشرعية الهجوم على إسرائيل.. ويبقى أن ننتظر ساعة تقرع فيها أجراس صواريخ ومسيرات إيران والمقاومة العربية في لبنان، والعراق، واليمن، وسوريا.. وليبقى الاحتلال الإسرائيلي واقفا على “قدم ونصف" على حد وصف الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله والذي قال في كلمته في ذكرى مرور أسبوع على اغتيال القيادي العسكري بالحزب فؤاد شكر "إن الانتظار الإسرائيلي هو جزء من العقاب والمعركة" مؤكدا أن محور المقاومة سيرد على التجاوزات والمجازر الإسرائيلية لكن بتأن وروية.
وما يزيد من توتر وحيرة الاحتلال وأعوانه أن نصر الله حدد خيارين ستنفذهما حتماً جبهات المقاومة الثلاثة المعنية بالرد على الكيان (إيران وحزب الله واليمن)، فإما رد متزامن أو نحن أمام ردود منفصلة من ناحية التوقيت. 
وفي ذات الوقت أكد نائب قائد حرس الثورة الإيراني العميد علي فدوي أن أوامر قائد الثورة (يقصد المرشد الأعلى آية الله علي خامني) واضحة وصريحة بشأن معاقبة الاحتلال بشكل شديد والانتقام لدماء الشهيد هنية، وسيتم تنفيذ أوامر قائد الثورة بأحسن وجه ممكن وهذه وظيفة إيران الحالية.

تم نسخ الرابط