والذين معه
أسد الله حمزة بن عبد المطلب.. أبو جهل سبب إسلامه وهند أكلت كبده
من نعم الله عز وجل علينا أن بعث فينا رسولا يخرجنا من الظلمات إلى النور، ويهدينا إلى الصراط المستقيم، وكان معه وحوله رجالا تعلموا منه وتربوا على يديه، وشربوا من علمه وأخلاقه وفضائله، فكانوا أسبق الناس للإيمان بالنبي، والجهاد معه دفاعا عن الدين والدعوة إليه، ومنهم من هاجر معه، ومنهم من آوى ونصر، ومنهم من أسلم ولحق بالرسول وبالسابقين الأولين قبل الفتح وبعده، وهم من قال فيهم ربنا في كتابه الكريم: «مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ.. » سورة الحجرات من الآية 29.
وخلال شهر رمضان 2024، يعرض موقع الصفحة الأولى، مجموعة من قصص صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حلقات على مدار الشهر الكريم، لنهتدي بهم ونسير على دربهم المضيء.
حمزة بن عبد المطلب
هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة، وكان أكبر من النبي بسنتين، وقيل أربع في بعض الروايات.
ولقب سيدنا حمزة بأسد الله، وكنيته أبو عمارة، وهو سيد الشهداء، وكان أشجع الرجال والفرسان في الجاهلية، وأسلم في السنة السادسة من البعثة النبوية، وكان السبب في إسلامه واقعة شهيرة، عندما تعرض أبو جهل للرسول وآذاه وأسمعه ما يكره، فلم يرد عليه الرسول، وكان وقتها حمزة في رحلة صيد.
سبب إسلام حمزة بن عبد المطلب
وكان حمزة بن عبد المطلب عندما يعود من رحلات الصيد، لا يرجع إلى بيته، بل يطوف بالكعبة أولا، وعندما يمر على نفر من قريش يقف معهم ويكلمهم، ووقتها حدثته سيدة كانت مولاة لعبد الله بن جدعان التيمي، بما حدث للرسول والأذى الذي تعرض له، فتملك منه الغضب، وذهب مسرعا إلى أبو جهل وكان جالسا وسط قومه عند الكعبة، وعندما وجده ضربه بالقوس على رأسه ضربة شديدة، وقامت رجال من قريش وتحديدا من بني مخزوم، للدفاع عن أبي جهل، وقالوا له: "ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت، أي أسلمت" فرد عليهم أسد الله قائلا أنا أشهد أنه رسول الله، فرد عليهم أبو جهل: دعوا أبا عمارة فإني والله لقد سببت ابن أخيه سبًا قبيحًا".
وعز الإسلام والمسلمون بإسلام حمزة بن عبد المطلب، عزا عظيما، ووقتها تيقنت قريش أن حمزة سيحمي الرسول وسيمنع عنه الأذى، فكفوا عنه بعض ما كانوا يؤذونه به.
وهاجر حمزة مع المسلمين من مكة إلى المدينة وشارك في بناء الدولة الوليدة، كما شارك في غزة بدر، وكانت له فيها وقائع عظيمة.
وكان حمزة بن عبد المطلب صاحب أول لواء عقده رسول الله، عندما بعثه في سرية إلى سيف البحر من أرض مهينة.
قتال سيدنا حمزة في غزة بدر
وكان حمزة يضع ريشة نعامة على جسده، وقاتل في غزوة بدر بسيفين، وبعد انتهاء الغزوة، سأل بعض أسرى المشركين: " من الرجل المعلم بريشة نعامة"، فقيل لهم: حمزة، فقالوا: "ذاك فعل بنا الأفاعيل".
ويروي الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لما كان يوم بدر ودنا القوم منا إذا رجل منهم على جمل له أحمر، يسير في القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا علي نادِ لي حمزة» وكان أقربهم من المشركين من صاحب الجمل الأحمر، فجاء حمزة وسئل عن صاحب الجمل الأحمر، فقال: هو عتبة بن ربيعة وهو ينهى عن القتال، فبرز عتبة وشيبة والوليد فقالوا: من يبارز، فخرج فتية من الأنصار فقال عتبة: لا نريد هؤلاء، ولكن من يبارزنا من ولد عمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قم يا علي قم يا حمزة قم يا عبيدة بن الحارث".
ووقتها بارز حمزة بن عبد المطلب شيبة فقتله، وبارز علي الوليد فقتله، وبارز عبيدة عتبة، وبعدها هجم حمزة وعلي على عتبة بأسيافهما فقتلاه، وجيء بعبيدة إلى النبي، لكنه توفى بعدها شهيدا.
استشهاد حمزة بن عبد المطلب في غزوة أحد
وفي السنة الثالثة من الهجرة، شارك سيدنا حمزة في غزوة أحد، وقاتل فيها قتالا عظيما ممسكا بسيفين كعادته، وبينما كان يصول ويجول، حتى عثر عثرة فوقع على ظهره، وانكشف درعه، وكان وحشي الحبشي يتربص به وينتظره تحت صخرة، فرماه بالحربة.
وروى وحشي بعد إسلامه كيف قتل سيدنا حمزة قائلا: "كمنت لحمزة تحت صخرة حتى مرَّ عليَّ فلما دنا مني رميته بحربتي فأضعها في ثُنته حتى دخلت بين وركيه، وكان ذلك آخر العهد به.
وبعد انتهاء المعركة، مثّل كفار قريش بسيدنا حمزة وبجميع الشهداء يومئذ، وكان النساء يمثلن بالقتلى فيجدعن الأنوف ويقطعن الآذان ويبقرن البطون، ووقتها بقرت هند بنت عتبة، زوجة أبو سفيان بن حرب، بطن حمزة، وأخرجت كبده، ومضغتها ولم تسغها فلفظتها.
ووقف النبي بعدها ورأى حمزة وقد مثل بجثته، فتوجع قلبه، ويروى أنه بكى عليه وشهق عندما شاهد ما فعل فيه، وقال صلى الله عليه وسلم "رحمك الله أي عم، فلقد كنت وَصولًا للرحم فَعولًا للخيرات".
رضي الله عن أسد الله حمزة بن عبد المطلب، وصلى الله وسلم على رسولنا محمد.