الطب الاستعماري يحكم البشرية
الوباء "إكس" أشد فتكا من فيروس كورونا يهدد العالم
منذ تراجع تأثير فيروس كورونا، وانقشاع الجائحة التى أودت بحياة الملايين حول العالم، يحذر العلماء من فيروس جديد أشد فتكا بالبشرية، وعملت مواقع التواصل الاجتماعي على زيادة المخاوف من وباء مجهول قد ينتشر فجأة في العالم، أطلق العلماء عليه مصطلح "الوباء إكس"، ولا يشير مصطلح " الوباء إكس" إلى مرض بعينه، وإنما وباء مفترض قد يظهر في أي وقت، وينتشر مشكلا خطورة على حياة الناس وأكثر فتكا بـ 20 مرة من كورونا.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من "الوباء إكس"، وقال مدير المنظمة تيدروس أدهانوم جيبريسوس، إن العالم يخطط لمواجهة جائحة دولية يمكن أن تتسبب في وفيات أكثر 20 مرة من فيروس كورونا، مطابا بالاستعداد لمواجهة هذا الوباء المفترض، وعبر عن تفاؤله بتوصل البلدان لاتفاق بشأنه قبل مايو المقبل.
الفيروس القاتل
وبحسب موقع "ديلى إكسبرس"، كشف الدكتور أميش أدالجا، الباحث بمركز جونز هوبكنز للأمن الصحي في الولايات المتحدة الأمريكية، عن جائحة منتظرة من فيروس ينتقل من حيوان للإنسان، أكثر خطورة من فيروس كورونا، الذي قتل أكثر من 7 ملايين شخص، وفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية.
وأوضح أن هناك سلالات من الفيروسات ذات معدلات وفيات عالية للغاية يمكن أن تطور القدرة على الانتقال بكفاءة من إنسان إلى آخر، واقترح أدالجا أن الفيروس القاتل، وهو على الأرجح فيروس تنفسي، يمكن أن ينتشر بالفعل في الأنواع الحيوانية وسيكون قادرا على الانتقال إلى البشر.
وقال أدالجا، إن هذا الفيروس قد يكون في الخفافيش مثل فيروس كورونا، أو يمكن أن يكون في الطيور مثل أنفلونزا الطيور، أو "قط الزباد" المسؤول عن فيروس سارس، الذي حصد مئات الضحايا في الصين وهونغ كونغ، والوطواط المسؤول عن فيروس إيبولا، والقرد المسؤول عن الإيدز.
ويضيف أن الأمر يتعلق بالاختلاط بين البشر والحيوانات، حيث تحدث التفاعلات، موضحا أنه تحدث هذه الأنواع من الفيروسات على موطئ قدم، وإذا لم نكن مستعدين، فإن مرضًا بهذا الحجم يمكن أن يسبب ضررًا أكبر من كورونا.
وأكد أدالجا: إذا كان أدائنا سيئا للغاية في ظل كورونا، فيمكنك أن تتخيل مدى سوء أدائنا مع فيروس مثل ما حدث مثل عام 1918، في إشارة إلى وباء الإنفلونزا عام 1918 الذي أودى بحياة ما يقدر بنحو 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.
وقال أدالجا إن الدرس الكبير الآخر المستفاد من كورونا هو الحاجة إلى الانفتاح، مضيفا، أعتقد أن ما نراه الآن هو عدم الثقة بين أطباء الأمراض المعدية وممارسي الصحة العامة وعامة الناس، لأن ما حدث هو أن السياسيين أدخلوا أنفسهم في هذا الأمر، قد لا يكون الناس متقبلين في الواقع للإجراءات الوقائية التي أوصى بها مسؤولو الصحة العامة.
كيف تصنع الأمراض
"كيف تصنع الأمراض منذ العصر القديم حتى اليوم؟" كان ذلك عنوان كتاب للمؤرخ وطبيب العيون الألماني رونالد ريتمار جرسته في مارس عام 2019، أي قبل ظهور فيروس كورونا بأشهر قليلة.
ويؤكد أن الأمراض والأوبئة ساهمت في صنع التاريخ، كما ارتبطت دائمًا بالسياسة والاقتصاد على مر العصور وأثرت على نتائج الحروب، وكان لها الأثر في تحديد حياة وثقافة ووعي الشعوب، وهو ما يشير بقوة الي وقوف منظمات دولية وراء صناعة الأوبئة العالمية..
وخصص الكاتب فصولًا لموضوع الأوبئة والأمراض مثل الطاعون أو ما كان يسمي بالموت الأسود الذي فتك بأوروبا، أو مرض الزهري، أو مرض الجدري، إضافة إلى مرض النقرس الذي يتسبب في الوفاة المبكرة والوباء العالمي الكوليرا، ثم الأنفلونزا الإسبانية.
وألمح إلي تعمد صناعة الأوبئة لتغيير صورة العالم، مشيرا الي سلوك الدول التى تتعمد إخفاء المعلومات الحقيقية عن أسباب الوباء أو العدد الحقيقي لضحايا الوباء، واحتكار السلع وانتشار هاجس الشراء، وانتشار بعض مظاهر العنصرية والتهم المتبادلة، ومظاهر سرقة المواد الطبية، وهو ما حدث بالفعل خلال أزمة وباء كورونا.
الطب الإمبريالي
وفي كتاب "الطب الإمبريالي والمجتمعات المحلية" حلل المؤرخ ديفد أرنلود أستاذ التاريخ الآسيوي بجامعة وارويك البريطانية، سياسات الاستعمار الصحية والطبية في القرنين التاسع عشر والعشرين، معتبرا أن الطب الحديث الذي جلبه المستعمرون إلى البلاد والمجتمعات التي احتلوها كان الهدف منه خدمة المصالح الاستعمارية فحسب، مستشهدا باحتلال بريطانيا لمصر والهند، واحتلال بلجيكا للكونغو، واحتلال جنوب أفريقيا والفلبين وغيرهما.
وقال المؤلف في كتابه الذي ترجمه الطبيب مصطفى إبراهيم فهمي، إن "طب المناطق الحارة" أنشئ خصيصا لحماية الجنود الأوروبيين وليس المجتمعات المحلية، وأورد مفارقة السلطات الإنجليزية التي اكتشف أحد علمائها داء ودودة البلهارسيا في مصر لكنها تركت آلاف المصابين في مصر يواجهون مصيرهم، لأن الإرسالية الإنجليزية كانت في مأمن من المرض المحلي، بينما اتخذت إجراءات صحية ووقائية في جنوب أفريقيا لأن البيض كانوا في خطر من التعرض للداء نفسه.
ويرى المؤلف أن الطب كان وسيلة "أيديولوجية" لنشر الرؤى الاستعمارية، وأن تدخل الأطباء لعلاج سكان المستعمرات كان بغرض أن لا تتناقص الأيدي العاملة في الزراعة والصناعة والتعدين من جراء الأوبئة، وكذلك لحماية السكان الأوروبيين، وجرى استخدامه كذلك لأغراض التبشير الديني عبر إظهار التعاطف مع الآلام الجسدية.
معاهدة دولية للأوبئة
وفي كتابه "الأوبئة والتاريخ.. المرض والقوة والإمبريالية" من تأليف شلدون واتس، يدرس المؤلف تاريخ الطب عامة وعلم الأوبئة بشكل خاص، ويسلط الضوء كذلك على علاقة الإمبريالية والحركة الاستعمارية بانتشار الأمراض الوبائية في مناطق جديدة لم تكن موجودة فيها من قبل، ويحلل كيف استخدمت الإمبريالية مفهوم "مقاومة الأمراض الوبائية" لتتمكن من اختراق دول أفريقيا وآسيا والأميركيتين، ونقل الأفكار الاستعمارية وتطبيقاتها، معتبرا أن نشأة المؤسسات الطبية التي أسسها الغرب تندرج ضمن السياق نفسه، وما هي إلا علاقات قوة وسيطرة بين الحاكمين والمحكومين.
مع انتشار المخاوف من ظهور فيروس جديد يهدد البشرية، دعا علماء بوضع معاهدة دولية لمنع انتشار الأوبئة"، على غرار معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، لانه يفوق التهديد "، وهو ما تحركت له منظمة الصحة العالمية من خلال وضع آلية دولية لمواجهة "التهديد الفيروسي"، وإلزام كل دولة بالإعلان الفوري عند ظهور أي مرض غامض أو متحور لمرض معروف.