و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

المصريين القدماء أول من عرفوها

الاحتفال بسعف النخيل من عيد الوادى بالعصور الفرعونية إلي أحد الشعانين

موقع الصفحة الأولى

إحتفل الأقباط أمس الأحد بعيد أحد السعف أو الشعانين كما يطلق عليه والذى يرمز الى ذكرى دخول السيد المسيح الى أرض أورشليم وإستقبلته الجموع الذين إفترشوا الأرض بجريد النخيل مع ملابسهم ترحيبا به وإمتنانا مع هتافهم بعبارة " هوشاعنا" وترجمتها خلصنا لابن داوود.

وصلى البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية قداس الشعانين بكنيسة رئيس الملائكه ميخائيل ببيت الكرمة فى كينج مريوط .

والسعف هو أوراق النخيل المجدولة والتى يتم تشكيلها على أيدى فنيين مهرة متقنين لها ويتوارثونها عبر الأجيال، ويمر الخوص بعدة مراحل تبدأ بقطعه من أعلى النخيل ثم تقطيعة بمنجل وآلات حادة معينة ثم نقعة فى مياه حتى يسهل تشكيله ويجلب من عدة محافظات منها الوادى الجديد والمنيا و دمياط  .

وقد وجد فى قبور الفراعنة اثار تاريخية للسعف من بينها تابوت الملك توت عنخ آمون وتبين أنهم كانوا يستخدمونه فى بعض أعيادهم مثل عيد الوادى بغرض الزينة لأنه كان يرمز فى معتقداتهم إلى عالم الخلود.
ثم تطورت صناعته عبر العصور وظل تراثا لدى الأقباط كل عام فى نفس الموعد المحدد؛ ينتشر بائعى السعف حول الكنائس يجدلونه ويصنعون منه مشغولات يدويه جميلة ومتنوعة مثل الطواقى والحقائب و الصلبان و أحيانا ملابس كاملة وهو الأمر الذى لاقى إقبال من السياح خلال جولاتهم وكانوا يتهافتون عليه لشراءه .

لا يقتصر الأمر على سعف النخيل فقط بل يتوافر لدى البائعين مشغولات أخرى من سنابل الزيتون التى يتم تعليقها فى المنازل والمكاتب رمزا للسلام والتفاؤل بالخير القادم، وتحول الأمر إلى فلكلور مصرى صميم وانتشر بين الناس حتى أن بعض المسلمين  بدأوا يشترون المشغولات السعفية ويشاركون الأقباط فى هذه المناسبة التى تمتد جذورها إلى أجدادهم من المصريين القدماء .

يقول الدكتور عاطف نجيب مدير عام المتحف القبطي سابقا واستاذ القبطيات بجامعة القاهرة، فى تصريحات  لـ الصفحة الأولى، أن السعف يرمز  للعباده كما فى عيد المظال ويرمز أيضا إلى شعار النصر كما فى المكابيين ، أي أنهم استقبلوا يسوع منتصرًا مُحقّقا نبؤءة زكريا بصفته المسيح.
وعن كلمة شعانين أوضح أنها مشتقة من الكلمة العبرانية "هو شيعه نان" والتي تعنى يا رب خلص ومنها تشتق الكلمة اليونانية "أوصنا" وهي الكلمة التي استخدمت في الإنجيل من قبل الرسل والمبشريين.

مخطوطات أورشليم الأثرية


وهي أيضا الكلمة التي استخدمها أهالي أورشاليم عند استقبال السيد المسيح  في ذلك اليوم و من الممكن أن يكون أحد الشعانين تمَّ الاحتفال به في مصر خلال القرنين الثاني والثالث، كعيد لنهاية الصوم الكبير دون علاقة مباشرة بأُسبوع الآلام وقد حفظت مخطوطة قديمة بأورشليم طقس قراءات أحد الشعانين من القرن الرابع إلى الخامس، ومن خلال هذه المخطوطة يظهر أنَّ أحد الشعانين كان مرتبطاً بأُسبوع الآلام ومتَّصلاً به كمدخل له بينما جاء في القاموس الكنسي Ecclesiastical Dictionary " إنَّ تاريخ الاحتفال بأحد الشعانين غير مؤكّد، ولكن توجد معلومات مؤكّدة أنَّه كان يُحتفل به في الشرق في القرن الخامس، أمَّا في الغرب فلم يُحتفل به قبل القرن السادس الميلاديّ ". 
وأكمل أنه خلال العقدين الأخيرين من القرن الرابع، ذهبت الراهبة إيجيرية Egeria لزيارة الأماكن المُقدَّسة، وسجلت في كتاباتها أقدم وصف عن مسيرة الشعانين كما رأت فدونت الآتي: " يجتمع المؤمنون عند الفجر في كنيسة القيامة، ومن هناك ينتقلون إلى كنيسة الجُلجُثة حيث تُقام خدمة الأحد العادية، ثم يقومون بطواف كبير في أوائل فترة ما بعد الظهر إلى جبل الزيتون حيث يُقيمون خِدَماً أُخرى، ومن ثمَّ ينتقلون حوالي الساعة الثالثة، إلى المكان الَّذي صعد منه المسيح ويُقيمون خِدمة أُخرى، ومن هناك يتَّجهون حوالي الساعة الخامسة بعد الظهر إلى أورشليم حاملين السعف وأغصان الزيتون، ويُقيمون صلاة الغروب في كنيسة القيامة، ثم يعودون مُجدداً إلى كنيسة الجُلجثة وينهون النهار بصلوات أُخرى " و في القرن الخامس نجد أثراً للاحتفال بأحد الشعانين في أديرة مصر وسوريا، فالعديد من الرهبان كانوا يأخذون موافقة من رؤساء الأديرة ليدخلوا البريّة كي يتعبَّدوا خلال فترة الصوم المُقدَّس ويعودوا إلى أديرتهم في أحد الشعانين ويُقال: إنَّ عيد الشعانين قد دخل مدينة الرها (العراق)، أثناء تولّي الأُسقف بطرس كرسيّ الأسقفية سنة (498م) أو قبل ذلك على يد الأُسقف قورا الَّذي سبقه. 


وحول عادة الطواف بالسعف، أوضح مدير المتحف القبطى السابق أنَّها على الأرجح دخلت في القرن الثامن والتاسع وجاء ذِكر الأغصان وتوزيع الزيتون في كتاب المدائح للبطريرك القدِّيس ساويرس الأنطاكيّ ووُضعت خُطب كثيرة عن هذا العيد لبرقلوس بطريرك القسطنطينية (434- 446م)، وأُخرى لمار أفرام السريانيّ ويعقوب السروجيّ؛ بعد ذلك الوقت انتشر طقس أورشليم انتشاراً سريعاً، فقبلته الكنائس الشرقيّة، وأصبح أحد الشعانين لها عيداً عظيماً. 

تم نسخ الرابط