و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

تولى المنصب فى عمر 36 عاماً

عزيز صدقي.. مهندس الصناعة المصرية وحكاية أول قانون لحماية المستهلك

موقع الصفحة الأولى

دولة رئيس الوزراء عزيز صدقي.. كان معروفا بعبقريته منذ شبابه، ومنحه الشعب المصري لقب أبو الصناعة، بسبب دوره في نهضة مصر الصناعية، واختياره وزيرا للصناعة بعد ثورة يوليو وعمره 36 عاما فقط في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وتولى رئاسة الوزارة في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، واشتهر بانحيازه للعمال وحقوقهم، ورفض أن تظل مصر بلدا زراعيا.

والدكتور عزيز صدقي من مواليد 1 يوليو 1920 في القاهرة، وبعد حصوله على بكالوريوس الهندسة من جامعة القاهرة قسم العمارة عام 1944، سافر إلى الولايات المتحدة لإكمال تعليمه، فحصل على الماجستير الأول من جامعة أورجون، عام 1947، والثاني من جامعة هارفارد عام 1949، ثم الدكتوراه في التخطيط الإقليمي من نفس الجامعة عام 1951، وكانت رسالة الدكتوراه تحت اسم: "تصنيع مصر.. دراسة لإنشاء صناعة الحديد والصلب في مصر".

وبعد عودته، تم تعيينه مدرسا في كلية الهندسة عام 1951، وبعد قيام ثورة 23 يوليو، ساهم في تأسيس مشروع مديرية التحرير، وعين مديرا عاما له عام 1953، ثم مديرا عاما لمركز الكفاية الإنتاجية والتدريب المهني عام 1955، ثم اختير عضوا متفرغا في مجلس الخدمات برئاسة عبد اللطيف بغدادي، وهنا كان لقائه مع عبد الناصر.

لقاء عزيز صدقي وعبد الناصر

ويروي عزيز صدقي قصة ذلك اللقاء، قائلا إن عبد الناصر زارهم في مجلس الخدمات، وعندما تحدث معه طلب منه شرحا عن رسالته للدكتوراه، وبعدها أبدى الزعيم الراحل سعادته، مؤكدا أن الخطوة الأولى في عملهم تمضي في الاتجاه العلمي الصحيح، وفوجئ في اليوم التالي بـ محمد حسنين هيكل يقول له إن الرئيس يريد مقابلته.

وبعدها اختاره عبد الناصر ليكون أول وزير صناعة مصري عام 1956، وكان وقتها ابن الـ 36 عاما، وكانت أولى مهامه وضع برنامجا وميزانية لمشروع التصنيع المصري، وبعد مناقشة مستفيضة ومعمقة قال له الرئيس: "يا عزيز لو نفذنا 40 ٪ فقط من ذلك البرنامج سيكون إنجازا عظيما". وبالفعل تم تخصيص 12 مليون جنيه كأول ميزانية للتصنيع.

أول سيارة مصرية

وفي عهد عزيز صدقي شهدت مصر طفرة اقتصادية كبيرة، وتم إدخال صناعات لأول مرة، ومنها مشروع تجميع أول سيارة مصنوعة في مصر عام 1959، وقال عنها إن عبد الناصر طالبه بتصنيع سيارة مناسبة للموظف الصغير وتتسع لركوب زوجته وأولاده، كما شدد على دراسة كيفية سداد المواطن المصري لثمنها، على أن يتم بيعها بالتقسيط، وبالفعل وضعت خطة لإنتاج 12 ألف سيارة، وكان الإقبال على الحجز كبيرا.

وبنى المهندس عزيز صدقي مئات المصانع، ضمن خطة الألف، مع التركيز على الصناعات الثقيلة والاستراتيجية مثل الحديد والصلب والصناعات الغذائية والهندسية والأجهزة الكهربائية، وقال إن ما تم بنائه تخطى رقم الألف مصنع بكثير، وذلك لتحقيق استقلال مصر الاقتصادي.

 

أول قانون لحماية المستهلك

كما ينسب لأبو الصناعة المصرية وضع أول قانون لحماية المستهلك، والذي قرر للدولة حق تسعير السلع، وكان ذلك بهدف عدم استغلال صاحب المصنع للتقلبات السوقية واحتياجات المستهلكين للمنتج في الأسعار، كما اهتم بتحسين أوضاع العمال وظروف المعيشية وعرف بنصرته الدائمة لهم.

وفي عهده انشأت المصانع الحربية لإمداد الجيش بالسلاح والذخيرة، وبفضل القاعدة الصناعية الكبيرة التي بناها، نجح القطاع الصناعي في الوقوف على قدميه بعد نكسة 1967، مع التركيز على خدمة المجهود الحربي وإعداد الجيش لمعركة العبور.

وشغل عزيز صدقي عضوية اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكي العربي عام 1962، ونائب رئيس الوزراء للصناعة والثروة المعدنية، ووزير التعدين والبترول، ووزير الصناعات الخفيفة، كما عين مشرفا على الصناعة الثقيلة والقوى الكهربائية في حكومة علي صبري الثانية عام 1964، ولكنه قدم استقالته عام 1965 بسبب خلافه مع علي صبري.

كما عين مستشار رئيس الجمهورية للإنتاج والتنمية الصناعية، ثم عاد وزيرا للصناعة عام 1967، ووزيرا للبترول والثروة المعدنية عام 1969، وعضوا في مجلس الأمة في نفس العام، وعضوا في المجلس الأعلى للدفاع المدني عام 1970.

رئيس الوزراء عزيز صدقي

وكلفه الرئيس أنور السادات بتشكيل الحكومة عام 1972، كما أصبح عضوا باللجنة العليا للإعداد للمعركة، ولكنه قدم استقالته عام 1973، وعينه السادات مساعدا لرئيس الجمهورية في نفس العام، ليستمر في دوره في الإعداد لنصر أكتوبر، من خلال توفير احتياجات الشعب والجيش من السلع عبر مخزون استراتيجي يكفي مصر لمدة أربعة أشهر، ما جعلها لا تنتظر الدعم من الخارج.  

ومنحه الزعيم جمال عبد الناصر وشاح النيل عام 1958 وقلادة الجمهورية، والتي منحها له أيضا الرئيس محمد حسني مبارك عام 1982، وتوفى الدكتور عزيز صدقي أبو الصناعة المصرية في 25 يناير 2008، بعد دخوله في غيبوبة أثناء علاجه في مستشفى جورج بومبيدو بالعاصمة الفرنسية باريس، عن عمر يناهز الـ 88 عاما.

تم نسخ الرابط