اعتبروها غير معركة نزيهة مع مجموعة خونة
الجيش الإسرائيلي يطرد ضباط في مراكز حساسة رفضوا العدوان على غزة

ليست هي المرة الأولى من نوعها، أن يتمرد ضباط من الجيش الإسرائيلي على قيادة الجيش ورفض خوض معارك ضد الفلسطينين، لكن اليوم أعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، عن طرد ضابطين كبيرين، أحدهما طيار حربي، بسبب رفضهما المشاركة في الحرب على غزة التي عدّاها غير نزيهة وغير ضرورية.
ورغم أن قيادة الجيش الإسرائيلي رأت أنها حوادث فردية لا تؤثر على الروح القتالية في الجيش، لكن وسائل إعلام عبرية نقلت عن مصادر تقديرها أن قيادة الجيش منزعجة من تلك المواقف، وتذكرها بحالات سابقة تحولت فيها إلى ظاهرة.
وكشف الطيار آلون جير، والضابط في شعبة الاستخبارات العسكرية، ميخائيل ماير، في تدوينات عبر الشبكات الاجتماعية عن قرار كل منهما برفض الخدمة في الاحتياط، احتجاجاً على سياسة الحكومة الإسرائيلية وقرارها باستئناف الحرب على غزة.
وكتب ماير في منصة «إكس» إن الأمر الذي سيساعد أكثر شيء في الدفاع عن الشعب هو رفض المشاركة في القتال في خدمة مجموعة خونة، وعد ما يجري مناقضاً كلياً لمصلحة شعب إسرائيل.
وبعد إعلان الجيش الإسرائيلي عن التوقف عن استدعائه للخدمة في الاحتياط، كتب ماير مجدداً: "أصرّ على أي كلمة كتبتها"، وأضاف: "الأمر الأكثر سهولة بالنسبة لأشخاص مثلي هو الاستمرار في الانصياع. وكان بإمكاني الاستمرار في الخدمة، وأمكنني التهرب بسهولة وبذرائع متنوعة. واختياري التعبير عن موقفي علناً هو اختيار صعب، مع تبعات شخصية واجتماعية ونفسية ليست بسيطة، لكن هذا هو الاختيار الصحيح".
وتابع ماير: "يجب أن تكون هناك خطوط حمراء لأي شخص. لن أشارك في عملية تحركها دوافع غير موضوعية ومعناها هو التخلي عن المخطوفين كي يموتوا، وإرسال جنود كي يَقتلوا ويُقتلوا عبثاً، واستمرار التدهور المتعدد المجالات لدولة إسرائيل. وهذا كله تحت حكم فقد الشرعية منذ فترة طويلة ومن أجل الحفاظ على قوته فقط".
ضابط الطيران والـ 400 شهيد
وأما الضابط في سلاح الطيران آلون جير، فقد أعلن عن رفضه الطيران ضمن سرب الطائرات التي قصفت غزة، ليل الثلاثاء، وأوقعت أكثر من 400 شهيد، وقد طُرد من الجيش الإسرائيلي إلى الأبد.
وكتب جير عبر حساب له على مواقع التواصل الاجتماعي: "أنا رب عائلة تضم زوجة وثلاثة أطفال، وإسرائيل عزيزة علي جداً، لكنني لم أعد قادراً على مواصلة الخدمة العسكرية التي تكرس لخدمة حكومة فاسدة لا هم لها سوى البقاء في الحكم؛ حتى لو كان ذلك على حساب المحتجزين وعلى حساب قتل جنود في معركة زائدة".
وأضاف: "التحقت بالخدمة متطوعاً فور اندلاع الحرب في 7 أكتوبر ، دون تردد، وشاركت في المهام العسكرية، لكنني الآن لم أعد قادراً على الاستمرار. فقد تم تجاوز الحدود. وأصبحت حرباً غير نزيهة".
وأشار جير إلى أن قراره جاء بعد أن شعر بأن "الدولة باتت تتخلى عن مواطنيها عن عمد وفي وضح النهار، وأن الاعتبارات السياسية الحزبية الباردة والساخرة تتغلب على أي اعتبار آخر. وأن حياة البشر عند هذه الحكومة تفقد قيمتها. والحكومة صارت تقوم بتصفية حراسها (يقصد إقالة رئيس الشاباك والمستشارة القضائية للحكومة وغيرهما) بكل الطرق الممكنة".
وأثارت قضية الضابطين الكبيرين ردود فعل واسعة، مما جعل قيادة الجيش الإسرائيلي تحاول التقليل من أهميتها.
وبحسب صحيفة هآرتس، قال أحد كبار الجنرالات إن الحديث يجري عن "حالتين فرديتين"، لكن هناك مخاوف بين كبار المسؤولين من "احتمال توسع الظاهرة، ومن المتوقع أن يجروا محادثات مع عناصر الاحتياط في الوحدات المختلفة لمنع تكرارها".
ولكن تاريخ الحروب الإسرائيلية يشير إلى أن مظاهر تمرد واسعة بدأت بحالات فردية كهذه، ففي حرب لبنان الأولى سنة 1982، اشتهر العقيد إيلي جيبع، الذي كان يومها قائداً للكتيبة التي اجتاحت لبنان من راس الناقورة وتقدمت قواته حتى صيدا ثم شمالاً، ولكن عندما تلقت أوامر باحتلال بيروت، رفض.
وقال جيبع حينها: إن “هذا الاحتلال لا يخدم مصالح إسرائيل، ويورطها في حرب غير ضرورية وإنه ليس مستعداً للتضحية بقطرة دم واحدة من جنوده لمعركة تدخل في شؤون لبنان”.
وأيضا طُرد الضابط جيبع من الجيش الإسرائيلي إلى الأبد، وخلع البزة العسكرية وأقام مع آخرين حركة «يوجد حد» التي رفعت شعار رفض الخدمة في المناطق المحتلة.