و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

بعد إثارة الجدل حوله

خالد صلاح يدافع عن "معاوية".. ويؤكد: لم نستهدف دوره كخليفة

موقع الصفحة الأولى

مسلسل "معاوية" بعد أن أثار الجدل عقب عرض الحلقة الأولى منه، انبرى الكاتب الصحفي خالد صلاح للدفاع عن مسلسله "معاوية " الذي قام بكتابة قصته حيث قال: "معاوية ، لم يكن مجرد رجل دولة، أو قائد عسكري يخوض معاركه على أسنة الرماح ، بل كان إنسانًا، صاغته الأيام كما تصوغ النار الحديد، قاسيًا حين تستدعي الحاجة، ولينًا حيث ينبغي التروي والتدبر". 

وأكد خالد صلاح أن  أن فكرة مسلسل معاوية بدأت كمشروع مع MBC Studios، مشيرا إلى أن غايته لم تكن صوغ حكاية تُضاف إلى سجل الروايات المتضاربة، ولم يكن قصده الانتصار لرؤية على أخرى، مضيفا: "أردنا أن نقترب من معاوية، لا كخليفة نقش اسمه على دواوين الحكم، بل كإنسان وجد نفسه في قلب زلزال لا يهدأ، وأجبرته الحياة على أن يكون لاعبًا رئيسيًا في صراعات لم يخترها بنفسه، بل ألقتها الأقدار بين يديه".

وتابع صلاح "تأمل معي في ترو ماذا جرى في دراما التاريخ ، تصور فتى نشأ في بيت العظمة، تحت سقف أغنى بيوت قريش، ثم فجأة تهتز الأرض من تحته. أخته رملة، الأقرب إلى قلبه، تترك أهلها وتفر مع زوجها إلى الحبشة، تاركة خلفها إرثًا من التساؤلات والوجع. وأمه هند، التي كانت سيدة مكة بلا منازع، تهوي أمام عينيه من قمة الجبروت إلى وادٍ من الخسائر والانكسار. فقدت أباها وأخاها وعمها  في بدر، وظلت تحمل جراحها حتى جاء يوم أحد، فتنفست الصعداء بالانتقام المجرم المقيت ، لكن الرياح لا تستقر طويلًا، فما لبثت أن وقفت بعد أعوام، وهي التي كانت تملأ الدنيا عنادًا، وقفت أمام النبي محمد بن عبد الله، ترفع صوتها بالشهادة، وتدخل دين من كانت بالأمس تسعى للنيل منه بالدم والنار ، كيف يقرأ فتى صغير ( آنذاك ) في مثل عمر معاوية هذا المشهد؟ كيف يفهم التحولات الجارفة التي جعلت من قريش القوية ، قريشاً المغلوبة  ، ثم من قريش المغلوبة بالأمس إلى القبيلة القائدة للدين الجديد ؟"

ليس رجل سيف ولا ناسكا 

وأكد صلاح أن معاوية لم يكن رجل سيف كخالد بن الوليد، ولا ناسكًا زاهدا كعلي بن أبي طالب ، ولا قارئا حافظا كعبد الله بن مسعود ، ولا أقرب للنبي مثل حذيفة بن اليمان أو عمار بن ياسر، لكنه كان رجل التدبر الطويل والانتظار الصامت. من طفولته، أدرك أن الانتصارات ليست كلها في ساحات القتال، وأن الحرب ليست دائمًا حلًا، بل أحيانًا تكون الحرب هي المصيدة التي يقع فيها المتعجلون. تعلم أن النصر الحقيقي هو أن تصمد حين يسقط الآخرون، وأن تدير المعركة بالعقل لا بالغضب.

وأضاف صلاح: "لكن أي حياة يمكن أن تمضي بلا خسائر؟ فقد أحب، وعرف مرارة الفقد. رحلت عنه زوجته الأولى، التي كانت أقرب إلى قلبه من كل شيء. مات ابنه عبد الرحمن، فانطفأت في داخله شعلة الأبوة. رأى أخاه يزيد ينهار أمامه تحت وطأة الطاعون، ولم يكن في يده سوى أن يشاهد الموت وهو يأخذ منه أحبته واحدًا تلو الآخر. ثم جاء حب آخر، ميسون بنت بحدل، لكن الحب وحده لم يكن كافيًا. لم تحتمل حياة القصور، لم تر في الذهب والحرير ما يغريها بالبقاء، فتركت كل شيء وعادت إلى البادية، إلى حياة البساطة التي لم يستطع معاوية، بكل ما لديه، أن يمنحها إياها".

وأشار صلاح إلى أن "الطعنة الكبرى في حياة معاوية كانت مقتل ابن عمه وخليفة المسلمين عثمان بن عفان. فجأة، لم يعد معاوية واليًا يدير شؤون الشام من بعيد، بل أصبح الرجل الذي يرى نفسه مسؤولًا عن دم عثمان، عن الثأر، عن تحقيق العدالة كما يراها هو من وجهة نظره ، صار هو ولي الدم في عائلة تطالبه بالانتقام من القتلة" .

معاوية والصراع مع علي بن أبي طالب 

وشدد صلاح على أن الصراع مع علي بن أبي طالب لم يكن خيارًا سهلًا لمعاوية، ولم يكن كرهًا في الإمام العادل، ولكنه وجد نفسه وسط معادلة لم يعد يملك رفاهية الانسحاب منها، معادلة حكمتها السياسة بقدر ما حكمها الدم.

وقال صلاح : "حكايتنا في هذا المسلسل ليست عن رجل يبحث عن السلطة لمجرد السلطة، ولم تكن قصة رجل خُلق لينتصر أو يُهزم، بل كانت مسيرة رجل تعلم كيف يتحايل على الريح، كيف لا يواجه العاصفة بعناد المغامرين، بل بحكمة من يعرف أن البحر لا يخضع إلا لمن يتقن فن الإبحار. لهذا كان معاوية شخصية درامية بامتياز، لأنه لم يكن ذلك القائد الذي يحسم الأمور بحد السيف وحده ، بل كان ذلك العقل الذي يحسب كل خطوة، ويدرك أن الزمن، في النهاية، هو أذكى اللاعبين".

وأضاف : "في معاوية، لم نكتب التاريخ بمنطق المنتصر والمهزوم ، لم نبحث عن الحقيقة في صياغاتها الجامدة، بل حاولنا أن نرى الإنسان خلف السياسة، وأن نعيد قراءة القصة بعيدًا عن صخب الروايات المتضادة. لم ننظر إليه كحاكم نقش اسمه في كتب التاريخ ، بعض الكتب مجدت سيرته ، وبعضها لعنته بلا هوادة ، بل رأيناه كروح عاشت، وتألمت، وانتصرت، روح ساقتها الضرورة إلى الهدى أحياناً ، و إلى الخطايا أحياناً أخرى ، ثم سارت إلى قدرها مثل كل من سبقوها ، المسلسل ليس عن صراع صحابة تقاتلوا ، لكنه عن إنسان خاض صراعه الأول مع نفسه ، ثم دارت به طاحونة الصراعات مخيراً أو مجبراً حتى نهاية العمر" .

وأثار مسلسل معاوية ضجة كبيرة قبل عرضه خلال موسم رمضان 2025، بعد الإعلان عن تجسيد الفنان إياد نصار شخصية الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وهو ما أدى لحالة واسعة من الجدل، حول مدى جواز تجسيد شخصيات كبار الصحابة وخاصة العشرة المبشرين بالجنة على الشاشة، وذلك استنادا إلى فتوى الدكتور علي جمعة المفتي الأسبق بتحريم تمثيل الأنبياء أو الرسل أو العشرة المبشرين بالجنة أو آل البيت الكرام.

ومسلسل معاوية بطولة لجين إسماعيل الذي يجسد دور معاوية بن أبي سفيان، وإياد نصار في دور الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأسماء جلال التي تقوم بدور زوجة معاوية، وسهير بن عمارة والتي تجسد دور هند بنت عتبة والدة معاوية بن أبي سفيان، ووائل شرف في دور عمرو بن العاص، ويزن خليل في دور عتبة بن أبي سفيان.

كما يشارك في مسلسل معاوية كل من أيمن زيدان، سامر المصري، عائشة بن أحمد، وجميلة الشيحي، محمد قريع، خالد حمام، حكيم بلكحلة، حمد مراد، ياسين بن قمرة، غانم الزرلي، ويخرجه طارق العريان.  

ويعرض مسلسل معاوية باللغة العربية الفصحى، في الأحداث التي جرت بعد وفاة الخليفة عثمان بن عفان، وتولى على بن أبي طالب الخلافة، وأحداث الفتنة، ثم الانتقال إلى عصر الخلافة الأموية بقيادة معاوية.

تم نسخ الرابط