الأولى و الأخيرة

والذين معه

قصة مقتل عمر بن الخطاب وكيف تنبأ باستشهاده في المدينة المنورة

موقع الصفحة الأولى

اليوم لقائنا مع الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الذي كان إسلامه عزا، وهجرته نصرا، وخلافته رحمة، كما قال عنه ابن مسعود رضي الله عنه، واسمه بالكامل عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر "وهو قريش" بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، فهو عدوي قرشي.

 وكانت كنيته ابو حفص، والحفص يعني الأسد، بسبب شجاعته وقوته وخفته، ولقب بالفاروق لأن الله عز وجل فرق به بين الكفر والإيمان وبين الحق والباطل، وولد عمر بن الخطاب في مكة المكرمة في عام 590 ميلاديا، على أرجح الروايات، وكان يصغر النبي صلى الله عليه وسلم- بحوالي ثلاث عشرة سنة تقريبا.

 

صفات عمر بن الخطاب

وكان عمر بن الخطاب ضخم الجسم، طويلا، أصلع الرأس، كثيف اللحية، عريض الكتفين، قوي البنية، كما كان في عينيه حَوَرٌ، وفي لحيته بعض الصُفرةٌ، وفي عينيه حُمرة، وكان لون بشرته يميل إلى السمار، وتحكي بعض الروايات أنه لونه كان يميل إلى البياض، ولكنه اسمرّ في عام الرّمادة بسبب ما أصابه من التّعب والجهد والجوع تحت أشعة الشّمس وهو يرعى أحوال الرعية.

وعرف عن عمر بن الخطاب شدة الزهد، حتى أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال عنه: "يرحم الله عمراً، من يطيق ما كان يطيق عمر؟".

هيبة عمر

والهيبة، كانت أكثر ما عرف عن عمر بن الخطاب، بسبب جسمه الضخم وقوة شخصيته وزهده، فكان لا يخشى شيئا في الحق، ومع هذه الهيبة، اتصف برقة القلب والخشوع والبكاء في الصلاة وأثناء تلاوة القرآن، حتى أن الصحابة كانوا يسمعون صوت بكائه وهو يقرأ القرآن، كما كان في وجهه خطان أسودان من أثر الدّموع، كما شبهه رسول الله بنبي الله نوح عليه السّلام، بسبب شدته في شرع الله.

كما عرف عن عمر بن الخطاب الغيرة الشديدة، فقد روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ قالَ: بيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي في الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إلى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلتُ: لِمَن هذا القَصْرُ؟ فَقالوا: لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا، فَبَكَى عُمَرُ وقالَ: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يا رَسولَ اللَّهِ).

 

زوجات عمر

وتزوّج عمر بن الخطاب سبع نساء في الجاهليّة والإسلام، وهن زينب بنت مظعون، ومليكة بنت جرول وطلّقها، وقُريبة بنت أبي أُميّة المخزوميّ، وطلّقها، وأُم حكيم بنت الحارث بن هشام، وطلّقها، وهناك روايات اخرى تقول إنه لم يطلقها، وجميلة بنت عاصم، وعاتكة بنت زيدُ، وأخيرا أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما.

 

أولاد عمر بن الخطاب

وأنجب عمر بن الخطاب تسعة ذكور، وهم: عبد الله وعُبيد الله وعاصم وزيد الأكبر وزيد الأصغر وعبد الرحمن الأكبر وعياض وأبو شحمة عبد الرحمن الأوسط وعبد الرحمن الأصغر، وسبع إناث، وهن: حفصة أم المؤمنين، ورُقيّة وفاطمة وعائشة وصفيّة وجميلة وزينب.

وعمل عمر بن الخطاب قبل الإسلام في رعي الإبل، وفي شبابه انتقل للعمل بالتجارة، واستطاع أن يجمع ثروة كبيرة.

وأسلم أبو حفص وكان سنه في السادسة والعشرين، وترتيبه الأربعين فيمن دخلوا الإسلام، وهناك خلاف على تاريخ دخوله الإسلام، فيقول ابن إسحاق إنه أسلم بعد الهجرة الأولى إلى الحبشة، أما الواقدي فيقول إنه دخل في الإسلام في شهر ذي الحجة من السنة السادسة للبعثة.

 

قصة إسلام عمر بن الخطاب

وبدأت إسلام عمر بن الخطاب، عندما خرج وهو ينوي قتل الرسول عليه الصلاة والسلام، فقاب رجل في طريقه وقال له إن أخته دخلت الإسلام، فقرر الذهاب إليها غاضبا وهو ينوي أن يؤذيها، وعندما وصل إليها وجدها تقرأ آيات من سورة طه، فتأكّد  أنها أسلمت، فضربها هي وزوجها، وعندما شاهد الدم يسيل من رأسها، رق إليها، وطلب منها رؤية ما كانت تقرأه، فاشتطرت عليه أن يغتسل أولا، فقرأ من سورة طه حتى، وصل إلى آية ﴿ إِنَّني أَنَا اللَّـهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدني وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري﴾.

وبعدها، ذهب الفاروق إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكان يجلس مع مجموعة من الصحابة، فأعلن إسلامه ونطق الشهادة.

وهاجر عمر بن الخطاب إلى المدينة المنورة في العلن ولم يتخفى، وتحدى قريش وقتها، فخرج إلى الكعبة، وطاف بها سبع مرات، وصلّى ركعتَين عند المقام، ثمّ ذهب إلى الكفار وهو يحمل سيفه وقوسه وسهامه، وقال لهم: "شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلّا هذه المعاطس، مَن أراد أن تثكله أمّه ويُيتّم ولده وتُرمّل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي"، فلم يجرؤ أحدا على اللحاق به.

 

استشهاد عمر بن الخطاب

يروي البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استُشهد عام 23 هجرية، حيث قتله أبو لؤلؤة المجوسي، وكان غلام المغيرة بن شعبة، وذلك وقت إمامة الفاروق للمسلمين في صلاة الفجر، حيث طعنه أبو لؤلؤة عدة مرات أدت إلى وفاته بعد أيام من الطعنة، وظل المجوسي يطعن المسلمين الواقفين في الصلاة، وأصاب منهم 13 رجلا، استشهد منهم 7، وعندما تيقن أنه سيقبض عليه، نحر نفسه.

ويروي عمرو بن ميمون واقعة استشهاد عمر بن الخطاب، قائلا: "إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس، غداة أصيب، وكان إذا مرّ بين الصفين، قال استووا، فإذا استووا، تقدّم فكبّر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى، حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبَّر، فسمعته يقول: (قتلني -أو أكلني- الكلب).

 

نبوءة عمر بوفاته شهيدا في المدينة

ويروى أن عمر بن الخطاب، وبينما كان في آخر حجّة له، وخلال طريق العودة إلى المدينة، دعا الله عز وجل قائلاً: "اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي، وضَعُفَتْ قُوَّتي، وانتشرَتْ رَعِيَّتي، فاقبِضْني إليكَ غيرَ مُضَيِّعٍ ولا مُفَرِّطٍ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً في سَبيلِكَ، واجْعَلْ مَوْتي في بَلَدِ رَسولِكَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) فسمعته ابنته أم المؤمنين حفصة، فقالت له: أنى يكون هذا؟ فقال لها عمر: "يأتي به الله إذا شاء".

وبعدها حمل أبو حفص إلى داره، ثم قال: (يا ابن عباس، انظر من قتلني)، فقال: غلام المغيرة، قال: الصَّنَع (يشير إلى غلام المغيرة بن شعبة، أبو لؤلؤة فيروز)، قال: نعم، فقال عمر: (قاتله الله لقد أمرت به معروفًا، الحمد لله الذي لم يجعل منيّتي بيد رجل يدّعي الإسلام.

 

دفن عمر بن الخطاب

أمر عمر بن الخطاب، ابنه عبد الله، أن يستأذن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها، بأن يُدفن بجوار صاحبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه، فأذنت له.

تم نسخ الرابط