و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

بدايته مع السد العالى

محمد صدقي سليمان.. عدو البيروقراطية وصاحب مبدأ «تكلم ولا تقدم أوراقا»

موقع الصفحة الأولى

دولة رئيس الوزراء محمد صدقي سليمان، المهندس وأحد بناء مشروع القرن في مصر، ووزير السد العالي الأول والأخير، ورئيس الحكومة في عهد عبد الناصر ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات في عهد السادات ومبارك، وعدو البيروقراطية وصاحب مدرسة الإنجاز في العمل بدون أوراق أو روتين.

ولد المهندس محمد صدقي سليمان في 7 سبتمبر 1919، في قرية السيفا بمركز طوخ بمحافظة القليوبية، وحصل على بكالوريوس الهندسة عام 1939، ثم دخل كلية أركان الحرب، ودرس مع الدفعة التاسعة، وزامله فيها كل من جمال عبد الناصر، وزكريا محيي الدين، وصلاح سالم أول الدفعة، وعبد الحكيم عامر ثاني الدفعة، وعبد المحسن كامل مرتجي، وثروت عكاشة، وكان "سليمان" من المهندسين العسكريين البارزين ليحصل على ماجستير العلوم العسكرية.  

وبعد ثورة 23 يوليو، شغل منصب سكرتير عام مجلس الإنتاج عام 1954، ثم سكرتيرا عاما للجنة التخطيط العليا عام 1956، ثم مديرا عاما للمؤسسة الاقتصادية عام 1961، ثم رئيس مجلس إدارة مؤسسة مواد البناء والحراريات.  

صدقي سليمان والسد العالي

 وبدأت قصة صدقي سليمان مع السد العالي عام 1962، حيث سادات حالة من القلق من تهديد فيضان النيل لمشروع بناء السد، وانتشرت تحذيرات من أن المياه ستجرف كل شيء وتهدم المشروع قبل اكتماله حتى تصل إلى القاهرة لتغمرها، حال عدم الانتهاء من الأعمال الهندسية المطلوبة لحماية البلاد من خطر الفيضان، قبل عامين.

وهنا قرر الزعيم الراحل جمال عبد الناصرالتدخل، وقال إن الحل عند صدقي سليمان، خاصة بعد نجاحه في العديد من الانجازات مثل المشاركة في تأسيس المصانع الحربية، ومصانع الحديد والصلب، وشركة سيماف، وشركات التعدين، ولمنحه كل الصلاحيات اللازمة، قرر ناصر إنشاء وزارة مستقلة للسد العالي.

وبالفعل، كان المهندس صدقي سليمان أول وآخر وزير للسد العالي، وبعد تكليفه سافر مباشرة إلى أسوان لتولي مهامه، ولكنه اشترط قبلها شرطين على عبد الناصر، وهما منحه صلاحيات رئيس الجمهورية خلال ممارسة مهامه، وإنشاء خط تليفون مباشر إلى مكتب رئاسة الجمهورية، ووافق الزعيم الراحل على المطلبين على الفور.

وقاد وزير السد العالي منظومة تضم أكثر من 30 ألف عامل مصري وخبير روسي، وكانت أولى المشاكل التي تواجه العمل في المشروع هي البيروقراطية، فقرر العمل بمبدأ: لا تقدم أوراقا، ولكن تكلم، وفضل عدم الجلوس في مكتبه وظل عند مشروع السد، يدير مجموعة العمل الضخمة، ويستقبل الشكاوى ويعمل على تنفيذ الحلول.

حقوق العمال

كما انحاز إلى العمال وحقوقهم، فأصدر قرار بعدم زيادة ساعات العمل عن 8 إلا مقابل أجر، وصرف مكافأة تشجيعية تبدأ من 5 جنيهات حتى 100 جنيه، عند إنجاز كل مرحلة من المشروع، كما خصص أماكن لإقامة العمال المتزوجين وأسرهم، وأنشأ فيها مجمعات استهلاكية ووفر فيها كافة المرافق وظروف الحياة المناسبة، ومن بينها تيسير إجراءات نقل أبناء العمال إلى مدارس أسوان، كما نظم حفلات ترفيهية للمشاركين في البناء أحياها العديد من الفنانين العرب والمصريين، وتقديرا لنجاحه والإنجازات التي تحققت في مشروع بناء السد العالي، منحه الزعيم جمال عبد الناصر وشاح النيل عام 1964.

رئيس الوزراء صدقي سليمان

وكلفه عبد الناصر بتشكيل الحكومة في سبتمبر عام 1966، واستمر به حتى 19 يونيو 1967، حيث شكل عبد الناصر الحكومة بنفسه بعد النكسة، وعين وزيرا للصناعة والكهرباء والسد العالي، كما أصبح عضوا في المؤتمر القومي للاتحاد الاشتراكي، والمشرف على هيئة قناة السويس عام 1969.

وعينه الرئيس محمد أنور السادات مستشارا لرئيس الجمهورية في نوفمبر 1970، كما تولى رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات من يناير عام 1971، حتى قدم استقالته عام 1987 في عهد الرئيس محمد حسني مبارك، كما منحه السادات قلادة النيل عام 1971.

وبعد استقالته من رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات، فضل المهندس صدقي سليمان الحياة في هدوء بعيدا عن الأضواء، حتى وفاته يوم 28 مارس 1996 عمر يناهز 77 عاما.

تم نسخ الرابط